مع تسارع وتيرة التطوّر الحاصل في منصات التواصل الاجتماعي أطلّت علينا تطبيقات جديدة تعتمد على البث المباشر، عدّها البعض ثورة جديدة في عالم الاتصالات، فيما أبدى آخرون تخوفهم منها لما يسببه من مشكلات اجتماعية وأخلاقية وسياسية. وعلى الرغم من تأكيد تلك التطبيقات على أن محتوى الفيديوهات بعيد عن بعض الممارسات السلبية، ويتعلق بتكوين صداقات محترمة، إلاّ أن الواضح أنها لم تُحدد طبيعتها، والمعايير المهنية والثقافية للمشاركين بها، بل الكثير من الفتيات يظهرن بشكل غير لائق يتواصلن مع شباب من مختلف الأعمار والثقافات والجنسيات؛ لأن الغرض لم يعد فقط للتواصل والتسلية، بل جني الأموال أيضاً، فالوظيفة سهلة، والمقابل بالدولارات. الأسرع نمواً وأطلقت بعض الشركات تطبيقات اعتبرت الأسرع نمواً في العالم، ولديها ما يزيد على أربع مئة مليون مستخدم، بل إن بعضها يُعد حالياً رائد السوق في صناعة البث المباشر، كما لا يخضع لأي من القوانين الدولية، وبالتالي يمكن أن يتم استعمال المحتوى الموجود في التطبيق للابتزاز لاحقاً، كما تُشجع التطبيقات المشاركين فيه على الدردشة مع باقي المستخدمين بشكل عشوائي بالصوت والصورة -فيديو-، وعلى إقامة علاقات مع غرباء في جميع أنحاء العالم، سواء أكان بين شخصين أو مجموعة قد تصل إلى تسعة أشخاص، وعلى الرغم من أن تلك التطبيقات مجانية، إلاّ أنها تسمح للمشاركين بشراء عملات رقمية تختلف في مسمياتها بين التطبيقات، لتقدم كهدايا يتم إهداؤها للحسابات التي تقوم بالبث المباشر، ما يمكن أصحاب هذه الحسابات من استبدالها لاحقاً بمكافآت مالية، لذلك يقوم معظم المشاركين بأمور جنونية لزيادة المتابعين وكسب المزيد من الهدايا، وذلك من خلال تنافس عبر البث المباشر، يفوز من يحصل على أكبر عدد من النقاط ثم يعاقب الخاسر بشكل مباشر وأمام الجميع. ومن شروط بعض التطبيقات أن يقوم منشئ الحساب بتسجيل فيديوهات حية لمدة ثلاثين ساعة أو يزيد في الشهر الواحد، وكلما حققت هذه الفيديوهات مشاهدات عالية ارتفع «التارجت» وزاد العائد، كما لا تشترط على المشاركين عمراً محدداً أو مكاناً مشروطاًً للبث، فهي وظيفة سهلة ومليئة بالمشاركين الذين يتنافسون على المال، ويحصلون على فتيات شبه عاريات في بعض الأحايين، حيث يختار المشارك من الفتيات ما يعجبه مظهرها وأنوثتها، بينما هي تتحمل سفاهته لأنها لا ترى سوى «التارجت» الذي يملأ حسابها بالدولارات، وقد لاقت هذا التطبيقات رواجاً كبيراً، لا سيما بعد استقطاب مشاهير التواصل الاجتماعي للفتيات، وتغاضى بعض المشاهير عن الكثير من إخفاقات محتوى الفيديوهات، إلاّ أنهم لم يتغاضوا عن إعلان تطبيقات تحض على نشر أمور سلبية بين الشباب من الجنسين، حتى أضحت كارثة هذا العصر الذي غرقنا فيه. تطبيقات «البث المباشر» تسهل تحصيل الأموال مقابل إغراء المتابعين! علاقات كاذبة وعلى الرغم من صعوبة الاتصال بهؤلاء المشاهير واقتطاع جزء من وقتهم، إلاّ أننا بعد محاولات عديدة استطعنا الحديث مع بعض العينات التي جرى تحديدها مسبقاً، وكانت أولى