في ذكرى البيعة السادسة لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله-، لا صوت يعلو على صوت المنجز الاقتصادي للوطن في ظل رؤية طموحة من ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، صاحب السمو الملكي الامير محمد بن سلمان -حفظه الله-، والحديث يدور حول النقلة الاقتصادية الكبيرة، في ظل جائحة كرونا التي عصفت باقتصاديات العالم، من اقتصاد يعتمد على النفط كمصدر وحيد للمالية العامة، إلى مرحلة تنوع واسعة، منحت الميزانية مرونة كبيرة في تمويل المشروعات. هذا الإنجاز مهم بالنسبة للاقتصاد السعودي؛ حيث إن الميزانية العامة في المملكة -في جانب الإنفاق- كانت تتأثر بشكل كبير بالتقلبات في أسواق النفط، فإذا تحسنت الأسعار جاءت مواسم المشاريع والتنمية، وسميت تلك «الطفرة»، وإذا تراجعت الأسعار توقف العمل وحل بها الركود، وهذا أثر بشكل واسع في التخطيط، والمحافظة على وتيرة نمو متوازنة، لهذا جاء عهد الملك سلمان بإصلاح هذا الخلل العميق، من خلال تبني نماذج تمويل مختلفة للمالية العامة، من بينها إدخال نظام ضريبة القيمة المضافة، وضريبة السلع الانتقائية، إضافة إلى السندات والصكوك المتداولة في الأسواق المحلية والعالمية، التي تعد مصدرا جديدا للتمويل، وهذا الإصلاح الرئيس كان يحتاج إلى معالجة خاصة فيما يتعلق بأمرين مهمين جدا، أولهما إصلاح الدعم، خاصة للطاقة، والآخر إصلاح هياكل الإنفاق في المالية العامة. «صندوق الاستثمارات» ضخ في الاقتصاد 311 مليار ريال في أربع سنوات بواكير النجاح الاقتصادي واستطاعت المملكة بالأدلة الكشف عن بواكير النجاح لمستهدفات رؤية المملكة 2030، والتي تحمل رسالة مطمئنة حيال المستقبل القريب وللأجيال القادمة في ظل إظهار الاقتصاد السعودي العديد من الممكنات والقدرات والقطاعات الجديدة والواعدة، إضافة إلى التوسع في تنويع مصادر الدخل، وزيادة تفعيل أدوار صندوق الاستثمارات العامة الذي يعد أحد المحركات الأساسية لنمو الاقتصاد السعودي. والمتتبع لقفزات المملكة اقتصادياً لابد له من التوقف مع تصريح ولي العهد الاسبوع الماضي، حيث أكد الأمير محمد بن سلمان ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، أن المملكة استطاعت في فترة وجيزة وسريعة أن تحقق إنجازات غير مسبوقة في تاريخ المملكة المعاصر، وذلك في أقل من أربع سنوات فقط، رافعا شكره لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز –حفظه الله- لما تضمنته كلمته الضافية في مجلس الشورى في جلسته الاولى للدورة الثامنة. وأوضح ولي العهد «أن المملكة تعد أحد أكبر وأهم اقتصاديات العالم، ونسعى بجدية للعمل على مضاعفة حجم الاقتصاد وتنوعه. ولمتابعة تحقيق ذلك، نعتبر في الحكومة الناتج المحلي غير النفطي هو المؤشر الرئيسي لنجاح خططنا الاقتصادية، لأن الناتج المحلي الإجمالي يتأثر بطبيعة الحال بتقلبات كميات انتاج النفط، ولا تعتبر الحكومة هي المحرك الرئيسي لها.»، وفيما يتعلق بجهود المملكة في تعزيز الإيرادات غير النفطية وتأثيرها على الاقتصاد، أوضح ولي العهد « لقد توسعنا في الإنفاق الحكومي المباشر وغير المباشر منذ عام 2005م. ولمواكبة ذلك والحفاظ على التوسع في الإنفاق، قامت الحكومة وفق رؤية 2030 بعملية إعادة هيكلة واسعة لعدد من القطاعات بما يعزز من إيرادات الدولة غير النفطية، ولا يجعلها مرهونة لتقلبات أسعار النفط، وما يؤديه ذلك إلى الحد من قدرتنا على التخطيط ووضع أو تحقيق أي مستهدفات، وأكد الأمير محمد بن سلمان «لكن على الرغم من الجائحة، وبشكل نسبي مع نظرائنا في مجموعة العشرين، فإننا نعتبر أحد أفضل 10 دول