وباء كورونا تحول إلى جائحة اجتاحت العالم وتسببت بخسائر بشرية بين إصابات ووفيات، لم يعد مجرد مرض، لقد أدركته نظرية المؤامرة، بدأ البعض يثير التساؤلات، صار قضية دولية مطروحة بشكل يومي للنقاش بين مؤكد حقيقة المرض، وبين من يراه أنفلونزا عادية.. ولكن، كيف يكون مؤامرة وهو يتسبب بالوفاة، ويدمر الاقتصاد؟ هل هو انتخار عالمي؟ كيف تحوم حوله الشكوك وهو يحل محل الاقتصاد في التأثير على انتخابات الرئاسة في أميركا وهي الانتخابات الأهم على مستوى العالم؟. كورونا وباء حقيقي كشف الوباء السياسي، فضح اللغة السياسية، حول العالم إلى شاشة يتفرج فيها الإنسان على نفسه في صراعات سياسية ومناكفات حزبية ومظاهرات عبثية وحروب وشعارات فارغة. كورونا السياسي جعل الآراء الطبية خاضعة للمواقف السياسية، وغيب الموضوعية والمصداقية الإعلامية. هذا ما يحدث في دول متقدمة، أميركا الأكثر تأثيرا اقتصاديا وإعلاميا وسياسيا تعاني من كورونا مثل غيرها من الدول، لكن التزامن مع الانتخابات الرئاسية زاد من الانقسامات الحزبية وانعدام الحياد الإعلامي وانعكس ذلك على التعامل الرسمي والشعبي مع كورونا، هذا الاختلاف في المواقف تجاه كورونا حدث في أميركا كما حدث في دول أخرى، ولكل دولة تجربتها الخاصة التي تعكس ثقافتها وإمكاناتها ومرونتها السياسية. ولا شك أن الأزمات الصحية والكوارث الطبيعية تتطلب مواقف وطنية موحدة بعيدا عن المواقف السياسية، كما تتطلب الطرح الإعلامي المحايد الذي يتميز بالمهنية والمصداقية والوطنية. وقد تكون تجربة بعض الدول في الانفتاح الجزئي المنضبط الملتزم بالاحترازات هي التجربة الأقرب إلى الواقعية. كورونا غير السياسي أزمة مليئة بالدروس والعبر الإنسانية والطبية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، كورونا غير السياسي جائحة تعاني منها كل دول العالم، هذه الظروف القاسية على الجميع تهيئ الفرص لتضامن دولي يوحد الجهود ويحقق التنسيق بعيدا عن المواقف والاختلافات السياسية. هذا التضامن الدولي يحرر كورونا من البعد السياسي، ويوحد التعامل الطبي والاجتماعي ويركز على الجانب الإنساني والطرح العلمي، والدراسات والبحوث الوقائية والعلاجية التي تخدم الجميع. في أزمة كورونا، الجدل السياسي غير مفيد، في هذه الأزمة يتحقق النجاح إذا اعتمد القرار السياسي على رأي الأطباء وليس العكس.