تفرض أماكن العمل على الموظفين لوائح معينة ومهارات يجب إتقانها لتحقيق أهداف المنظمة. وتشمل اللوائح طريقة التواصل واللباس وأوقات الإجازة وغيرها ولكل منظمة أيضاً ثقافة معينة يجب أن يقبلها، وغالباً ما يكيّف قيمه الشخصية بما يتناسب معها، مما يشعره في مرحلة ما بفقدان السيطرة على زمام حياته والاعتقاد بأن قدراته وإمكانياته محصورة في هذا العالم المسمى "الوظيفة" وأن ثقته بنفسه ومعيار نجاحه وسعادته مبنية على تقييمه السنوي وما يعتقده رئيسه وزملاؤه عنه والمناصب التي تقلدها. وإذا لم يتحقق المطلوب، يدخل الموظف في حالة من فقدان المتعة في العمل، وكثرة الشكوى حتى يصل إلى حالة تسمى الانسحاب disengagement، وعمل ما هو مطلوب فقط بدون زيادة أو إبداع مما ينعكس بالسلب على أداء المنظومة وإنتاجيتها وأحياناً يؤدي إلى فقدان وتسرب أفضل الموظفين منها. ولتفادي كل ما سبق ذكره، هناك أمور يجب أن تدركها قيادات المنظمة ومنها ترك مساحة من الحرية للموظف بممارسة أنشطة لا منهجية وتعلم مهارات أخرى ليس لها علاقة بالوظيفة الأساسية وأيضاً اكتشاف المهارات الأخرى التي يتقنونها واستغلالها لصالح أهداف المنظمة فذلك يحفز روح الإبداع والخيال ويوسع مدارك الموظف مما ينعكس على أداء المنظومة. من جانب آخر، يجب ربط أهداف المنظمة بالأهداف الشخصية للموظف حتى يشعر بالانتماء وأنه جزء لا يتجزأ من نجاح هذا الكيان، وهذه هي مسؤولية القيادة والإدارة الواعية في خلق هذا المناخ المحفز للولاء المؤسسي. وفي الأخير همسة لكل موظف، الوظيفة هي جزء من حياتك وليس كلها ويجب أن تطوعها لتحقيق أهدافك الشخصية ورسالتك في الحياة. وجود مشروع خاص فيك والانخراط في أنشطة لا منهجية مجتمعية بجانب وظيفتك أمر ضروري لقتل الروتين وإبقاء شعلة الشغف متقدة دائماً قال مصطفى محمود: "العمل تشحيم ضروري للعقل والقلب والمفاصل وبدون العمل تصدأ المفاصل ويتعفن القلب وينطفئ العقل وينخر سوس الفراغ والبطالة في المخ، فتبدأ سلسلة من الأوجاع يعرفها أفراد الطبقة الراقية ويعرفها أطباء الطبقة الراقية".