من البدائل التي وسعت من دائرة الأدوات الاستثمارية المتاحة، الخاضعة للرقابة والإشراف من جانب هيئة السوق المالية، هي صناديق الاستثمار العقاري، التي تصنف كما هو معروف إلى نوعين، مقفل ومتداول. النوع الأول هو ما يمثل الاستثمار العقاري المشترك، الذي يعطي الإمكانية للمستثمرين فيه المشاركة جماعياً في أرباح هذا الاستثمار، والتي تكون حصيلة أنشطة محددة لهذا النوع من صناديق الاستثمار العقاري، وهي إما التطوير الأولي لأراضي خام ومن ثم بيعها، وإما التطوير الإنشائي لمبنى محدد الاستخدام ومن ثم بيعه، وإما التطوير الأولي لأرض خام أو الإنشائي لمبنى محدد الاستخدام بهدف التأجير لمدة زمنية محددة ومن ثم البيع وإنهاء الصندوق، والأخير من بين تلك الأنشطة والأغراض الثلاثة هو مدار ما أود تناوله في هذا المقام، بعد ربطه بالنوع الثاني من صناديق الاستثمار العقاري وهي الصناديق المتداولة، التي تختلف عن النوع الأول المقفل من ناحية أنها تهدف إلى الاستثمار في العقارات المطورة والجاهزة للاستخدام التي تدر دخلاً تأجيرياً، وتتميز بانخفاض تكلفة الاستثمار فيها، على نحو ييسر على صغار المستثمرين الاشتراك بها، والقدرة على شراء وحداتها، بل وإمكانية تداول وحداتها فورياً في السوق المالية، خلاف أنها تدر دخلاً تأجيرياً يلزم من يتولى إدارتها على توزيع ما لا يقل عن (90 %) من صافي أرباحها سنوياً على ملاك وحداتها. ما أود طرحه هنا هو محدودية إن لم يكن ضعف استفادة القطاع السكني من صناديق الاستثمار العقاري المتداولة -مع تجاوز عمرها القصير نسبياً- بسبب مبرر موضوعي وهو حرصها على تنويع محفظتها الاستثمارية وتركيزها على القطاعات التي تدر عائداً أفضل -التجارية غالباً- لحملة وحداتها، مما نفقد بسبب ذلك دور هذه الصناديق في دعم جانب العرض للمساكن المعدة للتأجير وخاصة لذوي الدخل المتوسط ممن لا يملكون سكناً، الأمر الذي يبرز أهمية إيجاد وسيلة للربط بين نوعي صناديق الاستثمار العقاري المقفل والمتداول التي تتقاسم ذات الهدف وهو الاستثمار في القطاع السكني التأجيري، وذلك بحفز أن تكون الثانية (المتداولة) امتداداً للأولى (المقفلة) وأن ليس بالضرورة أن ينتهي الصندوق الاستثماري العقاري (المقفل) الهادف إلى التطوير الإنشائي لمبنى أو مبانٍ سكنية لغرض التأجير لمدة محددة بالبيع وإنهاء الصندوق، وإنما إمكانية أن يتحول إلى صندوق استثماري عقاري متداول، مع تهيئة الظروف وتوفير العوامل التي تقلل من تكاليف هذا التطوير وجعله منافساً لما في السوق، وقصر طرح نسبة معينة من وحدات الصندوق المتداولة على من لا يملكون سكناً.