في التعامل مع التبعات الاقتصادية لجائحة كورونا في مجموعة العشرين. ونحن أكثر تفاؤلا بأن وتيرة النمو ستتسارع مع زوال الجائحة وعودة الأمور لطبيعتها بالكامل، لنكون أحد أسرع دول مجموعة العشرين نمواً في الناتج المحلي غير النفطي في السنوات القادمة.» ولقد جاءت ثمرات هذه الأعمال الكبرى وأعمال سابقة في إنجازات تحققت للاقتصاد والمواطنين في عهد خادم الحرمين، من بينها إطلاق قطار الحرمين بين مكةالمكرمةوالمدينةالمنورة، وإطلاق قطار «سار» لنقل المعادن من الشمال إلى الموانئ في الشرق، ودشن الملك سلمان في المنطقة الشرقية المشاريع العملاقة في صناعة الطاقة والغاز وحقول النفط، وفي المنطقة الغربية مشاريع البحر الأحمر الأكبر سياحيا في العالم بأكثر من 50 جزيرة بكرا، تستثمر لتصبح من أرقى مشاريع العالم سياحيا، وتم إطلاق مشروع نيوم مدينة الأحلام كأكبر مدينة رقمية في العالم، وتحتل موقعا جغرافيا عظيما يربط بين ثلاث قارات، واهتم الملك سلمان بمستقبل التقنيات الحيوية والطاقة والمياه والغذاء والتصنيع والإعلام والترفيه والرقي المعيشي والاجتماعي وإيجاد الفرص والقضاء على البطالة. البطالة وزيادة التوظيف وتحرص حكومة خادم الحرمين على عدم التوقف في وضع حلول متنوعة للبطالة، والطموحات لمعالجة مشكلة البطالة لدى السعوديين ليس لها حدود، وتجاوزها مهم لهدف تحسين مستوى دخل المواطنين، ويعكس حرص القيادة على تحسين مستوى المعيشة لدى الشرائح المتوسطة والأقل دخلًا، وقد نتج عن التميز الاقتصادي القيام بمبادرات عميقة جدا من حيث رفع أسعار الطاقة التدريجي، مع تبني نموذج جديد للدعم، تمثل في «حساب المواطن» رغم توقف بدل غلاء للمعيشة بسبب جائحة كورونا، وأيضا تم إيقاف المشاريع وإعادة جدولتها وفقا لدراسات الجدوى من هذه المشاريع، وهذا أحدث تحولا نحو مفاهيم أعمق بشأن الإنفاق الرأسمالي، وضبط المالية العامة بشكل عام، مع انتهاج أسلوب متقدم في الشفافية عن نتائج أعمال المالية العامة. ومن أبرز المنجزات التاريخية للملك سلمان تمكين الاقتصاد السعودي من التحرر من قيد نموذج الطفرة، الذي هيمن على الاقتصاد السعودي عقودا طويلة، ولقد أثبت النموذج الجديد صلابته من حيث استطاعة المالية العامة تجنب تأثير ارتفاع الأسعار إلى 85 دولارا، ثم عودتها إلى الهبوط بسبب الجائحة، وتم في هذا العهد الميمون تم رفع نسبة المحتوى المحلي في قطاع النفط والغاز من 40% إلى 75%، ورفع قيمة أصول صندوق الاستثمارات العامة من 600 مليار ريال إلى ما يزيد على تريليوني ريال، ويسعى إلى أن يكون منصة أكبر صندوق سيادي في العالم برأسمال يتجاوز سبعة تريليونات ريال، وفي منطقة الرياض، هناك مشاريع كبرى، ومنها ترقب انطلاق مترو الرياض، ومشروع « الرياض الخضراء» وإضافة إلى مشروع القدية والمدينة السياحية العالمية ومشاريع التراث العالمي في الدرعية. وفي منطقة القصيم، تم تدشين مشروعات بما يزيد على سبعة مليارات ريال، كلها تهدف إلى تنمية الاقتصاد، وتنويع مصادر الدخل، كما تهدف إلى إيجاد وظائف وبناء قدرات أبناء الوطن، وفي منطقة تبوك مشاريع بقيمة تتجاوز عشرة مليارات ريال، وكذلك في منطقتي الجوف والحدود الشمالية، كما دشن المدينة الاقتصادية «وعد الشمال»، التي من المتوقع أن تعمل مشاريعها في المعادن، خاصة الفوسفات، في دعم الناتج المحلي بتريليون و200 مليار ريال، والإسهام في توفير 1.6 مليون وظيفة، إضافة إلى جذب استثمارات تقدر بتريليون و600 مليار ريال بحلول عام 2030. هكذا الأرقام تتحدث في لغة الاقتصاد في هذا العصر الزاهر. وقد ساهم صندوق الاستثمارات العامة في تنمية الاقتصاد، حيث