تكبد العديد من الأشخاص خسائر مادية فادحة، جراء عمليات النصب التي تقودها جهات مشبوهة في مجال الاستثمار الوهمي، المعروف ب"الاحتيال الإلكتروني"، إذ بلغت إحدى عمليات الاحتيال مبلغ 2 مليون و500 ألف ريال خسرتها إحدى الضحايا، الذين لجؤوا لأحد المحامين من دون أن يستطيع إعادة المال. وحذر محامون في المملكة من التعامل مع تلك الجهات التي تتقصد جلب المعلومات والاتصال المباشر على رجال الأعمال، أو الأشخاص الراغبين في تحقيق ربح سريع، كاشفين ل "الرياض" عن وجود مئات القضايا التي ترد لمكاتب المحاماة من قبل الضحايا، بيد أن هناك صعوبات في تتبع تلك الشركات الوهمية التي ليس لها وجود واقعي في الدول التي يتصلون منها. وقال المحامي هشام الفرج: "إن مثل هذه القضايا تندرج ضمن الاحتيال الإلكتروني"، مشيراً إلى أن قصص القضايا تتعدد فيها الأساليب، كأن يقال لشخص لماذا لست ثرياً، وأنت في الخليج العربي بلدان الثراء؟ ويتم إغراؤه بالاستثمار بمبلغ بسيط، مشدداً على أن جميع تلك الأساليب مضللة"، وقال: "للأسف يقع البعض ضحية لها". وعن الحالات التي وردت إليه قال: "وصلت حالات فيها مستوى من الاحترافية إلى حد كبير جداً، ونعتقد أن الذين يتحركون في هذا الأمر ليسوا أفراداً بل "مافيا" منظمة، منها اتصالات من بلدان كثيرة وحوالات من بلدان مختلفة وهنا تضيع الجريمة، والمحتال نفسه يقول: حول إلى الصين، ثم يطلب التحويل إلى بريطانيا، ثم إلى أميركا وبلجيكا، وهذا يدل على احتراف في فتح الحسابات في تلك الدول من الجهة نفسها التي تتعامل معك". وتابع "من الحالات الواقعية الطلب من شخص الدخول والتداول، وفعلاً يدخل ويرى شاشات وتداول، وغالباً ما يرى الشخص تلك الشاشات لأول مرة في حياته، فنسبة العارفين بالتداول قليلة في السوق العالمي، وعادة تأتي أرقام سعودية وأرقام من دول أوروبية فيصدق الضحية ذلك، وغالباً ما يقبل التجريب ثم ينخرط بإيداع مبلغ، خاصة بعد أن يقال له أنه ربح 1000 دولار في يوم واحد في فترة التجربة، وبعد أيام بسيطة أصبح رصيدك في الموقع 10000 دولار، وهكذا يتم الإغراء، علماً أن السوق برمته وهمي، والضحية لا يعلم حتى شكل السوق العالمي، ثم يطلب الضحية تحويل حسابه إلى حقيقي بدل التجريبي، فيقال له الرسوم 1000 دولار كبداية وحسابك الآن أصبح حقيقياً، وأي وقت تسحب المبلغ المتراكم فيه يحق لك ذلك، وهذه من سلوكيات الإغراء لديهم"، مشيراً إلى أن تلك الجهات تستخدم التزوير في وثائق البنوك الدولية، وغالباً ما يزورن أوراقاً عن بنك دولي بريطاني. وأبان أن بعض الأشخاص وهرباً من دفع قيمة الضريبة لا يحول من حسابه التجاري، بل من حساب والدته أو حساب شخصي، وقال: "أغلب المحتالين يعملون بأسماء خليجية، وأنهم من حملة شهادة الدكتوراة، ولهجاتهم عربية، وما نستغربه كيف أن الضحية تصدق هذا الأمر؟". وتابع "يقول المحتال للشخص الضحية أنت تتهرب من الضريبة بالتحويل من حساب غير اسمك وغير الحساب الذي سينزل لك فيه المبلغ، وهذا مخالف للنظام وكأنهم مع الأنظمة، ونتيجة لذلك الواقع عليك أن ترسل تعديلاً للوضع عبر دفع الضريبة للمبلغ من نفس حسابك الذي سينزل عليه المبلغ الربحي، وهنا يتجه الشخص للتحويل أو للرفض ويستغني عن مبلغه، علماً أن النصاب سيقول سنحاول تحويل المبلغ وإرجاعه لك، وبعد مرور أيام لن يعود فعلياً المبلغ"، مشيراً إلى أن عدم إغلاق التفاوض بارتجاع المبلغ يعود لهدف يكمن في طلب المحتال دفع فرق العملة من المبلغ، ما يعني إما الدفع مجدداً أو أنك لن تستعيد مبلغك. وتابع "من الأساليب الخطرة أن يقال لك تم تحويل المبلغ ووصلك رقم من البنك، وعليك أن توافق، وهنا تكون قد فتحت لهم حسابك نظاماً ليتصرفوا فيه لتحويل أموالك وليس للإيداع فيه، ويحصلون على ما يعرف بالتوقيع الإلكتروني الذي يخولهم الدخول على الحساب"، مشيراً إلى أن الحسابات البنكية في بريطانيا تنشأ ب 15 دولاراً فقط، وتكون صالحة لمدة عام، كما أن بعض الشركات تكون مصرحة وحبراً على ورق فقط، وتكلف نحو 50 ألف دولار، وهو ما يفعله المحتالون الذين يستغلون كون الشركة خاصتهم مصرحة نظاماً في بريطانيا وكذلك الحساب البنكي. يشار إلى أن بنوك المملكة تحذر في شكل مستمر من النشاطات الوهمية المحتالة التي تسعى للاستحواذ على معلومات العميل الشخصية بهدف الحصول على الأموال من الحسابات البنكية أو بطرق احتيال أخرى. ولخّصت البنوك السعودية أهم الأسباب التي تفيد بأن الاستثمار الذي يتم الترويج له يكون وهمًا، وهي: "الإيهام بربح مبالغ عالية وخيالية، التواصل هاتفيًّا أو عبر منصات التواصل الاجتماعي، إغراق السوق بالإعلانات المضللة، الإعلان عن حكاية نجاحات وهمية لمستثمرين سابقين". وقالت: "إن التعامل مع جهات تمويل غير مرخصة، مخالفة صريحة لنظام مراقبة البنوك ويعرض صاحبه للاحتيال والنصب ويجعله عرضة للمبالغة في الأسعار والضمانات والمساهمة في عمليات غسل الأموال". وينص نظام مراقبة البنوك على أنه "يحظر على أي شخص طبيعي أو اعتباري غير مرخص له طبقا لأحكام هذا النظام أن يزاول في المملكة أي عمل من الأعمال المصرفية بصفة أساسية، ويعاقب من يخالف ذلك بالسجن مدة لا تزيد على سنتين، وبغرامة لا تزيد على خمسة آلاف ريال سعودي، عن كل يوم تستمر فيه المخالفة، أو بإحدى هاتين العقوبتين". هشام الفرج