العينات طالبة جامعية عربية مقيمة في إحدى الدول الأوروبية نتحفظ -حسب رغبتها- على ذكر اسمها، دخلت على أحد تطبيقات البث المباشر، وخلال أيام قليلة حصلت على مشاهدات كثيرة، وفي بثها الأول على التطبيق لحظت أن معظم الداعمين لها من الشباب، وقام أحدهم بطلب التواصل معها عبر الرسائل الخاصة بعد تقديمه هدية لها، لتجده يطلب منها تخفيف ملابسها، لتقوم بحظره، وأبلغت منصة التطبيق بذلك، إلاّ أن المنصة أكدت لها أن الرجل لم يقصد التجاوز، وإنما يقصد أن يراها بصورة أفضل!، بل طلبت منها أن تتفاعل مع المشاركين والداعمين لتحصل على الكثير من الهدايا، وكلما زادت الهدايا زاد عدد النقاط، وبالمقابل زاد الدخل وتحقق المستهدف. وأضافت أن المنصة عندما تستدرج الفتيات تؤكد لهن أن النظام لا يسمح بالتجاوزات، وأن المنصة من خلال المشرفين ستساعدها في تحقيق الهدف إذا فشلت في تحقيق الحد الأدنى للمشاهدات والنقاط، وعندما فشلت الفتاة في الحصول على الحد الأدنى من النقاط في أحد الأشهر لظروفها الدراسية، لم يقم التطبيق بدعمها، وإنما طلب منها بعض التجاوزات مثل تخفيف الملابس والغنج والكلام المبتذل وغيرها من الإغراءات الجاذبة للشباب!. لذلك تواصل معها الكثير من الداعمين عبر الرسائل الخاصة، ومن ثم عبر «الواتس أب»، وتطورت الأمور معها لعلاقات عاطفية كاذبة مع عدة أشخاص، كل منهم يظن نفسه الوحيد في حياتها، وانهالت عليها الأموال شهرياً ما بين ثلاثة عشر ألف يورو وسبعة عشر ألف يورو، مقابل هذه المكالمات الماجنة، ومع رجال بمختلف الأعمار، وهناك من يصر على مقابلتها في دولة الاغتراب، وهذا ما يخيفها كما زعمت، وتفكر بشكل جدي إنهاء علاقتها بهم، وكذلك مع تطبيق البث المباشر بعد أن استطاعت شراء شقة صغيرة بدولة الاغتراب بمئة وسبعة وعشرين ألف يورو، وارتبطت بعلاقة عاطفية مع زميل الدراسة الذي لا يعلم شيئاً عن مصدر أموالها. توجيه اتهامات وكان لنا اتصال آخر مع مشهور عربي مقيم في تركيا نتحفظ على ذكر اسمه، ومن خلال الحديث معه عن أحد التطبيقات وسلبياته وإيجابياته، أكد لنا أنه لو أراد الإثراء السريع لتحقق له ذلك، وذكر لنا، بعد إصرارنا على معرفة طريقة الإثراء الذي يعنيه، أن هناك أشخاصاً اتصلوا به طالبين منه توجيه اتهامات معينة يرسلونها له وشتائم لبعض الدول العربية عبر التطبيق، مقابل مبلغ مالي شهرياً، إضافة إلى دعمه بالهدايا على منصة التطبيق، لكنه رفض ذلك كما ذكر، وعلم بتوجهاتهم الخبيثة المعادية. وأيضاً جرى التواصل مع مشهور عربي آخر قد عرضنا عليه إجراء حوار لإبراز ذكائه ودهائه، وأسباب شهرته، وحبّ الداعمين له، حتى يفتح لنا قلبه، وكانت المفاجأة من خلال حديثنا معه أنه من المتعاطفين مع الحوثيين بشكل غير علني، محاولاً أكثر من مرة تبرير إرهابهم، رغم أن معظم الداعمين له في تطبيق البث المباشر من المواطنين السعوديين. اضطراب حقيقي واتصلنا بفتاة أخرى جامعية، وسألناها عن سبب شهرتها ودخولها في التطبيق، وكانت الإجابة أنه كان لديها شعور بأن العالم قد ينتهي مع جائحة كورونا، وما زالت