شيكسبير أعظم أديب إنجليزي، تأثيره على الثقافة الغربية هائل، وأعماله مثل روميو وجوليت صنعت فئات من الأدب لم يكن يُلقى لها بال مثل الرومانسية، وأتقن تصميم وتطوير الشخصيات في أعماله، بل إن الإنجليزية نفسها تأثرت به، ففي عصره لم تكن قواعدها موحّدة كما هي اليوم بل فيها الكثير من الاضطراب، وإقبال الناس على أدب شيكسبير جعلهم يفضّلون أسلوبه وكلماته ومقولاته على غيرها فدامت هي واندثر غيرها، وأول معجم إنجليزي ظهر في 1755م كان يستشهد بكلام شيكسبير عند تعريف الكلمات أكثر من أي أديب آخر، تأثير ضخم! لكن من غرائب الحياة أن الناس ربما ما كانوا سيعرفون من هو لولا ممثلان اسمهما جون وهنري، فبعد وفاة شيكسبير العام 1616م عزما أن يوصلا أدبه للناس، وهنا الأمر العجيب، فعلى عظمة أعماله الفنية إلا أنها لم تلق تقديراً أو رواجاً في زمنه، بل لما كان شيكسبير حياً لم يكن هناك ما يميزه عن أي شخص آخر، ومات كما يموت أي شخص، غير أنهما لم يرضيا أن يتلاشى أدبه هكذا، ونشرا كل أعماله الدرامية لإحياء ذكراه، ولم يكن هذا سهلاً وقتها كما هو النشر اليوم، فبحثا عن نسخ ومخطوطات قديمة ضائعة وحاولا إيجاد صفحاتها المفقودة أحياناً، وتعاونا مع بعض الأدباء لتنقيح بعض أعماله، وكان هذا كله شديد المشقة، حتى أنه أخذ منهم سبع سنين من العمل الدؤوب المنهك، وأخيراً قاموا بنشر أعمال شيكسبير في كتابٍ واحد، وكان هذا هو المجلد الذي نشر أدب شيكسبير وجعل العالم الغربي يتعرف عليه ويقبل عليه ويعظّم أدبه، ولولا هذا لكان شيكسبير مجرد اسمٍ لا يعرفه إلا القليل. هل هناك عظماء اندثروا لأنهم لم يجدوا من ينشر عبقريتهم هكذا؟