بعد الاتصال الكبير مع الغرب ولغته في العقود الأخيرة لم يجد غير العرب صعوبة في تبني كلمة "ثوب"، اللباس العربي. لكنهم لم يجدوه عمليا، لا سيما وهو مدعاة لدخول الهواء البارد مع المشي، والجسم في الشتاء خاصة يبحث عن الدفء. وقلّ أن تجد غربياً يعتمد الثوب كلباس رسمي في بلادنا أو خارجها. وأعتقد أن موضة البنطال انتقلت إلى الشباب السعودي، ذكورا وإناثا، خصوصا في المواسم الباردة. العربي في الماضي استعمل الثوب لسبب واضح وهو سرعة الحصول على البراد. والتزم الصوف - من نفس النمط - في الشتاء لعدم وجود البديل، أو لأن الثوب العربي جزء من ثقافة الملبس عندنا، ولا يكمل الرجل السعودي بدون الثوب والعقال، وهي كلها موروثات حاجة، فيما أرى. أضيف قولا أنا مُتأكد منه. ألا وهو الحيرة في اختيار قماش الثوب. فهذا غال جدا وللمناسبات، وآخر عادي، وثالث للمنزل (يكون نصف أردان)، وهذا مُسبق الصنع وهذا تفصيل ذو ميزة وشروط معينة. وصار الزبون (غير الدقيق) لا يدري ما هو الأحسن. هذا لا يحدث في البنطال العادي، فهو بنطال حاله حال غيره! إلا النسائي ففيه منه "ماركات" لا للدفء بل لرفع سعره! البنطلون لم يُصنّع لنا، بدليل اسمه، فمفردة (بانتالون) إيطالية من اللاتينية وأخذته الفرنسية. ولم نُقصّر نحن في إعطاء الأسماء. فالثوب في الخليج والعراق يُسمى (دشداشة)، ولا يكادُ يُعرف بغير ذلك. وفي مصر (جلابية) وسماه أوائل العرب قميصاً (وإن كان قميصهُ قُدّ من دُبُرٍ) سورة يوسف.. وفى بعض مناطق عُمان يُسمى (كندور). ويعتبر الثوب هو إحدى العلامات المميزة لتراث الرجل العربي، وهو الصورة المستخدمة بكثرة للرجل في السينما العالمية. وما زال سكان دول الخليج العربي متمسكين بلبس الثوب فهم يلبسونه في حياتهم اليومية وهو الزي الرسمي في المؤسسات الحكومية. ومن طريف أخبار (الدشداشة) في الكويت أن مواطنا قام بتأسيس عمل تجاري يُجري فيه التفصيل للزبون في ألمانيا عبر الشبكة (الانترنت). ويُشاهد الزبون العملية ويُجري ما يشاء من تعديلات. ويقول صاحب المشروع إن هذا أكثر ملاءمة من استقدام عمالة واستئجار محلات للعمل وإسكان العاملين..