عازبة، وبدأت تفكر في الارتباط، وزادت الرغبة في الزواج، ومع ندرة الشباب المتقدمين، قررت استخدام أحد التطبيقات لإيجاد شريك العمر، على الرغم من أنها لا تؤمن بالصداقة مع الشباب أو الزواج من أحدهم عبر التطبيق، وتبيّن لها لاحقاً أن الشباب يتعاملون من الفتيات على أنها نزوة ستزول مع مرور الوقت، لذلك هي تنصح الفتيات بعدم الانسياق وراء هذا النوع من العلاقات الناتج عن اضطراب حقيقي في المشاعر، وأكدت على أن هذا اليوم هو الأخير لها في منصة البث المباشر، ولن تعود مرة أخرى، قناعة منها، كما تمنت لجميع الشباب من الجنسين الابتعاد عن العيش في تيه الشيطان، واللهث خلف المال. وتواصلنا أيضاً مع شابين آخرين من أصحاب بث الفيديوهات الهابطة، واللذين ليس لهما أي محتوى يقدمانه سوى تسويق الانحدار الأخلاقي، والبحث عن الشهرة بأي وسيلة، ولفت الأنظار إليهما، بجانب الربح المادي الذي يحصلان عليه مقابل زيادة المشاهدات. وعندما طلبنا من أحدهما الأدب في الحديث والجدية في الإجابة، ردّ متهكماً أنه تربّى على أن «التفاهة» هي مصدر الشهرة، وهي لغة العصر. حُمَّى الشهرة تدفع إلى نشر ثقافات غير لائقة وعلاقات مرفوضة كبت نفسي ولا شك أن هؤلاء الشباب المراهقين أغلبهم يعاني من ضغط وكبت نفسي، وفي أحايين أخرى يعاني شعوراً بالدونية، لا سيما أن معظمهم تأهيله العلمي لا يذكر، ويحاول تجاوز ذلك عبر هذا التطبيق، بصرف النظر عن المحتوى الذي قد يكون تافهاً أو مثيراً أو يسوق للانحدار الأخلاقي. لذلك من خلال هذه الاتصالات القصيرة والصعبة مع هؤلاء الشباب الباحثين عن الشهرة عبر منصة التطبيقات، والحديث معهم حول نقاط بعينها، استنتجت عدة أمور سأتطرق إليها بالتفصيل في دراستنا هذه، ومن أهمها: ارتكاب المحظور، حيث إن هناك أموراً ثلاثة تمنع سياسة التطبيقات الخوض فيها، وهي السياسة والدين والجنس، وإلاّ تعرّض المشارك للحظر المؤقت، وفي حال تكرار التجاوز يتم حظره نهائياً، وعلى الرغم من أن هذه التطبيقات منعت الخوض في الأمور الثلاثة، إلاّ أنه يتم التسامح مع مرتكبيها، واضعين جملة أن المنصة ليست مسؤولة عن المحتوى الذي ينشره المستخدم!، لكن هذه السياسة لا تتفق مع الواقع الذي يظهر تورط مشهورين في محادثات عنصرية وأخرى منافية للآداب، والسماح لفتيات بعرض خدمات إلكترونية مخلّة مقابل هدايا من المتابعين. وغالباً ما يتعرض المشاركون في التطبيق إلى إساءات عنصرية وألفاظ جنسية وتهكمات مناطقية وتعليقات مهينة من بعضهم البعض، ومن المتابعين لهم عبر الشات، وأحياناً تعليقات تستهدف رموزاً وطنية، لا سيما إذا كان أحد المتنافسين المشاركين من دولة أخرى، حتى امتلأت تلك التطبيقات بالمحتوى الفاحش والتنمر، ثم تُنشر الفيديوهات على اليوتيوب للحصول على نسب مشاهدات عالية دون أي اعتبار لما سيلحق بالمشارك، لا سيما في ظل غياب ثقافة التعامل مع وسائل التواصل الاجتماعي وتجنب مخاطرها. اصطياد الأثرياء ونجد أن الهدف الأسمى والأهم لبعض تطبيقات البث المباشر هو محاولة جذب أكبر عدد من المشاركين لترتفع القيمة السوقية