الدراما التاريخية هي المعنية في تحفيز الذاكرة وقراءة الأحداث الدائرة في عقود مضت.!، هذا هو فيلم "Greyhound" والذي تدور أحداث قصته في خضم الحرب العالمية الثانية لضابط بحري يقود مدمرة إميركية من إخراج آرون شنايدر وبطولة توم هانكس والذي كتب السيناريو أيضًا، في دور قائد متدني الخبرة يخوض أول معاركة في ميدان القتال البحري (أرنست كراوس) خلال فترة معارك المحيط الاطلسي، والتي تدور رحاها ما بين سفن قوات التحالف المتجهة لخطوط جبهات القتال الأوروبية وبين الغواصات الألمانية التي تتصيد سفن الحلفاء متسلحة بمهارات قتالية عالية لتكبد عتادها وجندها خسائر فادحة كل مرة تهاجمها بإمكانيات وتجهيزات متقدمة لهذا النوع من الغواصات. هذه المرة وتحت إمرّة هذا القائد الجديد تختلف موازين القوى بعد أن أبحرت قافلة جديدة للحلفاء تتكون من 37 سفينة بقيادة كراوس باتجاه مسرح الغواصات الالمانية المشهورة بقدرتها العالية على الاختباء والمباغتة، حيث يحدوها الأمل لتصل هذه القوات المنقولة بحرا ً إلى مكان القتال بأمان. يظهر الضابط كراوس هنا مهارة قيادة عالية وأسلوب تعامل راق وتواضع جمّ مع طاقم المدمرة موحدا المهارات القتالية الاستثنائية لهذا الفريق ليكون مستعدا لخوض أول معركة برباطة جأش منقطعة النظير واحترام وافر لنائبه تشارلي وتسلسل إداري منظم عند إعطاء الأوامر وتقبل نتائج قراراته العسكرية الصعبة برغم أن المعركة خاطفة والعدو متمكن في تسديد ضرباته القاتلة بسرعة وفاعلية. هنا يحافظ الضابط كراوس على هدوئه!، إلا أن متغيراته الداخلية تكون جليه عند تصاعد التوتر والإصابات سواء كان في جانب قافلة السفن التي يحميها أو حتى الطاقم الذي يقاتل معه ويعرف أن الغواصات الالمانية، كبدت قوات الحلفاء الكثير من الأرواح طوال مدة الحرب. فيلم احترافي صنعت منه السينما درسا أكثر من كونه ترفيها، أدى توم هانكس دوره كضابط رائع يعرف ما يدور حوله ويظهر جليا ضرورة الالتزام بالأوامر الصادرة من أعلى رتبة إلى أدناها من خلال تسلسل إداري سلس وبمهارة قيادية عالية لتكون إطاعة الأوامر هي الفيصل في التفوق. يقدم هذا الفيلم دروسا في علم القيادة والانضباط الواجب تطبيقها على جميع الأصعدة والمستويات وليس فقط على الصعيد العسكري، فالهدوء ورباطة الجأش والالتزام التام بالتسلسل الاداري عند اتخاذ القرار باستخدام الصلاحيات في حال وجوبها دون تردد أو محاباة يعد من أولويات القائد الحقيقي والتي يجب اتخاذها، مهما بدا عليه التواضع لتساعده في تفادي الفريق أي خسائر فادحة مستقبلا. فيلم رائع، يحفز كل الذين يظنون أنه تأخر بزوغ نجم إمكانياتهم وأفل حظ الشهرة لديهم وأن هناك متسع من الوقت، وفقا لما أظهره المخرج والممثل في هذه الملحمة البحرية، ونجاحهما في ايصال فكرة أن روح تعاون الفريق هي مداد القلم الذي يكتب أسماء الناجحين في كتب التاريخ وليس الخبرة الممتدة وما يصاحبها من غطرسة. مدة الفيلم ساعة ونصف، وبلغت ميزانية إنتاجه 50 مليون دولار، من إنتاج شركة سوني الرائدة في صناعة الأفلام عام 2020 ومصنف PG-13.