أصبح صندوق الاستثمارات العامة أحد المحركات الأساسية لنمو الاقتصاد السعودي. استطاعت المملكة مضاعفة حجم صندوق الاستثمارات العامة من 560 مليار ريال الى ما يزيد عن 1.3 تريليون ريال تقريباً، وبخطى ثابتة نحو تحقيق هدف رؤية 2030 بأن تتجاوز أصول الصندوق 7 تريليونات ريال. ليس ذلك فحسب، فمنذ تأسيس الصندوق كان معدل العائد على الاستثمار لا يتجاوز 2% في أفضل الحالات. اليوم في صندوق الاستثمارات العامة لا يحقق أقل من 7%. ولدى الصندوق استثمارات تجاوزت عوائدها 70%، وأخرى تجاوزت 140%، هذا تغيير استثنائي يوفر للدولة مداخيل مستدامة لم تكن موجودة في السابق، فلولا عملية إصلاح صندوق الاستثمارات العامة والتي تمت بتوجيه من خادم الحرمين الشريفين بإعادة تشكيل مجلس إدارته وتكليف ولي العهد برئاسته لأهميته البالغة في حاضر ومستقبل اقتصاد المملكة، ووضع سياسات لضخ استثمارات ضخمة داخل المملكة خلال السنوات الماضية، لفقدت المملكة أكثر من نصف النمو غير النفطي وغياب عدد كبير من الوظائف التي تم خلقها وانهيار في الطلب على العديد من الخدمات والمنتجات والمواد وإفلاس عدد كبير من الشركات، خصوصاً في ظل انخفاض أسعار النفط. وقد بلغت استثمارات الصندوق المحلية 78 مليار ريال في 2017، و79 مليار ريال في 2018، و58 مليار ريال في 2019، ونستهدف 96 مليار في عام 2020 بمجموع 311 مليار ريال خلال السنوات الأربعة الماضية، مما ساهم في خلق أكثر من 190 ألف وظيفة، فالاستثمار المحلي للصندوق في تنمية وتطوير القطاعات لم يتجاوز 3 مليارات ريال سنوياً قبل 2017. وفي عامي 2021 و2022 سيضخ الصندوق ما يقارب 150 مليارا سنوياً في الاقتصاد السعودي وبازدياد سنوي حتى عام 2030. المشروعات الاقتصادية والسياحية المهمة وتزامنًا ذكرى البيعة، نلقي الضوء على بعض المشروعات الاقتصادية الضخمة التي عملت عليها المملكة بالفترة الأخيرة، ضمن رؤية المملكة 2030، والتي ستسهم بشكل كبير في نقلة اقتصادية نوعية للمملكة، لا تعتمد على النفط، ومن اهم هذه المشروعات، مشاريع تطوير الدرعية والعلا وجدة التاريخية والسودة في منطقة عسير، وهناك مشروع نيوم مشروع نيوم، ومشروع البحر الأحمر، ومشروع القدية، فضلا عن برج جدة، إضافة إلى العديد من المشروعات المختلفة، ويعتبر مشروع نيوم الذي أعلن عنه ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، في أكتوبر 2017م، هو المشروع الأضخم في تاريخ البشرية، وتصل قيمته إلى 500 مليار دولار، وسيضم المشروع منطقة صناعية بمساحة 26.500 كم2، في أقصى شمال غرب المملكة، ويهدف المشروع لتحويل المملكة إلى نموذجٍ عالمي رائد في مختلف جوانب الحياة، من خلال التركيز على استجلاب سلاسل القيمة في الصناعات والتقنية داخل المشروع، وسيتم الانتهاء من المرحلة الأولى بحلول عام 2025م، ومتوقع إتمام المشروع خلال فترة تتراوح بين 30 و50 عامًا، ويطل على ساحل البحر الأحمر الذي يمر عبره 10% من التجارة العالمية. ويمكن لنسبة 70% من سكان العالم الوصول إلى نيوم في أقل من 8 ساعات فقط. ويقدم مشروع نيوم خمس مميزات للأفراد، حيث يوفر معايير عالمية لنمط العيش من حيث الجوانب الثقافية والفنون والتعليم، بجانب التخطيط العمراني المتميز،وبيئة معيشية رفيعة المستوى، بجانب فرص عدة للنمو والتوظيف، وخدمات مدنية وتقنية في الصحة والتعليم والنقل والترفيه. وهناكمشروع البحر الأحمر، وهو مشروع سياحي، أعلن عنه ولي العهد الأمير محمد بن سلمان في 31 يوليو 2017م، مواصلة العمل لاستقبال أول دفعة من السائحين بنهاية عام 2022م، وتعتزم شركة البحر الأحمر بناء المرحلة الأولى