يبدأ الاقتصاد الخليجي عقده الخامس برصيد كبير من الإنجازات والتطلعات المشتركة الطموحة التي تعززها نتائج قمة العلا لقادة دول المجلس في تعزيز وتوسيع التكامل الاقتصادي في كافة القطاعات ، وترسيخ التعاون وزيادة معدلات النمو ، خاصة مع تجاوز تداعيات جائحة كورونا ، حيث استطاع تحمل تبعات تلك الأزمة بقوة الناتج الإجمالي والاحتياطيات النقدية وتمتعها بالمرونة الكافية لتلبية مبادرات تخفيف آثار الجائحة على مواطنيها والقطاع الخاص ، وقدمت المملكة العربية السعودية نموذجا مميزا لهذا النجاح ، إلى جانب دورها ومبادراتها التاريخية خلال ترؤسها لمجموعة الدول العشرين الأكبر اقتصادا في العالم. مقومات القوة الاقتصادية يمثل الاقتصاد الخليجي كتلة مؤثرة في الاقتصاد العالمي ، حيث يشكل أحد أكبر التجمعات الاقتصادية بناتج إجمالي يعادل 1.6 تريليون دولار، ما يضعه في المرتبة الثانية عشرة، حسب تقارير دولية ، وعلى هذا الصعيد تتصدر المملكة العربية السعودية دول المجلس بناتج يبلغ 793 مليار دولار "2.97 تريليون ريال"، يمثل 48 % من الإجمالي الخليجي ، وتأتي دولة الإمارات العربية المتحدة في المركز الثاني بنحو 421 مليار دولار، تمثل 26% من الإجمالي، ثم قطر 183 مليار دولار، تشكل 11 % من الإجمالي ، فيما حلت الكويت رابعا بناتج محلي يبلغ 135 مليار دولار، تمثل نحو 8 في المائة من إجمالي دول الخليج بنهاية عام 2019 ، وجاءت عمان في المركز الخامس ب77 مليار دولار، ثم البحرين في المركز السادس 39 مليار دولار. ولدى دول الخليج ثروة مؤكدة من النفط الخام والغاز الطبيعي، تشكل قرابة ثلث الاحتياطات المؤكدة عالميا، وتزود العالم حاليا بأكثر من 15% من الطلب العالمي على النفط الخام، بقيادة المملكة العربية السعودية. ومن عناصر القوة الاقتصادية امتلاك دول التعاون الخليجي لصناديق سيادية ، تعد من ضمن أكبر عشرة صناديق في العالم ، بحسب الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي الدكتور نايف الحجرف ، وتقوم هذه الصناديق بدور كبير في تعزيز الاقتصاد الوطني لدولها ، مما يمثل قوة اضافية للاقتصاد الخليجي من خلال استثماراتها الكبيرة. أيضا تمتع دول المجلس باحتياطيات أجنبية بلغت بنهاية عام 2019 نحو 620.5 مليار دولار "2.33 تريليون ريال ، واستحوذت السعودية على النصيب الأكبر ب499.5 مليار دولار تمثل 80.5 % من الإجمالي. وتشمل الاحتياطيات الأجنبية للدول الخليجية: (الاستثمارات في أوراق مالية في الخارج، والنقد الأجنبي والودائع في الخارج، والاحتياطي لدى صندوق النقد الدولي، وحقوق السحب الخاصة، والذهب) وتسهم هذه الاحتياطيات وفي مقدمتها النقد الأجنبي في دعم العملة المحلية وسياسة سعر الصرف والأنشطة الاقتصادية ، وتوفير الواردات من السلع في الظروف الاستثنائية، كما تمكن اقتصادات الدول من امتصاص الصدمات الاقتصادية محلية كانت أو عالمية. كما تتمتع اقتصاديات دول التعاون الخليجي بقوة أسواقها المالية التي تقدر تبلغ ثلاثة ترليونات دولار، وقد عزز إدراج شركة أرامكو السعودية هذه القيمة ، كما حصلت أسواق مال دول مجلس التعاون على تصنيفات من أكبر وكالات تصنيف أو المؤشرات، وهذه المنجزات تمثل ثمارا اقتصادية مميزة لمسيرة أربعين عامًا رغم التحديات التي شهدتها المنطقة والاقتصاد العالمي. وبالنسبة للتجارة البينية بين دول مجلس التعاون الخليجي ، فقد تجاوز بين دول المجلس 91.3 مليار دولار خلال عام 2019، وتتوفر الفرص لزيادة حجم التجارة البينية في المجلس، والاستفادة من قرارات المجلس الأعلى الواردة في الاتفاقية الاقتصادية ، ووثيقة السوق الخليجية المشتركة حول تشجيع التجارة البينية ، خاصة مع عدم وجود تعرفة جمركية بين دول المجلس على المنتجات الوطنية المنشأ. السعودية وجهة استثمارية تتمتع المملكة بجاذبية استثمارية ونجحت في رسم خارطة طموحة للاستثمار المحلي والأجنبي والشراكات الواسعة في مختلف المجالات بإتاحة فرص الاستثمار بمزايا واسعة ، حققتها الإصلاحات الهيكلية الكبرى التي جعلت من السعودية إحدى أبرز مناطق الجذب للفرص الاستثمارية الأجنبية، وقد سجل ذلك تقرير الاستثمار العالمي 2020 الصادر عن مؤتمر الأممالمتحدة للتجارة والتنمية (أونكتاد) الذي أكد أنها تعد إحدى الوجهات الرئيسية الآمنة للاستثمار الأجنبي رغم جائحة كورونا المستجد، مفصحة عن ارتفاع تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر بنسبة 7% للسنة الثانية على التوالي لتصل إلى 4.6 مليارات دولار. فقد تمكنت المملكة من تخفيف تبعات الوباء على الاقتصاد الوطني وأصبحت مصدرا موثوقا ومحفزا لجذب الاستثمارات، مما يعكس الثقة العالية لدى المنظمات الدولية وتحديداً المالية في قوة الاقتصاد السعودي ومجالات الاستثمارات المختلفة والتي تتوافق مع رؤية المملكة 2030 ، رغم العقبات الاقتصادية التي تواجهها دول العالم منذ ظهور الجائحة كظروف استثنائية لم تعطل الاستثمارات أو التنمية ومستقبلها وقيمتها الاقتصادية.