له، حتى لو بات شريكاً رسمياً لأي عمليات مخلة بالآداب أو جريمة منظمة، لأن الهدايا التي يبيعها على المشاركين، ويحصل على ثمنها، هي الأهم لديه، عكس التطبيقات الغربية التي لديها اتفاقية استخدام صارمة تحارب هذه التجاوزات، وعلى الرغم من تلك الرواتب الكبيرة التي تُقدمها التطبيقات لهؤلاء المشاهير، إلاّ أن هناك بعض الفتيات لم يرضهن ذلك، لا سيما من تملك مواصفات الجمال والدلع، فأردن تحقيق المزيد من المال من خلال اصطياد الأثرياء من المتابعين، وذلك عبر مكالمات خاصة تحت بند تكوين الصداقات، لتريهم جسدها وتعرض بضاعتها الرديئة، كما دفعت تلك التطبيقات المراهقين إلى الاستمالة الجنسية من خلال الكشف عن الأجساد وطلب المقابلة في الحياة الواقعية، حتى ساد الاعتقاد لدى المراهقين بأنهم لا يحتاجون إلى إذن من أي شخص كان، بما في ذلك والديهم، فهم لا يعدون أنفسهم مراهقين، ما يهمهم هو الحصول على المزيد من الإعجابات والتعليقات التي تصف محاسنهم، علاوة على ذلك يتم عرض رقم هاتف على شاشة التطبيق لشخص ما، ما قد يشجع الفتاة إلى مزيد من الاندفاع والاتصال به عبر مكالمة فيديو على «واتس أب». هدامة للأخلاق ولا شك أن تلك التطبيقات تُعد منصة هدامة للأخلاق والعادات، من خلال تشجيعها الجنسين بتسجيل الفيديوهات والحصول على الكثير من الدولارات دون النظر إلى طبيعة المحتوى، ما يسهم ذلك في انتشار الجرائم الإلكترونية واختراق الهواتف الخليوية وابتزاز الفتيات بصورهن الخاصة، لا سيما أن تلك التطبيقات غير آمنة، ويمكن معرفة بيانات الهوية الخاصة بالمشارك، ومكانه بشكل مفصل، والوصول إلى معلومات عن شبكة الواي فاي التي يستخدمها، وغالباً ما تحذر دول العالم مواطنيها من أساليب مروجي تجارة الهوى الذين يدشنون تجارتهم القذرة عبر تطبيقات البث المباشر في شتى أنحاء العالم بدعوى نشاطات متنوعة، الأمر الذي لا يقف عند حد هدم القيم الأسرية وتجارة الهوى، بل هناك ما هو أشد خطورة على المجتمع مع تزايد أعداد المشتركين عبر هذه التطبيقات، ويتمثّل ذلك بإمكانية الوصول إلى البيانات، والاطلاع على المعلومات الخاصة. تأثير متزايد وانتشرت منصات البث المباشر بين مختلف الفئات العمرية، وباتت ناراً موقدة قد تأكل الأخضر واليابس دون تمييز، هذه حقيقة لا يمكن إنكارها أو التغاضي عنها، وبنت هذه المنصات وطناً لا ينتمي إلى التاريخ ولا إلى الجغرافية، وطناً من دون تراث، ومن دون حدود، وأصبح لها تأثير متزايد على الأفراد والمجتمعات والدول، وبات أبناؤنا ودون تفكير يستقون منها ثقافة غريبة وغير لائقة، كإقامة علاقات غير بريئة ومرفوضة دينياً واجتماعياً، ما أسهم ذلك في ضعف الوازع الديني لدى الشباب من الجنسين، إضافة إلى الإساءة والتشهير بأشخاص وجهات من دون وجه حق، كما يؤدي إلى فقدان ترابط الشباب مع مجتمعهم المحيط بهم، مما يعرضهم للعزلة والنفور والتوتر، ومن ثم الرغبة في الهجرة إلى دول أجنبية. ونعرف جميعاً المكاسب التي يحققها مشاهير منصات البث المباشر، وهو ما دفع الكثيرين منهم للبحث عن الشهرة