قالت وزارة الدفاع في إقليم ناجورنو قرة باغ أمس الأربعاء إنها سجلت سقوط 40 قتيلا آخرين في صفوف الجيش، مما يرفع العدد الإجمالي إلى 320 منذ اندلاع القتال مع قوات أذربيجان في 27 سبتمبر. وتفاقم القتال إلى أسوأ مستوى منذ التسعينات التي شهدت مقتل نحو 30 ألف شخص. ونزح نصف سكان إقليم ناغورني قره باغ بسبب المعارك بين الإقليم الانفصالي الذي يشكل الأرمن غالبية سكانه وأذربيجان، فيما دعا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى وقف "المأساة" الجارية التي لا يوجد أي مؤشر إلى تراجع حدتها. واندلع القتال في أحد أكثر النزاعات المجمدة والقابلة للانفجار منذ سقوط الاتحاد السوفياتي، في 27 سبتمبر ولم يظهر الطرفان أي رغبة في التوصل إلى تسوية. واكتسب الصراع بعدا دوليا أثار قلق الغرب مع دعم تركيالأذربيجان، فيما تأمل أرمينيا أن تنال تأييد روسيا التي بقت حتى الآن على الهامش. وفي مقابلة مع التلفزيون الحكومي "روسيا" بثها الكرملين، قال بوتين "إنها مأساة هائلة. هناك ناس يموتون. نأمل أن يتوقف هذا النزاع في أسرع وقت ممكن". وتابع بوتين "إن كان من غير الممكن وقف هذا النزاع بشكل نهائي، لأننا بعيدين عن ذلك، فإننا ندعو على الأقل، وأشدد على ذلك، إلى وقف لإطلاق النار"، مؤكدا أنه "ينبغي تحقيق ذلك في أقرب وقت ممكن". وحوّل القصف الذي نفّذته القوات الأذربيجانية ستيباناكرت، المدينة الرئيسة في قره باغ، إلى مدينة أشباح مليئة بالذخيرة غير المتفجّرة والحفر الناجمة عن القذائف. وقال أرتاك بلغاريان المسؤول المكلف ملف حقوق المدنيين في أوقات الحرب في قره باغ لوكالة فرانس برس "بحسب تقديراتنا الأولية، نزح نحو خمسية بالمئة من سكان قره باغ وتسعين بالمئة من النساء والأطفال -- أي ما يعادل نحو سبعين إلى 75 ألف شخص". وأكد أن السكان الذين نزحوا جراء القتال توجهوا إلى مواقع أخرى في المنطقة ذاتها أو إلى أرمينيا وغيرها. ودوّت صفارات الإنذار للتحذير من غارات جوية طوال ليل الثلاثاء الذي شهد عدة انفجارات في مدينة تغرق في ظلام دامس. قال مراسل وكالة فرانس برس إن ضربات جديدة استهدفت المدينة صباح الاربعاء، فيما يشير الضوضاء المرافق للضربات إلى أن المصدر كان طائرة مسيّرة. واتّهمت أذربيجان القوات الأرمينية بقصف أهداف مدينة في المناطق المأهولة، بما في ذلك ثاني كبرى مدن البلاد كنجه، التي تعد أكثر من 330 ألف نسمة. قالت المتحدثة باسم الادعاء جوناي سالم زاده إن 427 مسكنا يقطنها نحو 1200 شخص دمرت منذ بدء الصراع الحالي. وندّدت اللجنة الدولية للصليب الأحمر في نهاية الأسبوع "بالقصف العشوائي وغيره من هجمات غير القانونية مزعومة" ، قائلة إن "العشرات" من المدنيين لقوا حتفهم بالفعل. واعتبر رئيس الوزراء الارميني الثلاثاء في مقابلة مع وكالة فرانس برس أن تجدد المعارك في اقليم ناغورني قره باغ سببه الدعم التركي "الكامل" لأذربيجان، متهما انقرة بإرسال مقاتلين أجانب، ما يعني أن الحرب باتت في رأيه "عملية لمكافحة الارهاب" تقوم بها القوات الارمينية. وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان أنّ تركيا أرسلت 1200 مقاتلا إلى المنطقة، مشيرا إلى مقتل 64 مسلحا سورياً موالين لأنقرة على الأقل في المواجهات. من جهته، دعا وزير الخارجية التركي مولود تشاوش اوغلو الثلاثاء العالم لدعم ارذربيجان "الطرف الذي على حق"، واصفا أرمينيا "بالمحتل". الموقف الروسي حتى الآن، نأت روسيا وريثة الاتحاد السوفياتي السابق، بنفسها عن النزاع مع تصاعد أزمات أخرى، مثل الاحتجاجات في بيلاروس المجاورة، وتسميم المعارض أليكسي نافالني والاضطرابات الآن في قرغيزستان. وتقيم روسيا علاقات جيدة مع طرفي النزاع اللذين تمدهما بالسلاح، لكنها أقرب إلى أرمينيا العضو في حلف عسكري تهيمن عليه موسكو. ووجه رئيس الوزراء الأرميني نيكول باشينيان تحذيرا مبطنا في مقابلة مع فرانس برس إلى أذربيجان من توسيع النزاع، مذكرا بتحالفه العسكري مع الشقيق الأكبر الروسي. وقال "إنني واثق من أن روسيا ستفي بالتزاماتها إذا تطلب الوضع ذلك". وخلال المقابلة المتلّفزة، أعلن بوتين أن روسيا "ستحترم التزاماها في إطار منظمة المعاهدة الأمنية الجماعية"، مشيرا في الوقت نفسه إلى أن المواجهات "لا تجري على أراضي أرمينيا" بل على أراضي ناغورني قره باغ، الإقليم الانفصالي الأذربيجاني المدعوم من يريفان. لكن في حال امتد النزاع إلى الأراضي الأرمنية ، فإن ذلك قد يحمل روسيا على التدخل لا سيما وأن لديها قاعدة في أرمينيا. ومعظم الوفيات المؤكدة هي في الجانب الأرميني الذي أفاد عن سقوط 240 قتيلا، من المقاتلين الانفصاليين. ولا تعلن أذربيجان عن أي خسائر في صفوف قواتها.