الاجتماع الأخير لمجموعة "أوبك+" كان بمثابة الانتقال إلى مرحلة جديدة من ضبط أسواق النفط وأخذ خطوات جادة في سبيل تعزيز سوق نفطي صحي بعيداً عن تأثيرات المضاربات المالية وأسواق المشتقات المالية التي تخلق تقييماً غير واقعي بما يحصل في السوق المادي، محاولات التأثير على مخرجات الاجتماع بدأت قبل جلوس الوزراء على الطاولة ولكنها اصطدمت طوال أسبوع الاجتماع برغبة المجتمعين بتحقيق تقدم ملموس يضمن صحية أسواق النفط بعيداً عن عصف التذبذبات السعرية وسعياً لاستدامة الصناعة النفطية التي تمر بمرحلة دقيقة وحساسة، معظم هذه التأثيرات كانت من خلال وسائل الإعلام التي مارست أدوار ضغط متعددة تعلقت بمعايير أسواق الأجل مثل: الفترة الزمنية والكميات المتاحة والبراميل المتاحة للأسواق. المضاربون بدورهم استبقوا الاجتماع بمحاولة التأثير على هيكلية الأسعار وتحويلها إلى وضعية الباكوارديشن المحفزة على التخلص من المخزونات وإيحاء المجتمعين بضرورة ضخ مزيد من النفط لفترة أطول. الآلية الجديدة لضبط أسواق النفط والتي بدأ العمل بها في شهر مايو الماضي ترتكز على أربعة محاور كما ذكرنا مسبقاً في 8 يونيو في مقال بعنوان "نجاح تمديد خفض الإنتاج". المحاور الأربعة هي المراجعة الشهرية وتحقيق الالتزام وتعويض التجاوزات والقيادة السعودية للمجموعة، هذه الآلية اكتسبت مزيداً من المحركات في الاجتماع الأخير حيث تمت إضافة خمسمئة ألف برميل إضافية مرتبطة بالمراجعة والالتزام المسبق وهو ما يعني أن الاستفادة من زيادة رفع الإنتاج لن يستفيد منه المتجاوزون بل سيثقل عليهم في الانفراجات الإنتاجية المقبلة خصوصاً مع استمرار آلية المراجعة الشهرية الدقيقة. خلال الاجتماع خرجت أخبار تأجيل الاجتماع من يوم الثلاثاء إلى يوم الخميس وخبر تلويح سمو وزير الطاقة صاحب السمو الملكي الأمير عبدالعزيز بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود بأنه ليس متمسكاً بمن يرأس المجموعة طالما أن الجميع يعمل من أجل تحقيق الهدف المنشود، في البداية كان ذلك مفاجئاً للأسواق إلا أنه سرعان ما بث الثقة أن هذه المجموعة تعمل بمسؤولية وجدية عالية انعكس ذلك بسرعة على تحسن معنويات السوق وبالتالي تحسن أسعار النفط، التحركات المقبلة في الأسعار لن تلغي المنجزات الكبرى للمجموعة والمتمثلة في تلاشي المخزونات العائمة وخلق وتيرة جيدة لخفض المخزونات النفطية العالمية في الأسواق، التقدم الحذر والتعامل مع المتغيرات سيكون السمة البارزة خلال الفترة المقبلة حتى يتم تقييم تحسن الظروف الاقتصادية المصاحبة للجائحة وفعالية اللقاحات المطروحة مؤخراً، هذا الحذر هو بمثابة إعداد المشهد النفطي لحاجة الأسواق بدلاً من بناء هيكلية جديدة للعرض والطلب بناء على التوقعات، الآلية الجديدة ستكافئ الملتزمين وستثقل كاهل المتجاوزين في الاجتماعات المقبلة.