علمتنا تجارب التاريخ أن نهضة الشعوب واستدامتها للتنمية كثيراً ما اعتمدت على استشراف المستقبل ورسم الخطط والاستراتيجيات من أجل تملك مقوماته والسير قدماً لبناء مستقبل زاهر للأجيال القادمة، دون الاكتفاء بالنمط الاستهلاكي، وذلك ما يقودنا للحديث عن المشروع العملاق والطموح «ذا لاين» الذي أطلقه سمو سيدي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان -حفظه الله- حيث يقع هذا المشروع في منطقة نيوم التي سوف تكون بمشيئة الله مدينة ذكية كبرى وسلسلة من المجتمعات الإدراكية المترابطة المعززة بالذكاء الاصطناعي، وستشكل مجتمعات «ذا لاين» الإدراكية منصة للابتكار والأعمال التجارية المزدهرة لمواجهة بعض التحديات الأكثر إلحاحاً. وما إعلان سيدي سمو ولي العهد عن هذا المشروع الضخم والطموح إلا تجسيد لتسارع وتيرة الإنجاز والإنتاج والتنفيذ في مدينة المستقبل التي تشكل أبرز مقومات رؤية 2030، فجاز لنا أن نطلق على هذه المدينة مدينة الإنسان، لما تحتويه من مقومات الحياة الحضرية التي تستهدف الإنسان وتسعى إلى تجسيد معايير حياته المثالية والنموذجية من خلال بناء المدن الذكية من قاعدة الصفر على أسس من التطور الحضري الذي يحقق أفضل مستوى لمعيشة الإنسان، مستوى تتحقق فيها ثنائية الحفاظ على البيئة والحفاظ على المستوى المنشود للحياة المثالية. ومع ما أنجزته مملكتنا من قفزات تنموية هائلة مع إطلاق رؤية 2030 يأتي التأسيس لمشروع «ذا لاين» لتتصدر المملكة قائمة هذا المجال كدولة رائدة في مجال بناء وتأسيس المدن الإدراكية، حيث كان لها سبق الفكرة والتنفيذ وذلك فخر لنا كشعب ودولة ووطن، فمن رمال الصحراء ستخرج للنور مدينة ذكية تعتمد على الذكاء الاصطناعي والاتصالات فائقة السرعة والروبوتات والتقنيات المتقدمة غير المرئية في البناء والتصميم، وذلك ما يشكل أنموذجاً عالمياً وفعالاً لمدن القرن الواحد والعشرين من خلال تصميم مدن ذكية تتضمن كافة عناصر العيش والبنية التحتية المتصالحة مع البيئة؛ مما يمثل ترجمة واقعية لحديث سمو ولي العهد بتحويل الشرق الأوسط إلى أوروبا الجديدة. إن ما جاء بين الفكرة والطموح ومسارات التنفيذ من عبارات الشكر التي وجهها سمو ولي العهد لسيدي خادم الحرمين الشريفين وعبارات الوفاء والتشجيع الصادقة للشعب السعودي وفريق نيوم، يجسد اعتزاز سموه بدور القيادة في دعم وتشجيع التوجهات التنموية، وإيمانه المطلق بقدرة الفرد السعودي على إدارة وتنفيذ مشروع المستقبل الضخم مشروع نيوم. فتحية إلى عراب الرؤية على هذا الطموح وهذا الأمل الذي يقودنا إليه، وهذا النماء الحضاري الذي بتنا نرقبه مع سموه يوماً بعد يوم.