يمثل سوق العمل لدينا السوق الأكبر في المنطقة من حيث النمو في القطاعات المختلفة، والطلب المتزايد على الأيدي العاملة، ولهذا فتحت الأبواب للاستقدام في مختلف المهن إلا أن التطور التقني الحديث الذي تعيشة بلادنا كجزء من العالم ساهم في تعزيز بعض الأعمال وتقليص أخرى وهو بدوره ما ينعكس على سوق العمل أيضاً. ساهمت الأيدي العاملة الوافدة في كثير من المشروعات إذ يدور رحى التطوير وجلب الكوادر المميزة والمدربة في مجال اختصاصها إلا أنه هناك الكثير من التشوهات حدثت في فترات سابقة إذ تغرق الأسواق المحلية بعمالة غير مدربة وغير مؤهلة، كذلك ويسيطرون على بعض المهن دون غيرهم ومع تطور الأنظمة والقوانين أصبح هناك ضيق في فرص العمل للعمالة الوافدة التي لا نحتاج إليها في ظل تزايد عدد المواطنين الباحثين عن فرص العمل والتي تحقق لهم الاستقرار والأمان الوظيفي والحياة الكريمة. ومن الإشكالات التي تواجهنا أصبحنا ممرا لكسب الخبرات والحصول على فرص عمل من خلالها يتحول العامل البسيط إلى خبير من خلال سوق مفتوح يتطلع من خلاله إلى أسواق أخرى فكثير من الأعمال يتم جلب لها من غير أصحاب الاختصاص وعن طريق نظام الكفالة يتم تعديل المهنة فنحن نستقدم سائقا لا يجيد القيادة ويستمر في التعلم على حساب صاحب المؤسسة حتى يتم استخراج رخصة قيادة ويتحول إلى سائق محترف وربما يغادر بعدها إلى أماكن أخرى من العالم للعمل بعد أن منحت له الفرصة الكافية للحصول على خبرة مناسبة وقس على هذا المثال الكثير من الأعمال التي تجلب لها عمالة غير مدربة ولا مؤهلة. ومن منظومة التطوير التي أصدرتها وزارة الموارد البشرية إلغاء نظام الكفالة وهو قرار استراتيجي مهم لصالح السوق أولاً ولتعزيز فرص المواطنين في العمل وخلق مجالات جديدة للشباب والشابات الباحثين عن فرص وظيفية وبالتالي سوف يقابلها ارتفاع في تكاليف استقدام العمالة مما يرجح كفة المواطن، حيث يعمل النظام الجديد على مساراته الثلاثة المهمة من خلال تطوير العلاقة التعاقدية بين صاحب العمل والمتعاقد وتسمح بالانتقال إلى عمل جديد حال انتهاء عقد عمله دون الرجوع إلى صاحب العمل، وكذالك الخروج والعودة وفقا لضوابط العمل وهو ما يعزز بدورة فرص المواطنين في العمل، وكذلك القضاء على اقتصادات الظل التي تنخر في الاقتصاد الوطني ومكافحة التستر التجاري وتحسين سوق العمل من خلال أنظمة عمل مرنة تتوافق مع العادات الاجتماعية وتتناسب مع الحياة العامة للمجتمع وتطوير بيئة الأعمال في القطاع الخاص. ربما يتضجر البعض من أرباب الأعمال من هذا القانون الجديد، ولكن مصلحة الوطن أولاً والمواطن يجب أن يحظى بالدعم والمساندة وإتاحة أكبر قطاع ممكن لأبناء الوطن والقضاء على التستر التجاري واقتصادات الظل التي تساهم في انتشار العمالة بشكل كبير. مشكلة نظام الكفالة ليست مجرد تفريخ مشكلات عمالية بل أخلاقية وإنسانية بالدرجة الأولى فهناك الكثير من المشكلات أصبحت ظاهرة في ظل نظام الكفيل السابق والتي لا تحقق أي عائد على السوق سوى انتشار العمالة السائبة والتي لم تعد هناك حاجة لوجودها في ظل وجود البديل من الموطنين أصحاب الكفاءات والشهادات العلمية والتخصصات المختلفة، وكذالك الدعم السخي واللا محدود من الحكومة للبرامج التوطين والأعمال من أجل تحقيق اقتصاد وطني قوي مستدام في ظل رؤية المملكة 2030 بسواعد أبناء الوطن.