في الجهة الشمالية من مباني بلدة (جزيرة فرسان)، وعلى بعد اثنين كيلو - تقريبا - يوجد مبنى قلعة أثرية تعارف الناس عليها بأنها (قلعة الأتراك)، وبالرجوع إلى المصادر التاريخية؛ نجد أن جزيرة فرسان قد خضعت للبرتغاليين الذين سيطروا على البحر الأحمر في عام (1507م) حيث وجدوا فيها بغيتهم التي تمثلت في كثرة آبارها الصخرية ومياهها العذبة التي أمنت لهم مصادر مياه الشرب ولاحتياجات سفنهم التي تمخر مياه هذا البحر، كما أمنت لهم الموانئ - ذات المياه العميقة - المناسبة لرسو سفن أسطولهم البحري وإنزال قواتهم العسكرية ومعداتها للتدريب عليها وصيانتها. كان اختيار مكان مبنى القلعة مبنيا على رؤية عسكرية تجعل من ذلك المكان المرتفع موقعا يسمح لهم بمراقبة أي سفن معادية تمر بالقرب من سواحل فرسان. والذي يثبت أن هذه القلعة برتغالية هو ما كتبه قائد الأسطول البرتغالي - في البحر الأحمر- لملك البرتغال - آنذاك - (عمانويل الأول) وقال له فيها: إن شيخ مدينة عدن يريد أن يبني قلعة على أحد سواحل عدن تطل على البحر الأحمر، ولكننا في غنى عن تلك القلعة لأن لدينا - في جزيرة فرسان - قلعة تؤدي غرضا أفضل من قلعة عدن 1. ومن المؤسف جدا أن هذه القلعة تعرف الآن ب(قلعة الأتراك)، وحسب هذه المعلومة قامت الهيئة العامة للسياحة والآثار - سابقا - بكتابة لوحات إرشادية في شوارع فرسان كتب عليها (قلعة الأتراك) أتمنى لو استبدلت تلك اللوحات بلوحات أخرى تكتب عليها المعلومة الصحيحة حفاظا على الحقيقة التاريخية. إن المعلومة الخاطئة الموجودة على اللوحات الإرشادية اعتمدت على ما تناقله العامة من الناس الذين توارثوها عمن سبقهم من الآباء والأجداد الذين عاصروا ما قام به الأتراك من ترميم للانهيارات التي حدثت بسبب تقادم الزمن لأن البرتغاليين لم يمكثوا طويلا مسيطرين على البحر الأحمر، ولكنهم طردوا من قبل دولة (المماليك) في عام 1516م - تقريبا، والمماليك طردوا من قبل العثمانيين - الذين سيطروا على البحر الأحمر بقيادة التركي سليمان باشا «2» في عام 1538م واستمروا في هذا البحر وفي جزيرة فرسان، وأثناء خضوع هذه الجزيرة لحكمهم قاموا بترميم القلعة المذكورة. والآن وبعد أن بدأ التصدع والانهيارات تدب في السقف والجدران قامت الهيئة العامة للسياحة والآثار بترميمها إلا أن المعلومة الخاطئة مازالت موجودة. ما نرجوه من وزارة الثقافة التي عهد بالآثار إليها أن تقوم بتصحيح اللوحات الإرشادية حتى لا يستمر الخطأ، وبالمناسبة أجدها فرصة أن أشير إلى ما نشرته جريدة (الشرق الأوسط) يوم الاثنين 13 / 12 / 1441 هجرية الموافق 3 / 8 / 2020 م. العدد15224 بقلم الكاتب صالح الزيد الذي أشار إلى تصريح سمو وزير الثقافة الأمير بدر بن فرحان رئيس مجلس إدارة الجمعية السعودية للمحافظة على التراث (نحن تراثنا) على حسابه في (تويتر) الذي قال فيه: نعمل على تقديم ملف محمية فرسان الرائعة لتسجيلها في قائمة (الماب) في (اليونسكو). بلادنا غالية بإنسانها، وتنوعها الطبيعي، والثقافي. هذا التصريح يا سمو الأمير بعث في نفوسنا - نحن أبناء فرسان - بأن هذه الجزيرة قد بدأ نجمها يسطع بعد أن فرض عليها موقعها الجغرافي عزلة جعلتها بعيدة عن الأنظار رغم أهميتها الاستراتيجية ورغم كونها ثروة جزرية اقتصادية، وها نحن على بوابة الأمل من واقع ما تبذله الدولة من اهتمام بها، ولا أعفي القطاع الخاص من الواجب الذي عليه لأن السياحة لا تكتمل إلا بوجود عناصرها الرئيسة وبنيتها الملائمة من فنادق، وشاليهات ومنتجعات بحرية إضافة إلى الاهتمام بآثارها التي تكتنز حقبا من التاريخ، وأهم من ذلك كله وسائل نقل حديثة تكسر احتكار البحر الذي يعزلها في بعض الأيام عن الآخرين مع الأخذ بعين الاعتبار الدور الفاعل الذي تؤديه العبارات الخمس التي تكرمت بها الدولة وغيرت معالم الحياة فيها. شيء أخير يا سمو الأمير وهو تلافي الأخطاء التي وقعت في تنفيذ الخطوات القليلة جدا التي نفذتها السياحة سابقا، حلم نأمل أن يتحقق في القريب العاجل ليستطيع هذا الوطن أن يحلق بجناحين جزريين سياحيين أحدهما في الشمال في (نيوم) والثاني في الجنوب في فرسان حسب رأي الكاتب المعروف الأستاذ مشعل السديري في أحد مقالاته في جريدة الشرق الأوسط. أكرر يا سمو الوزير.. حلم نسأل الله أن يتحقق. المراجع: 1- العالم الإسلامي في التاريخ الحديث المعاصر.. د/ مصطفى محمد رمضان.. صادر عن دار الوفاء بالقاهرة. 2- كانت تلك الحملة في عام 1538م بقيادة التركي سليمان باشا (الفتح العثماني الأول لبلاد اليمن).. السيد مصطفى.