"كلوب هاوس" هو تطبيق جديد يتيح لمستخدميه مشاركة أفكارهم وقصصهم، وبناء صداقات ضمن مجموعات للدردشة حول العالم، كل ذلك يتم باستعمال مقاطع صوتية فقط بدلاً من المنشورات النصيّة أو المرئية، ومن أسباب رواج التطبيق هو هامش الحرية التي يوفرها لمستخدميه لنقاش مواضيع مختلفة دون رقابة أو قيود. أحدث الكلوب هاوس جدلاً مجتمعياً في السعودية ودول الخليج، ليس بسبب فكرته؛ وإنما بسبب قدرته على الضجيج العالي الذي تُحدثه نقاشاته بشكل قد يراها البعض أنها تتسبب في ضرب المجتمع بأسره بلا أي ضوابط تنظيمية أو أخلاقية؛ فمن نقاشات واتهامات عنصرية وقبلية وطائفية، إلى أحاديث مفزعة تشكك في معتقدات الناس ودياناتهم، وصولاً إلى الحضيض بقصص غير أخلاقية معيبة تتصدر تلك الغرف وتنتهك مبادئ الناس، هذه النقاشات قد لا يقبلها أكثر المجتمعات انفتاحاً فكيف بالمجتمعات التي يغلب على جزء غير قليل منها المحافظة؟! ويقولون إنه ومن غير المعقول ألا تكون هناك مصدّات تمنع هذا الضرر والأذى للمجتمعات، بدلاً من تركها تتكاثر وتتعاظم، حتى يأتي وقت يصعب فيه السيطرة عليها وعلى تأثيراتها السلبية تجاه الغالبية من المجتمع. كذلك العالم ألبرت بورغمان في نظرته المتشائمة يقول إن وسائل التواصل الاجتماعي تأتي كبديل فقير عن الشيء الحقيقي، فإن رفع السقف الهائل غير الأخلاقي الذي تسبب فيه تطبيق حديث مثل "كلوب هاوس"، وهذا يطرح تساؤلات مشروعة عن غياب التشريعات والأنظمة التي تنظم عمل مثل هذه التطبيقات، وترك الفوضى عارمة بدخول غير قانوني لتطبيقات تنتهك خصوصيات المستخدمين وأخلاقهم ومبادئهم، وكذلك تتسبب في شق صف مجتمعات بعينها. ولكن التساؤل المهم لهؤلاء هو: ألم تكن كل وسائل التواصل الاجتماعي تحوي هذه الأمور؟! لماذا هذا الصخب والاعتراض على الكلوب هاوس فقط؟! ولكنها فكرة المعارضة والمقاومة لكل جديد، وبالذات ممن سيسحب من البساط في تطبيقات أخرى مثل السناب شات ممن سيفقدون جزءًا من جماهيريتهم. كثير من التطبيقات الإلكترونية نقل مجتمعات بأسرها إلى عالم سهل ومريح، وساعدها في اختصار أعمالها وتسهيل حياتها وتنظيم أوقاتها وتوسيع دائرة معرفتها، ففي الجانب الآخر فقد أخرج لنا الكلوب هاوس متحدثين بارعين كنا نقرأ مقالاتهم أو تغريداتهم، وعزز أيضاً مهارة الاستماع، والتي يتملك أصحابها ذهنية عالية وحساسة ومتوقدة، بالإضافة لإمكانية طلب المشاركة والتعليق وإبداء الرأي. وقد تألق العديد من الشخصيات الإعلامية والمثقفين والمهتمين بنشر الوعي وتوجيه الرأي العام في تقديم ما يفيد بأسلوب مبسط ومؤثر. لذلك يبرز هنا دور الأسرة ودور المربين والمثقفين والمؤثرين الحقيقيين ووسائل الإعلام في رفع مستوى الوعي المجتمعي عبر توضيح مفهوم الانفتاح ومفهوم الحرية وأهمية الاختيار وكيف يكون الشخص مسؤولاً عن اختياراته، وهذه تتم عبر مبادرات نوعية في خلق حصانة فكرية وأخلاقية لمستخدمي وسائل التواصل بصفة عامة حتى تؤدي النتائج الإيجابية والإثرائية في المجتمع، وتحقق الاستقرار الاجتماعي ونشر السلام والإيجابية، وأن تكون هذه الوسائل أدوات للتطوير وليس للهدم.