مشروعات الأمن الغذائي الخليجية تحتاج لإعادة نظر أكد أمين عام اتحاد الغرف الخليجية الدكتور سعود المشاري، أن ما أعلن عنه ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان من فرص استثمارية كبرى في العشر سنوات القادمة وفق رؤية 2030، سيكون لها أثر إيجابي كبير على أنشطة القطاع الخليجي الذي سيسعى بالتأكيد للحصول حصة من هذه الفرص الواعدة، متوقعاً أن تسهم قرارات قمة العلا الأخيرة في زيادة حجم التجارة البينية بين دول المجلس، وبين المشاري في حوار خاص مع "الرياض" أن هناك بعض التحديات التي تواجه التطبيق الكامل للسوق الخليجية المشتركة، وتناول الحوار العديد من الشؤون الاقتصادية لدول الخليج. قمة العلا * في قمة العلا تم التأكيد على التنفيذ الكامل لرؤية الملك سلمان، التي أقرت وسط جدول زمني، محدد بما في ذلك استكمال مقومات الوحدة الاقتصادية واستكمال متطلبات الاتحاد الجمركي والسوق الخليجية المشتركة وتحقيق المواطنة الاقتصادية الكاملة عبر منح مواطني المجلس حرية العمل والتنقل والاستثمار، كيف ترى انعكاسات هذه القرارات؟ * في البدء نرفع أسمى آيات الشكر والعرفان لمقام خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان -حفظهما الله- على جهودهما الكبيرة التي تكللت بنجاح قمة قادة مجلس التعاون لدول الخليج العربية في العلا، وخروجها بعدد من القرارات والتوصيات التي تهدف إلى وحدة البيت الخليجي ودعم وحدته في عدد من المجالات في مقدمتها المجال الاقتصادي والاستثماري الأمر الذي سيكون له انعكاسات إيجابية على مستقبل التجارة والاستثمار في دول مجلس التعاون وبالتالي نتوقع أن تسهم هذه القرارات في زيادة حجم التجارة البينية بين دول المجلس. * إلى أي حد سيؤثر توفر لقاح كورونا على نمو الاقتصاد والتجارة الخليجية في العام الجديد وما توقعاتكم بحجم التجارة البينية والاقتصاد الخليجي؟ * سعت دول مجلس التعاون، منذ بدء تفشي وباء كورونا لاتخاذ كافة الإجراءات والاحترازات التي تحمي المواطن والمقيم بدول المجلس في المقام الأول، وكما عملت على حماية الاقتصاد الخليجي من أي تداعيات سلبية ناتجة عن الجائحة، وذلك باتخاذ وإطلاق عدد من البرامج والمبادرات لدعم الاقتصاد بشكل عام والقطاع الخاص الخليجي بشكل خاص وقد نجحت في ذلك، وها هي دول المجلس بدأت بتقديم اللقاح ضد كورونا حماية للمواطن والمقيم والاقتصاد، وهذه الخطوة سينعكس أثرها الإيجابي بلا شك على كافة الأنشطة الاقتصادية التي تأثرت من الجائحة ومتوقع عودة الحياة الاقتصادية وخاصة التجارة البينية بين دول المجلس إلى مستويات ما قبل كورونا وإلى الأفضل لا سيما قطاع الصحة والسياحة والنقل والخدمات وغيرها. * حدثنا عن التطلعات المستقبلية للسوق الخليجية المشتركة؟ * استفادت دول الخليج من تطبيق المسارات العشر للسوق الخليجية المشتركة بالرغم من أن هناك بعض التحديات التي تواجه التطبيق الكامل للسوق، والتي نعمل على حصرها مع القطاع الخاص لرفعها للجان المعنية في الأمانة العامة لمجلس التعاون للعمل على معالجتها ولعل اكتمال تطبيق مسارات السوق الخليجية المشتركة ستمهد الطريق لتحقيق الوحدة الاقتصادية الكاملة بين دول المجلس، مما سيفتح المجال أمام القطاع الخاص الخليجي لمزيد من العمل والنشاط وتفعيل دوره في مسيرة التنمية الاقتصادية والاجتماعية بمفهومها الشامل سواء في مجال التجارة والاستثمار والبنية التحتية والخدمية وغيرها من المجالات الاقتصادية التي يتوقع أن يلعب القطاع الخاص الخليجي دوراً محورياً ومتقدماً في العمل على تنميتها واستغلالها، ولتحقيق ذلك فإننا ندعو إلى تضافر الجهود بين القطاعين العام والخاص لمعالجة كافة التحديات التي تواجه تطبيق السوق بالشكل الأمثل. * عاش العالم أجمع عاما صعبا بسبب جائحة كرونا ماذا فعل الاتحاد للتغلب على آثار هذه الجائحة؟ * عمل الاتحاد منذ بداية الجائحة على تعريف القطاع الخاص الخليجي بتداعياتها وتأثيرها على الاقتصاد الخليجي، ووضع الحلول للتصدي لآثارها، فقد سعى الاتحاد لممارسة دوره في دعم نشاط القطاع الخاص "عن بعد" من خلال تنويره بالإجراءات الاحترازية التي أقرتها دول الخليج منذ بداية الجائحة فقد كان الاتحاد حلقة وصل بين كافة القطاعات الاقتصادية والتجارية والصناعية وقطاع النقل والخدمات اللوجستية في دول الخليج لدعم الجهود الرسمية لمواجهة آثار الجائحة، كما وأصدر الاتحاد تقريرا متكاملا حول تداعيات كورونا على القطاع الخاص الخليجي تضمن رؤية الاتحاد لكيفية التصدي للجائحة، وقد خرج التقرير بتوصيات مهمة، كما أعد الاتحاد استبيانا اقتصاديا حول ""التأثيرات الاقتصادية لفيروس كورونا على القطاع الخاص الخليجي"، بالتعاون مع الاتحادات والغرف الأعضاء، كما حرص الاتحاد على المشاركة الدولية والخليجية عبر اللقاءات الافتراضية عن بعد من بينها لقاء نظمه اتحاد الصناعات الهندية حول الفرص والتحديات التي تواجه القطاع الخاص الخليجي في ظل هذه الجائحة، كما شارك في اجتماع وضع التصور الشامل لورشة السوق الخليجية المشتركة بعد (كوفيد 19) مع الأمانة العامة لمجلس التعاون لدول الخليج العربية. حزم إنقاذ * ما أبرز القطاعات التي تطلبت لحزم إنقاذ من الحكومات؟ * قطاعات عده تأثرت سلبا بتفشي وباء كورونا مثل قطاع الصناعة، الاستيراد والتصدير، والبنوك والمؤسسات المالية والبورصات، والسياحة والفنادق والمؤتمرات والعقار وقد تناولها التقرير الذي أعده الاتحاد حول "تداعيات كورونا على القطاع الخاص، بالتفصيل، ولكن بالوقت ذاته وقفت الحكومات الخليجية بشكل إيجابي يتناسب مع أهمية كل قطاع، فعلى سبيل المثال، أحد القطاعات الحيوية التي تأثرت بالأزمة هو قطاع الصناعة، فهذا القطاع أولته دول المجلس أهمية كبرى للتنمية الصناعية، وقدمت له جميع وسائل الدعم والتشجيع، ونتيجة لذلك فقد خطت الصناعة الخليجية خطوات كبيرة، تمثلت بصورة أساسية في التطور الذي شهدته أعداد المصانع والاستثمارات وعدد العاملين وبشكل متواز، ارتفع المال المستثمر من نحو 222 مليار دولار أميركي في العام 2010م إلى نحو 420 مليار دولار في العام 2017م وبمعدل نمو تراكمي للسنوات الخمس بلغ 14.4 %. كما تم توظيف نحو 158 مليار دولار في المشروعات الصناعية التي أقيمت خلال السنوات الخمس الأخيرة، ومع حدوث أزمة الوباء خصصت الحكومات الخليجية جزءا كبيرا من الحزم الاقتصادية لدعم قطاع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة على شكل إعانات مباشرة، وقروض ميسرة والإعفاء من الرسوم وغيرها، وهذه الإجراءات وإن كانت مهمة للغاية إلا أنها تظل حلولا مؤقتة لتدعيم قدرة هذه المؤسسات للتعايش مع وقت الأزمة، وتظل بحاجة إلى خطة دعم متوسطة الأجل تضمن إعادة مسار عجلة إنتاجها الطبيعي. * من ضمن الدروس المستفادة من الجائحة ضرورة الاهتمام بتوفير الأمن الغذائي الخليجي ما الإجراءات التي تعملون عليها في هذا الجانب؟ * أجبرت الجائحة معظم دول العالم للعمل على تعزيز برامج الأمن الغذائي، خاصة الدول التي تعتمد بشكل كبير على الاستيراد، بالمقابل نجحت دول الخليج في تعزيز الأمن الغذائي خلال الجائحة إلا أنه يجب إعادة النظر في مشروعات الأمن الغذائي داخل دول مجلس التعاون دون الاعتماد الكلي على الاستيراد لمنتجات من الممكن أن تنتج في دول المجلس، وبالتالي تلعب دوراً مهماً في زيادة الإنتاج المحلي، وعلى تشجيع الصناعات الغذائية ودعمها وتحفيزها لتعزيز الأمن الغذائي، لعل هذا الأمر لتحقيقه يحتاج إلى عقد سلسلة لقاءات بين الجهات الرسمية والقطاع الخاص لتوحيد الرؤى حول موضوع الأمن الغذائي الخليجي خاصة خلال الأزمات، وهنا لا بد من الإشادة بمقترح قدمته دولة الكويت في اجتماع وزراء التجارة الخليجيين العام الماضي بخصوص إنشاء شبكة أمن غذائي على مستوى دول مجلس التعاون الخليجي بهدف تحقيق الأمن الغذائي الخليجي. * أعلن سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان مؤخراً عن فرص استثمارية كبرى تصل قيمتها 6 ترليونات في العشر سنوات القادمة منها 3 ترليونات استثمار في مشروعات جديدة، فما هو الدور الذي من الممكن أن يلعبه الاتحاد بهذا الخصوص لتحظى دول الخليج بنصيب الأسد من هذه المشروعات؟ * بالتأكيد ما أعلن عنه الأمير محمد بن سلمان من فرص استثمارية كبرى، سيكون لها أثر إيجابي كبير على أنشطة القطاع الخليجي الذي سيسعى بالتأكيد للحصول حصة من هذه الفرص الواعدة ونحن لن ندخر جهداً حتى يستفيد القطاع الخاص الخليجي من هذه الفرص. * ما دور اتحاد الغرف في إصلاح سوق العمل الخليجي؟ * نحن في الاتحاد نقدم باستمرار رؤيتنا حول قضايا التوطين في سوق العمل الخليجي، ولكن كما تعلمون أن لكل دولة من الدول الأعضاء في المجلس استراتيجيتها وبرامجها فيما يتعلق بتوطين الوظائف، وقد نجحت كثير من هذه الدول في تحقيق ذلك وكل ذلك يدعم فرص التوطين في سوق العمل ككل، ولكن هذا لا يمنع الاتحاد من تقديم رؤيته وتوصياته التي تسرع من عمليات التوطين، ولعلي أشير هنا إلى الدعوات المتكررة للاتحاد بأهمية دعم رواد الأعمال والمخترعين وأصحاب المنشآت الصغيرة التي تخلق فرص عمل واعدة للشباب الخليجي. * ما توقعاتكم بحجم ونمو الاقتصاد والتجارة الخليجية في 2021؟ * نجحت دول مجلس التعاون الخليجي، في إحداث قفزة قوية فيما يتعلق بحجم التجارة البينية من 6 مليارات دولار العام 1983 إلى أكثر من 100 مليار دولار خلال السنوات الثلاث الماضية، بنسبة نمو متسارعة سنويا، ولعل هذه القفزات في حجم التجارة البينية بين دول المجلس تحققت نتيجة السعي نحو تطبيق الاتحاد الجمركي الخليجي، الذي أسهم في زيادة التجارة البينية بين دول مجلس التعاون الخليجي إلى هذه المستويات، بالإضافة لقيام السوق الخليجية المشتركة وتطبيق نظام المدفوعات والتسويات الخليجية، فقد عملت اللجان المالية والتجارية الفنية في دول المجلس على دعم حركة التجارة البينية بشكل كبير. * لا شك أن دول الخليج بما تملكه من إمكانيات واستقرار أصبحت مهيأة لتكون مركزا لأهم الاستثمارات العالمية، فما الجهود التي تبذل من قبل الاتحاد لجلب هذه الاستثمارات؟ * ظلت دول الخليج مركزا مهما لجذب الاستثمارات العالمية، وقد تمكنت دول الخليج بالفعل في جذب هذه الاستثمارات طوال العقود الماضية والآن دول الخليج تعمل على تعديل تشريعاتها وأنظمتها الخاص لتشجيع عمليات تدفق الاستثمارات العالمية، ولعلنا نلحظ ذلك من خلال العديد من الاستثمارات العالمية التي حققت نجاحات كبيرة في دول المجلس. * هل لدى الاتحاد رؤية لدعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة؟ * المنشآت الصغيرة والمتوسطة تعتبر من محركات النمو الاقتصادي في دول الخليج، بفضل ما تولده من فرص عمل للشباب الخليجي وخلق فرص للابتكار الإبداع ونحن في الاتحاد نعمل على تشجيع ريادة الأعمال في المنشآت الصغيرة والمتوسطة من أجل تعزيز مساهمة هذه الفئة في الناتج المحلي الإجمالي لدول المجلس ولعل ذلك يتحقق من خلال دعم هذه المشروعات وتقديم كافة التسهيلات لها سواء من حيث خفض رسوم الخدمات التي تفرضها الدول على هذه المنشآت وكذلك توفير فرص للتمويل وفق تسهيلات مجزية. الدكتور المشاري متحدثاً للرياض