والمكسب المادي، رغم فقر إمكاناتهم الفكرية لإنتاج محتوى فكري، وتقديم محتوى رخيص دون بذل أي جهد، محتوى يتعارض مع القيم الإسلامية والإنسانية، ويحرض على أمور سلبية واستخدام الألفاظ النابية، ضارباً كل القيم الإنسانية والمعتقدات الدينية عرض الحائط، لذلك من الخطورة أن يحصل الشباب من الجنسين على مبالغ مالية مقابل فيديوهات مجانية، يتحدث فيها عن نفسه، وربما عن عائلته وأصدقائه، الأمر الذي يعد بمثابة الحرب الناعمة والغزو الثقافي، الذي تستطيع بعض الدول من خلاله الحصول على معلومات عن ثقافة الشباب، ما يسهل السيطرة عليهم، لا سيما أن البرامج مجانية وتقدم المال مقابل الفيديوهات، وتحث الشباب على استخدامه دون النظر إلى المخاطر، حتى لو كان المحتوى مخلاً بالآداب. مصائد الشباب وتبرز أهمية مراقبة تلك التطبيقات، وحماية الثقافة السعودية، خاصةً أن ما يبث للشباب يمكنه إحداث تغيير في أخلاقيات المجتمع، وذلك يعدّ أكثر خطورة من تجارة المخدرات، لهذا تنفق بعض أجهزة المخابرات العالمية المليارات مقابل جمع المعلومات عن الشباب من خلال هذه التطبيقات، وكلّنا يتذكر أحد التطبيقات الذي يتيح مكالمات دولية مجانية، يملكه شخص إسرائيلي وباعه لشخص آخر، وبعدها صرح أن حجم المعلومات التي حصل عليها أهم بكثير من حجم الأموال التي أنفقت على التطبيق، إذاً، هناك خطر على أبنائنا قد يخرج عن السيطرة، وقد يزداد سوءاً إذا أغفلناه، فهم يقدمون أنفسهم لأجهزة معادية دون قصد منهم، من خلال تطبيقات تحوّلت إلى مصائد للشباب. ناقوس خطر ولا شك أن تطبيقات البث المباشر بشكل عام أطلقت ناقوس الخطر في كشف أسرار البيوت وخصوصيتها، ويعود ذلك إلى قيام العديد من العاملات المنزلية بعرض البث المباشر لها أثناء عملها في المنزل، ما يفضح أسرار الأُسر، كذلك من الممكن أن يُعرّض أصحاب المنازل إلى خطر التجسس، وربما السرقة، حيث إن بعض الخادمات عند قيامهن بالبث يعرضن مقتنيات المنزل والأثاث والملابس والعديد من الأشياء الخاصة، كما أصبح عدد كبير من الشباب يدخل بعض التطبيقات بغرض مشاهدة العاملات، والتجوّل في منازل الآخرين دون أحقية، ما سبب ذلك انتهاكاً صارخاً لحقوق الناس. مافيا غسيل الأموال تستغل التطبيقات لتجاوز الرقابة على التحويلات تسجيل فيديوهات وعندما ندخل في التفاصيل الصغيرة، فإن كل ما على المشارك امتلاك حساب على تلك التطبيقات، ثم الدخول على التطبيق، واختيار الدولة التي يحب أن يرى بثاً مباشراً منها، وبمجرد الضغط على الزر تبدأ عملية البث المباشر الذي يشاهده ملايين المشاركين على مستوى العالم، ومن خلال التطبيق يمكن نقل بث مباشر من أي منطقة حيوية أو مهمة في العالم، ليتم بعد ذلك استخدام هذا البث في عمليات قد تهدد أمن هذه المنطقة التي جرى البث منها، وبالتالي يحمل خطورة على الأمن الوطني، وربما اعتمدت التطبيقات على تسجيل فيديوهات البث المباشر بواسطة المشتركين لتسويقها على الإنترنت، بمقابل مادي، ليتم بعدها الكشف عن الأهداف المشبوهة للبرنامج، لهذا لا بدّ من التقصي حول حقيقة هذه