شرفت قمة العشرين G20 برئاسة المملكة العربية السعودية لعامها 2020م، لم تكن هذهِ الرئاسة رئاسة عاديّة؛ رغم أن المملكة عُرفت بخبرتها وقدرتها على إدارة القمم، وإدارةِ قممٍ في يومٍ واحد؛ إلا أنّ قمّةَ العشرين قمّةٌ استثنائية، استثنائيةٌ في توقيتها وفي مواضيعها وفي إدارتها وفي تحدياتها الجِسام وبيانها الختاميّ، استثنائيةٌ من حيثُ المهامِ والتواصل ومتطلبات الواقع، فالعالم اجتاحهُ فيروس كورونا (كوفيد- 19) وشلّ حركته سياسيًا واقتصاديًا واجتماعيًا، وأصبحَ هذا الوباء الهاجسُ والتحدي الأعظم على الحكومات وعلى الشعوب على حدٍ سواء، استلزم متابعةً يوميّة مُستمرة ومراجعةً للمستجدات ومراقبة دائمة على مدار الساعة، وترقبًا لما قد لا يكونُ في الحسبان. وبحكم أهميّة المملكة؛ لكونها حاضرة العالم العربي والإسلامي، وتملك زمام المبادرة في العالم، ولكونها تحتلُ مكانةً في نفوس العالم أجمع، بالإضافة إلى رئاستها مجموعةِ العشرين، وهي الدول التي تُمثل ثلثي العالم من حيث السكان والاقتصاد والأثر السياسي، ويتطلع لها العالم ما عساها قائلة وفاعلة ومُحققة لتطلعات الشعوب؛ ولذا فالملكُ سلمان بن عبدالعزيز وولي عهده الأمين أخذا يبثّان الأمل والطمأنينة للعالم منذُ الأيّام الأُوَل للجائحة؛ ولذا كرّست المملكةُ كُلّ الجهود لبناء عالم أقوى وأكثر متانة واستدامة، وأخذت تواصلُ دعمَ الجهود الدوليّة المُتعلقة بتوفير اللقاحات والعلاجات لفيروس كورونا للجميع وبشكلٍ عادل وبتكلفةٍ ميسورة بمجرد توفرها، وأن المملكة ستعملُ مع شركائها الدوليين والرئاسة الإيطالية لمجموعة العشرين للعام 2021 لتحقيقِ ذلك الأمل المنشود والذي أكدهُ خطاب الملك الشهير في الأيام الأُوَل من الجائحة؛ إذ قال - يحفظه الله -: «سنبذلُ الغالي والنفيس»، وتتحقق المقولة ويصل حجم الدعم للقطاع الصحي إلى 47 مليار ريال إضافي لهدف رفع جاهزية القطاع الصحي وتأمين الأدوية وتشغيل الأسرّة الإضافية وتوفير المستلزمات الطبية الضرورية، ودعم القطاع الخاص بحزمة مبادرات جديدة وصلت إلى 50 مليار ريال لمواجهة «كورونا». ومن أجل الحفاظ على صحة الإنسان مواطنًا ومقيمًا وحتى مخالفاً نظام الإقامة وإنفاذًا لتوجيهات الملك وولي عهده الأمين - يحفظهما الله -؛ وقعت المملكة عقدًا مع جمهورية الصين لإجراء 9 ملايين فحص لفيروس كورونا وبقيمة بلغت 995 مليون ريال شاملة جميع الأجهزة والمستلزمات وعدد 500 من الاختصاصيين والفنيين المتخصصين في الفحوصات وإنشاء ستة مختبرات إقليمية كبيرة موزّعة على مناطق المملكة منها مختبر متنقل بقدرة 10000 فحص يوميًا وتدريب الكوادر السعودية وإجراء الفحوصات الميدانية الشاملة وتدقيقها وضمان جودتها لمدة ثمانية أشهر. ولذا فإن جاز لي أن أُسمي هذا العام الاستثنائي فأسميه «عام حقوق الإنسان بلا مُنازع»؛ إذ رسّخت المملكة كل مبادئ وقيم حقوق الإنسان، فمنذ وقوع الجائحة ألغت المملكة كُلّ شيء من أجلِ الإنسان، وأصبحت كلمةُ الملك سلمان بن عبدالعزيز «الإنسانُ أولاً» هي المحور والمرتكز وخُطّة العمل التي حُصِدت ثمارها في قمّة العشرين المُنعقدة في يومي السبت والأحد الموافقين 21 و22 نوفمبر 2020م، وكان من نتائجها اتخاذ تدابير فورية وقوية لدعم الاقتصاد، وحماية العاملين والشركات وتحديداً المنشآت الصغيرة والمتوسطة، والقطاعات الأكثر تضرراً، بالإضافة إلى حماية الفئات المعرضة للخطر من خلال توفير الحماية الاجتماعية الملائمة، وضخ أكثر من خمسة آلاف مليون دولار في الاقتصاد العالمي، وذلك كجزء من السياسات المالية والتدابير الاقتصادية وخطط الضمان المستهدفة لمواجهة الآثار الاجتماعية والاقتصادية والمالية لجائحة كورونا. ولذا فإن اليوم العالمي لحقوق الإنسان المُصادف للعاشر من ديسمبر من العام 2020م والذي يحمل شعار «نقفُ مع حقوقِ الإنسان؛ لنُحقق استشفاءً أفضل في جائحة كوفيد19» يعانقُ قمّة العشرين ويرفعُ لها كُلّ التحايا والتقدير والإجلال والاحترام على ما بُذِل خلال عامٍ أو ما يُقارب العام من أجل الإنسان، فالإنسانُ - كما أكدَ الملكُ - الإنسان أولاً، وهذا ما بثّ الأمل لشعوبِ العالمِ؛ ليُحققَ - بإذن الله - كُلّ التطلعات التي عُمِلت وبُذِلت وسُخّرت من أجله. وهذا ما أبانه ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان - يحفظه الله - في كلمته في ختام قمة العشرين G20 أن «أكثر من مليار إنسان استفادوا من مبادرة تعليق الديون من قبل دول المجموعة»، «وإن المملكة قدمت 500 مليون دولار لجهود إنتاج لقاح كورونا، كما جرى اتخاذ كافة الإجراءات لحماية الأرواح ودعم الفئات الأكثر فقراً»... وفي قمة العشرين؛ يؤكد المليك «علينا طمأنة شعوبنا وبثّ الأملِ فيهم». هذه رسالة المملكة العربية السعودية على لسانِ مليكها؛ رسالةٌ أبويةٌ غايةٌ في اللينِ والحنوِ والعطفِ، نابعةٌ من مملكةِ الإنسانية التي تبعث دومًا وأبدًا الاطمئنان والأمل والعيش الكريم، فها هو اليوم العالمي لحقوق الإنسان لعامه 2020 مُعانق قمّة العشرين، رافع لها التحايا.