لقد لفت انتباهي ما شاهدته في برامج قناة (ذكريات) والتي أعادت ذاكرتي لما كنا عليه من تمسكنا بهويتنا الوطنية في المظهر والملبس. وقد وضعت مقارنة في جزئية ليست بالبسيطة بل تعكس النسبة الكبيرة مما سأتحدث عنه، ألا وهي لقطات وصور المدرجات الرياضية للحضور الجماهيري للمشجعين بلباسهم الوطني الذي يعكس الهوية التي نفتخر بها وهي الثوب والغترة والعقال. ما أجمل هذا المنظر وهذا الجمهور الذي يعطيك لوحة فنية تراها بفخر واعتزاز! نحن نسير على نهج حكامنا -حفظهم الله- وأبناء الأسرة المالكة الكريمة الذين زرعوا في أنفسنا حب هذا الوطن بمقدراته وهويته، ونشاهد ذلك المنظر الذي يشد أنظار المشاهدين في أرجاء العالم من خلال العرضة السعودية أو مختلف الألوان الشعبية التي تتمسك بهذا الموروث الأصيل ناهيك عن المناسبات الرسمية وغير الرسمية التي يظهر فيها المسؤولون في المحافل الدولية والإقليمية والمحلية كلها بهذا اللباس الجميل والمشلح (البشت) الذي يرمز إلى عراقة وأصالة هذا الموروث منذ عهد الملك عبدالعزيز -طيب الله ثراه- حتى يومنا هذا. كما أثار انتباهي بعض المشاهد القديمة واللقطات التي يظهر فيها المواطن السعودي بهذا اللباس المتميز برونقه وجاذبيته. وليس أدل من ذلك على حرص السائح الأجنبي القادم إلى المملكة عندما يطلب التصوير باللباس السعودي ليضعه ضمن ذكرياته التي يعود بها إلى بلده. كما أن مظاهر الفرح والأعياد والمناسبات تتزين بهذا اللباس عندما يرتديه كل من يريد التجمل في تلك المناسبات ونلاحظ ذلك بين جميع أبنائنا كباراً وصغاراً. ولكن وللأسف الشديد ظهر في الآونة الأخيرة على كثير من الشباب والأبناء الصغار اهتمامهم بلبس البنطال والقميص أو مايسمى ب" التيشيرت"، والمفارقة العجيبة بين وقتنا الحاضر والماضي وهذا التغير السريع هو حدث لم نتوقعه. فالجماهير الرياضية في الوقت الحاضر قلما تجد من يلبس الثوب السعودي والغترة والعقال وكذلك الأماكن العامة والطرقات والتجمعات العائلية والخاصة فلا تكاد تعرف ابن الوطن من غيره حتى يتحدث إليك، وإني من خلال هذا المقال الذي يعصر قلبي بشيء من الحرص والوطنية وحب تاريخ بلدي الذي ترعرعت وعشت فوق أرضه لأجد نفسي كاتباً ترتجف أصابعه عند كتابة هذا الموضوع، وأناشد في الوقت نفسه إخواني المواطنين وأبنائي أن يعودوا إلى موروثهم الأصيل، فليس التطور أو الحضارة أو التقدم مايجعلنا نتنازل عن تلك المبادئ بل يجب علينا أن نجعل من أنفسنا مثالاً يقتدى به في هذا الجانب، هل شاهد أحد منا الدول الأخرى تركت تراثها ومبادئها ولباسها بسبب هذا التطور؟ لا وربي، فكل من يزور الدول العربية أو الأجنبية لا يجد أحداً من أفرادها يترك تراثه وثقافته ليأخذ تراث وثقافة الغير، أسأل الله للجميع التوفيق في أمور الحياة كلها وأن نكون محبين لوطننا لنعكس صورة محبته من خلال الفخر والرفعة في هذا البلد الآمن، والحمدالله رب العالمين.