أخذت مهنة التمثيل في الخليج مساراً مختلفاً تماماً يعتمد في مجمله على الأرقام والشكل والعلاقات، بعدما كانت المهنة تصطاد وبصعوبة بالغة أصحاب الموهبة، بخلاف اليوم حيث أصبحت الموهبة أقل المعايير أهمية مقارنة بأرقام متابعي الشخص الذي يريد ممارسة المهنة وشكله. الممثلات بالذات هن أكثر من تأثر بتغير هذه القواعد ولذلك أصبح الخيار الأسهل لمعظمهن هو الانسحاب، حيث أصبح واضحاً أنه لم تعد للجمهور سطوة على الأمر وسواء قبلوا ببعض الأسماء أم رفضوها لم تعد جهات الإنتاج المسيطرة حالياً على السوق تبدي أي اهتمام لآراء هذا الجمهور. التغيرات التي أطاحت بالكثير من البديهيات في الوسط الفني بالخليج جعلت الأمر سطحياً لدرجة أنه حتى ولو تم اكتشاف موهبة حقيقية فسريعاً ما سيتم تجاهلها أو إرجاعها للصفوف الثانوية، تماماً كما حدث مع روان المهدي التي تستحق أن تُرشح لأدوار ذات مساحة جيدة، إلا أنه سريعاً ما تم وضعها في نفس الخانة مع أسماء تقل عنها بالموهبة عشرات الدرجات لكن تفوقها من ناحية أرقام المتابعين على مواقع التواصل، كالممثلة نور الغندور على سبيل المثال. بعض الممثلات أصحاب الموهبة فضلن الانسحاب من مواجهة نفس المصير الذي لاقى زميلات لهن، ربما يتفوقن عليهن بالموهبة، كالممثلة هند البلوشي التي تمتلك أدوات تمثيلية تجعلها الأولى بين بنات جيلها ولكن لا نرى المنتجين يتسابقون عليها بأدوار تناسب موهبتها ورغم ذلك لا زالت صبورة في انتظار الفرصة التي تستحق، بينما أخذت ممثلة أخرى من نفس الجيل وهي هيا عبدالسلام خطاً آخر حتى لا تواجه نفس المصير وذهبت للإخراج الذي استطاعت أن تصنع فيه اسماً ومساحة لنفسها بدلاً من البقاء مكانها كما حدث مع البلوشي. في نفس الوقت، هناك من فضلن الانسحاب التام كالممثلة الموهوبة صمود الكندري التي حاولت هي أن تصنع لنفسها الفرصة الجيدة عندما تحولت إلى منتجة ورغم ذلك لم تستطع تحمل المهنة بأعبائها الجديدة، وأمل العوضي التي ورغم ضعف موهبتها إلا أنها فضلت الانسحاب على الانصياع للغة الأرقام والحسابات الفنية الجديدة! فنانات جدد على الساحة أيضاً رفعن راية الاستسلام سريعاً، كالفنانة شيماء سليمان التي خرجت من عائلة فنية معروفة، حيث تعمل بالفن والدتها وخالاتها وأيضاً شقيقتها ورغم ذلك لم ترَ نفسها في وسط مماثل بشكله الذي أصبح عليه، معلنة انسحابها التام من الوسط التمثيلي وتوقفها عن الأمر في حين فضلت البقاء كمغنية وهي الموهبة التي عرفها من خلالها الناس، بينما في المقابل هناك فنانات يملكن تاريخا طويلا وأرشيفا كبيرا من الأعمال الدرامية ويمارسن مهنة التمثيل من عمر مبكر كشجون الهاجري الغائبة تماماً وأميرة محمد المتواجدة على مضض، عبرن أكثر من مرة أن المهنة لم تعد تستهويهن رغم تعلقهن بالتمثيل، لكن الأعباء لم تعد قابلة للتطويع مهما حاولن. والحقيقة أن المشهد العام، يثبت يوماً بعد الآخر أن البقاء في المهنة ليس للأقوى، بل للأقدر على التكيف مع أي متغيرات، وأي تنازلات، والمقصود طبعاً التنازلات الخاصة بمساحة التواجد، أي من يقبل أن يكون في أي صف بغض النظر عن ترتيب اسمه بين هذه الصفوف، من يقبل أن يسحبه المنتج من الصف الأول أو الثاني للصف الخامس في أي وقت ولأي سبب ليست له أي علاقة بالتمثيل. خفت نجم أمل العوضي مؤخراً في الدراما الخليجية