وفاء: كما كنتَ تأمرني أتجلّى وأدعو لقلبكَ لا أترك الأولينَ أباك وأمك لكنني أتأسف من توصياتكْ إذا ما ذكرتك وحدكَ أبكي خيال: أتخيّل قبرك يسعى ليلثم قبر الحبيبة أمكَ أنت الذي كنت تملأ قلبي بها أتخيل قلبكَ يكبر في عمق قبركَ من حبّها أتخيل طيفكَ يستأذن الميتينَ قليلا قليلا ليحمل ورد الحنانِ ويزرعه قربها أتخيل حين تذوبُ التفاصيلُ أنكَ عدتَ جنيناً إلى قلبها سور المقبرة: حائط يستديرْ كلهم صامتونَ أُسمّي وأدخلُ جدّي هنا جدتي قرب عمي أبي والعبيرْ وهناك البقية يا حائطا فوق رأسي يطيرْ تفاصيل: أقبِّل تربتك الغاليةْ أشم التفاصيل جدّي ينادي وأمي تحنّ وطفلي يغنّي وصوت (العيون) وركض (الخبيبِ) وكراسة الشعر والجلسة الصافيةْ أعيد بك العمر والسنوات وأشرعة القلب في ثانية حيرة: مُرْعبٌ عندما أتخيل ماذا هناك؟ وماذا وراء الوراءْ مرعبٌ عندما أتأمل هذا العناءْ ثم في لحظة أنتشي عندما أتذكر ربي الذي تقف الآن رحمته سلماً كي نسير إلى عرشهِ في السماءْ وردة: نبتتْ وردة في فؤادي الصغيرْ عندما علَّمونيَ أنّ الذين مضوا للمكان الأخيرْ قد تضيء قناديلهم في السماء ويغمرهم بهجة وعبيرْ حينما يترقَّى إليهم بأنّ كتاب الأقاربِ حيٌ وأن نشيدهمُ عارم في الضميرْ لحظة: سوف يقرأ هذا الكلام صغيري سوف يشعل أسئلة عن أبيه الذي عاش دهراً يفتش عن والدٍ من عبيرْ سوف يغدو السؤالَ وأغدو أنا في الضميرْ كثرة: أتكثّر باسمك أحمله في الفؤادِ أردِّده لصغاري أحدِّثهم عن حنانك أزرع فيهم بقايا لتكبر منكَ بداري حزن: يتكور مكتئباً ثم يُخْبرني أن والده قد رحلْ أتهجّى تفاصيل أحزانه ثمّ تمطرني السنوات الطويلة دون أبي أحفاد: أنت وحدك تملؤني في الحياةِ ولا أتذكّر أني شغلت بغيركَ لكنني الآن منشغل بالجميعِ الجميعُ يعيدون قلبي إليكْ وأنا كلما قلت: ليتْ يا أبي ما عليك إن رحلتَ فأنت الذي كنت فرداً وحيدا على ظهرها إنّك الآن في كل بيتْ دعاء: مرةً جدتي فرغتْ من صلاة العشاءْ ثم مدّت يديها إلى ربها برجاءْ تتوسل أن يرحم الميتينَ وأن يمنح المتعبين العطاءْ ثم تبكي لأن أبي لم يقلْ خلفها أو يردّد هذا الدعاءْ نشيج: عندما مات جدي كنت أبكي كثيراً كثيرا كنت وحدي أقاسي المساء الخطيرا كنت أبكي ويعرف قلبيَ أن أبي في لساني يعيد النشيج المريرا الحداد: كان نصلاً يفتش في أضلعي عن فؤادي عندما رحلت جدتي كنت أسمع في داخلي ألفُ صوت ينادي كنت أبصر طيفَ أبي في الحدادِ رفقة: أصدقاءُ أبي لو أصافحهم تتحول كفي إلى وردةٍ لو أشاهدهم تتحول عيني إلى قمرٍ لو أقبِّل تاريخهم يتحول عشقي إلى قصةٍ في كتاب نبي العصا: حين أبصر شيخا يدِبُّ على أرجل السنواتْ أتخيل أني العصا وأن عيوني المشاةْ أتحوّل مسندة للسنين التي قد مضتْ أتخيل أن أبي في الحياةْ نداء: كلما قال صبيٌّ: يا أبي طفرت دمعة حبٍّ وتراكمتُ بقلبي وتلعثمتُ أ ب ي اسمي: عندما أكتب اسمي أسمع الصوت الندي وأرى طيفَ أبي قراءة: أقرأ الأرضَ أخجل أن أتدحرج فوق الترابِ إذا ما تذكّرتُ أن أبي تحته نائمٌ ينتظرْ أقرأ الأرضَ تغمرني ذكريات البذورِ الجذورِ الحقولِ وما قاله عاشق للمطرْ شباب: واقفاً أتناقض أو أتناقصُ أو أنتظرْ يا لهذا السفرْ والدي ذا شبابك يأفل عندي وينمو معي في عيون صغيري فتكبر أنتَ وأصغرُ أدنو إليك بقلبي الفطِر يا تباريحَ قصتنا في السفرْ