الشركات، ومعرفة مموليها، والهدف من ورائها، لأن حقيقتها الظاهرة واضحة، وهي عملية غسيل أموال، قد يتفرع منها عدة مخالفات أخرى كتمويل الإرهاب، وتجارة المخدرات، وغيرها من الجرائم التي قد ترتكب تحت هذا الستار، لذلك لا بدّ من معرفة السبب الرئيس من إنشائها، وحقيقة أهدافها، لتفادي وقوع المخاطر من تلك الكيانات المجهولة، باعتبارها تمثل خطراً على أمننا الوطني، إضافة إلى تعقب الحوالات المالية المرسلة للمشتركين، والتي قد تتم عبر عدد من الدول لإخفاء مصدرها الأساسي، كما أن هذه التطبيقات قد تقوم بنشاط استخباري وجمع المعلومات عن الشباب السعودي. ولا شك أن هناك عقبة ستواجهنا إذا أردنا التعامل مع تلك الشركات بشكل قانوني، حيث ما نعتبره جريمة في المملكة قد لا يعدّ جرماً في بلد الشركة التي أوجدت التطبيق، فعلى سبيل المثال جمع المعلومات عن منطقة معينة من خلال البث المباشر قد يعدّ خطراً على أمننا، وجريمة تستوجب الوقوف أمامها بكلّ حزم، بينما هذا الأمر قد يعدّ حقاً متاحاً للشخص في دول أخرى، وبالتالي لا يمكن محاسبته، ولا يعدّ ذلك جريمة في قوانينهم، لذلك لا بدّ من دراسة تأثيرات تلك التطبيقات، وتحليل إنتاجها، ومعرفة مصدر تمويلها، وتأسيس إطار توعوي لمواجهتها. غسيل أموال وللتحايل على الأجهزة الرقابية وتضليلها ومنعها من معرفة الجهة الممولة قد تقوم تلك الشركات بعملية غسيل أموال، وبطرق عديدة يتم استخدامها كغطاء لتمويل مجهول قد يكون جهات مشبوهة، وهذا ما تفسره طريقة هذه الشركات في إدخال المال من خلال تحويلها من دولة إلى أخرى. ولا شك أن الشركة الممولة للمشروع معروفة، لكن الجهات التي تقوم بالتحويل ربما تكون غير معروفة، وقد تكون قد اتخذت من هذه التطبيقات ستاراً لها، لتعمل كجهة شرعية لتمويل المشروع، وربما يكون وراء مثل تلك المشروعات جهات استخباراتية لدول معادية تسعى للحصول على معلومات معينة، وفي حال تركها تمارس تلك الأعمال مع مرور الوقت سيكون لها تطور سلبي سيظهر مع الوقت، لا سيما أنه لا توجد أي آليات تمكن الأجهزة الرقابية من معرفة أصول التمويل لتلك الشركات، وربما يقتصر دورها فقط على تتبعها حتى الدولة الوسيطة فقط، إلا أنه لا يمكن التعرف من الدول الوسيطة عن أصل الشركات التي قامت بتحويل تلك الأموال، خصوصاً أنها تعتمد في التحويل على وسائل غير البنك المركزي، كشركات تحويل الأموال حول العالم. إنّ تلك الشركات المجهولة لا شك أنها قد تمثل شكلاً من أشكال الاقتصاد الأسود، والتي كلما تمكنت من سحب ضحية تقوم بجذب الأخرى، حتى نصل فى النهاية إلى جرائم وتجارة غير مشروعة، لا سيما أن مثل تلك الشركات غالباً ما تعمل في مجال تمويل الإرهاب وغسيل الأموال، لذلك لا بدّ من التعامل معها بحذر وتتبع حقيقة مموليها. تهديد الأسرة إن تناسي الأب عن مسؤولياته وواجباته تجاه أبنائه، وتجاهل الأم عن مراقبة أبنائها وتوجيه الإرشادات لهم، جعلا الأمور تتعقد، والأفكار تضطرب لدى الأبناء في مرحلة شبابهم، فقرروا البحث عن عالم يحققون من خلاله ذاتهم، ويلهون كما يحلو لهم دون