من المشروع والمتوقع أن تجتذب 300 ألف سائح سنوياً بحلول 2022، وأعمال التطوير جارية حالياً في مشروع البحر الأحمر، وكذلك العمل على تطوير 50 فندقاً على 22 جزيرة، بالإضافة إلى ست منتجعات في المناطق الجبلية والصحراوية بحلول عام 2030، والعمل جاري على تطوير مطار مخصص لاستقبال الزوار، بالإضافة إلى تجهيز مرافق البنية التحتية، وتشييد مدينة سكنية ستؤوي 35000 موظف مع عائلاتهم في الوجهة، وتعتزم المملكة إقامة منتجعات على 50 جزيرة قبالة ساحل البحر الأحمر ستضم محمية طبيعية ومواقع غوص وسط الشعاب المرجانية ومواقع تراثية. تعد القدية أكبر مشروع ترفيهي رياضي ثقافي في المنطقة، أعلن عن فكرته ولي العهد الأمير محمد بن سلمان في 7 إبريل 2017م كوجهة ترفيهية واجتماعية نوعية، ووضع خادم الحرمين الشريفين، حجر الأساس للمشروع في يوم 28 أبريل 2018م. تمثل «القدية» جزءًا مهما من التغيرات التي تحدث حاليًا في المملكة، حيث إنها تشكل محفزا للتحول الوطني، وتساهم في إثراء حياة المواطنين، بينما تحفز الابتكار في قطاعات الإبداع، والضيافة، والترفيهي، ويقع مشروع القدية على بُعْد 45 كم من مدينة الرياض؛ حيث سيتم تطويره على مساحة 334 كيلومترًا مربعًا بمساحة تطويرية تشكل 30% من المساحة الإجمالية، لتبقى المساحة المتبقية من أرض المشروع للمعالم الطبيعية العريقة. وكشفت شركة القدية للاستثمار، عن المشروعات التي ستنفذ في المرحلة الأولى من القدية البالغة أكثر من 45 مشروعاً وأكثر من 300 نشاط عبر قطاعات الإبداع والضيافة والترفيه والرياضة، وعن تكليف 20 شركة للهندسة المعمارية بتصميم 12 معلما من المعالم الرئيسية للواجهة وبعض المعالم المهمة الأخرى، إضافة إلى فريق يضم أكثر من 500 محترف من 30 جنسية بالتعاون مع شركة «بيارك إنجلز جروب» الدنماركية، التي تقوم حاليًا ببناء مشاريع من جميع الأحجام، من الأبراج المرتفعة إلى المرافق الإبداعية ومرافق الثقافة والرياضة، ويقع مشروع القدية على بعد 45 كم من مدينة الرياض، حيث سيتم تطويره على مساحة 334 كيلومترًا مربعًا بمساحة تطويرية تشكل 30 %من المساحة الإجمالية، لتبقى المساحة المتبقية من أرض المشروع للمعالم الطبيعية. وستخلق القدية فرصاً اقتصادية، وسيوفر المشروع الآلاف من الوظائف الجديدة التي من شأنها أن تحفز تطوير قطاعات جديدة للمساهمة في تعزيز اقتصاد متنوع والجمع بين نمط حياة نشطة وصحية. كما تم الإعلان عن مشروع أمالا السياحي في 26 سبتمبر 2018 م وتتمحور فكرة المشروع على مفهوم السياحة الفاخرة المرتكزة على النقاهة والصحة والعلاج وفي وقت لاحق، وأعلنت «أمالا»، الوجهة السياحية فائقة الفخامة على الساحل الشمالي الغربي للمملكة، عن تعيين شركة التصميم والهندسة المعمارية الرائدة «دينيستون»؛ كمطور رئيسي لمشروع «الجزيرة». واستوحيت فلسفة «أمالا» من رؤية المملكة 2030 القائمة على بناء مجتمع حيوي وإرساء الأسس لاقتصاد مستدام وحماية البيئة الطبيعية، وسيتم تقسيم مشروع «أمالا» على ثلاث مراحل رئيسية، ويتوقع استكمال المشروع قبل تحقيق رؤية المملكة في عام 2030. وهناك مشروع برج جدة، وعند الانتهاء من بناءه ، سيكون هو البرج الأطول في العالم تاركا برج خليفة في المرتبة الثانية، وسيصل هذا المشروع المرتفع إلى ارتفاع 1 كم ويضم أكثر من 40 من حاملي الأسهم في المشروع، وسيضم المبنى 200 طابق وأكثر من 750 وحدة سكنية. الدرعية تمر بمرحلة تطوير تاريخية بتوجيه مباشر من خادم الحرمين لقطات من الكورنيش والحدائق على البحر الأحمر منطقة نيوم ستضم أبرز مشروعات السياحة العلا شهدت نقلة كبيرة لمستقبل سياحة المملكة