عندما نقلب أوراق التاريخ الرياضي ونستعرض بعض جوانبه المضيئة نقف بكل إجلال وتقدير مذهولين أمام عظمة كيان رياضي ولد قبل 64 عاما داخل بيت طيني لا تتجاوز مساحته 150م2 في حي الظهيرة وسط مدينة الرياض ومن حسن الحظ أن هذا المقر التاريخي لا يزال قائما بهيئته العتيقة صامدا في وجه متغيرات الزمن حتى اليوم كأبرز الشواهد الحية لماضي هلال الظهيرة.. يقف بكل شموخ ليروي لجيل اليوم قصة مرحلة بناء صعبة ونجاح غير مسبوق بطله مؤسس نادي الهلال الشيخ عبدالرحمن بن سعيد (1925 - 2011م) «رحمه الله». رائد الرياضة العملاق الذي صنع التاريخ ورمز الهلال الأول الذي عانق المجد الأزرق طيلة مسيرته الرياضية التي امتدت سبعة عقود ترأس خلالها ثلاثة أندية (الشباب - الأهلي - الهلال) تحمل في تاريخها في عصرنا الحاضر إنجازات وبطولات محلية وخارجية. إن سر نجاح هذا المشروع الرياضي الهلالي يكمن بما حباه الله لهذا النادي من مؤسس محنك بذل قصارى جهده وسخر ماله وعصارة خبرته الإدارية التي اكتسبها إبان رئاسته لأول نادي تأسس في العاصمة وشيخ أنديتها (الشباب) لفترة عشر سنوات متتالية واستطاع بتوفيق الله، ثم بفكره النيّر وشخصيته القيادية الفذة وإدارته الواعية قيادة نادي الهلال إلى أعلى درجات التفوق والنجاح. لقد كان الهلال آخر أندية الرياض الأربعة الكبار تأسيسا لكنه كان أكثرها نموا وازدهارا، بل وأسرعها صعودا إلى منصات بطولات المملكة تخطى الحواجز المحلية والإقليمية والعربية إلى القمة الآسيوية ثم حلق في سماء العالمية كرابع أندية العالم. كان هذا النادي يسير بخطوات ذهبية في كل موسم يتحرك بفكر مؤسسي متناغم ويدار بعقلية احترافية سبقت زمانها ولا أدل على ذلك من نجاح عبدالرحمن بن سعيد بقيادة هلاله في عامه الرابع لانتزاع أول بطولة في تاريخه على مستوى المملكة (كأس الملك 1381ه) من براثن فريق الوحدة بطل النسخة الأولى لهذه المسابقة في عام تأسيس الهلال 1377ه. وشكل هذا الإنجاز بداية رحلة نجاح الهلال المذهل غير أن طموح رئيسه ومؤسسه - رحمه الله - كان يرنو إلى أبعد من ذلك عندما اختصر الزمن وطوى المسافة حين توج بكأسي الملك وولي العهد معا في موسم واحد على حساب الاتحاد والوحدة في ظاهرة هي الأولى من نوعها أن يأتي ناد حديث عهد بالبطولات الكبرى ويتفوق على أصحاب التاريخ والخبرة والبطولات وينجح بهمة أبطاله وروحهم القتالية في تقليم أظافر قطبي الكرة السعودية في السبعينات والثمانينات الهجرية ويحرمهما اللقبين الكبيرين محرزا ثلاث بطولات على مستوى المملكة وهو لم يكمل عامه السابع. كان سر التفوق الأزرق «شيخ الرياضيين» الرجل الذي ركب الصعب وحفر الصخر بيديه وتعرض لانتقادات اجتماعية لاذعة وتعامل مع قسوة الحياة والعادات والتقاليد النجدية التي كانت تنبذ الممارسة الكروية آنذاك تصدى لها بكل شجاعة وعزيمة قوية ليؤسس كيانا رياضيا يخدم الوطن بإنجازاته ويجلب السعادة لجمهوره ببطولاته ومتعته الكروية. ومن أبرز السمات الحميدة في شخصية «أبو مساعد» احترامه لمنافسيه والتزامه الصمت إزاء الكثير من الإساءات التي طالته وناديه في حياته. يعمل باحترافية إدارية عالية ويسيّر ناديه بعقلية واعية سبقت زمانها بمراحل وكان التخطيط والمتابعة من أبرز عوامل نجاحه «رحمه الله». الجانب الإيجابي الآخر في حياة مؤسس الهلال رؤيته للأوساط الرياضية بمنظار العقلانية وحب الرياضة ودعم الرياضيين بمختلف ميولهم ولعل دعمه ماديا ومعنويا لغريمه التقليدي (النصر) في مرحلة تسجيله الرسمي لدى رعاية الشباب عام 1380ه خير مثال بالوثائق والشواهد التاريخية. لذا لا نستغرب استمرارية هذه الثقافة الزرقاء المتوارثة التي زرع بذرتها الأولى عبدالرحمن بن سعيد واستمرت طيلة العقود الستة الماضية. واليوم يسير على هذا النهج الإداري الرائع رئيس الهلال الحالي الأستاذ فهد بن سعد بن نافل الذي يقدم لنا صورة أكثر من مثالية لواقع مشرف للإدارة الرياضية الواعية التي تدع عملها وانجازاتها تتحدث عنها دون إساءه أو تجاوزات تجاه المنافسين حتى وإن تعرض ناديه لأقسى أنواع الظلم والإجحاف من بعض الحكام واللجان كما شاهدنا هذا الموسم. فاحترام المنافس نصف الانتصار وهذه باختصار حقيقة الرئيس المذهل «ابن نافل» الذي يسير على خطى المؤسس «ابن سعيد» بقيادة النادي العاصمي الكبير إلى أعلى درجات المجد وأعطى وجوده على رأس الهرم الإداري الأزرق ثقلا إيجابيا في الوسط الرياضي اليوم. عبدالرحمن بن سعيد - رحمه الله - يتابع إحدى مباريات فريقه بإستاد الأمير فيصل بالملز 1417ه (تصوير: عبدالله عثمان «رحمه الله») الرئيس «المذهل» فهد بن نافل قاد الهلال لأعلى درجات المجد فهد الدوس أروع احتفالية هلالية ببطولة آسيا الأخيرة 1441ه أول جيل حقق للهلال أول بطولة (كأس الملك) 1381ه بقيادة الكابتن مبارك عبدالكريم «رحمه الله» جيل «هلال اليوم» الذي أحرز البطولة رقم (60)