أي اعتبارات، وعندما وجدوا منصات البث المباشر ظنوا أنهم أصحاب قوة لا مثيل لها، ضاربين بكل الضوابط عرض الحائط، لتفيق الأسرة فى نهاية المطاف وقد تحوّلت أخلاق أبنائها إلى السوء، ولم تستطع استيعاب هذا بأن ذلك قد حصل من خلال استخدام هاتف محمول. هذه المقدمة لا تخص أسرة بعينها، لكنها وصف لواقع نعيشه، وأصبحنا جميعاً نسمع عنه خلال الأحداث اليومية، من خلال نشر مقاطع تتنافى مع أخلاقنا وقيمنا الأسرية، وتدعو لممارسة الأعمال المنافية عبر تطبيقات البث المباشر. وعلى الرغم من خطورة استخدام المراهقين لهذه التطبيقات بشكل عام، إلاّ أن أعداد المشتركين في تزايد مستمر، مما يهدد استقرار الأسرة، لا سيما أن غالبية الفيديوهات تتصدرها فتاة جميلة ومثيرة، ومحتويات خاوية ورديئة، والركض وراء وهم الإثراء، لتنزيل هذه التطبيقات ثم الوقوع فيما لا يحمد عقباه، من خلال فيديوهات تحمل مشاهد غير لائقة ولا أخلاقية، مثل فتاة ترقص أو بث مباشر لمحادثات غزلية صريحة تحمل إيحاءات جنسية، إضافة إلى الإساءة والتسلّط والمضايقات والتعليقات العنصرية والانخراط في موضوعات مثيرة للجدل تتناول أحياناً رموزاً وطنية، خاصةً إذا كان المشارك الآخر في المنافسة من دولة أخرى. فريسة سهلة وللأسف أصبحت بعض الفتيات فريسة سهلة للإيقاع بها من خلال هذه التطبيقات، خصوصاً أننا نجد فتيات لا تتجاوز أعمارهن الثامنة عشرة تنشر مقطع فيديو من داخل غرفة نومها وبملابس شبه عارية، والخشية أن يتم بعد ذلك ابتزازها، لا سيما في ظل غياب دور الآباء في حماية أبنائهم من هذه التطبيقات، وخلق مساحة مريحة للنقاش معهم بدلاً من اللجوء إليها، إضافة إلى ضرورة الحديث معهم عن الأمور المالية حتى لا يقعوا تحت إغراء هذه التطبيقات الخبيثة. ولا شك أن انتشار تطبيقات البث المباشر يستهدف أبناءنا من الجنسين، وذلك لغياب لغة الحوار بين الأبناء وآبائهم، وليس بإمكان أي دولة في العالم مواجهة الانفلات الأخلاقي دون مساندة حقيقية من الأسرة الضابطة الفعلية للبيوت، والقادرة على إعادة غرس الموروث الأخلاقي والتربوية في نفوس الأبناء. دائرة مغلقة وقد ترى بعض الأسر أن ظاهر تطبيقات البث المباشر مقبول، لكن من دون شك أن داخلها يضمر الشر، حيث إنه يحاول إلغاء هوية المجتمع الأساسية، ويخلق واقعاً جديداً لو تمكّن من الأساسات، ويكفي أن نشاهد فيديوهات قليلة في تلك التطبيقات ليتبين لنا تعرض المشتركين من الجنسين لإهانات متواصلة تطال الجنس والعرق وحتى الانتماء الوطني، فالشاب الذي وجد فرصة عمل مجزية، ويحقق من ورائها ربحية سهلة، أصبح في دائرة مغلقة من الصعوبة الخروج منها، لا سيما هناك من أصبح صاحب مال وسيرة ذاتية، وبات طموحه أكبر من إمكاناته، حتى لو جاء ذلك على حساب القواعد الأساسية الوطنية والأخلاقية والعرفية، لذلك نجد أن التوعية هي الأساس كوننا في عصر يصعب فيه منع الأبناء المراهقين من استخدام وسائل التواصل الاجتماعي والهواتف الذكية والتطبيقات، والتواصل بشكل دائم معهم ومعرفة التطبيقات التي يستخدمونها وتوعيتهم حول خطورتها.