تؤثر البطالة في المجتمعات بصور مختلفة ومتعددة وتتداخل في الحياة الاجتماعية العامة بشكل سلبي وهو ما ينعكس بدوره على الاقتصاد الكلي بشكل عام. وفي خضم الصراع على الوظيفة بين المهارات والشهادات ما تزال الفرصة للحصول عليها ممكنة لكن ما يحتاج إليه الشباب اليوم ليس مجرد فرصة عمل براتب متواضع بل هناك الأمان الوظيفي وساعات العمل والتأمين الصحي والعلاوات السنوية والإجازات المدفوعة كلها يحتاج إليها الموظف. أقرت وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية مؤخراً حزمة من القرارات لتوطين عدد من القطاعات كما حددت حداً أدنى للرواتب، وكلها خطوات في الطريق الصحيح وما يزال الطريق طويلاً في سبيل التوطين حيث إن السوق المحلي كبير ولدينا صناعات وطنية ونهضة اقتصادية قادمة وفي حاجة إلى اليد العاملة الماهرة والمدربة. إذ ما تزال ساعات العمل هي الأخرى بحاجة إلى قرارات تساهم في زيادة الإنتاج، فكل المؤشرات العالمية تؤكد أن خفض ساعات العمل يساهم في زيادة إنتاج الموظفين، ولا يخفى على أحد أهمية الأمان الوظيفي بالدرجة الأولى، والذي بدوره يلعب دوراً رئيساً في استمرار الموظف وجاذبية القطاع في العمل لفترات زمنية أطول، فالكثير من الشباب يغادر العمل لمجرد حصوله على فرصة أخرى يعتبر الأمان الوظيفي فيها عنصراً أساسياً إذ تمثل المادة 77 من نظام العمل عقبة في سوق العمل لدينا. من جانب آخر، أثبتت المرأة كفاءتها في إدارة الأعمال وهي تحتاج إلى قوانين تساعدها في زيادة الفرصة أمامها سواء ساعات العمل أو بيئة الأعمال وتوفير الحضانات الخاصة بالأطفال، فكثير من المؤهلات للعمل وبدرجات علمية عليا تواجه صعوبات في العمل بسبب عدم توفر الحضانات حيث إن تكلفة الحضانة تستطيع أن تأخذ راتب الموظفة، ما يجعلها تفكر في ممارسة العمل قبل أن تقدم على هذه الخطوة. من الممارسات التي نحتاج إلى ضبطها إعلانات التوظيف التي تنشر في وسائل الإعلام المختلفة أو عبر تطبيقات التواصل الاجتماعي دون وجود معلومات كافية مجرد طلبات توظيف بهواتف اتصال عامة أو خاصة أو بريد إلكتروني دون أن تفصح تلك الجهات عن نشاطها ومقراتها وطرق التوظيف لديها، وهي بحاجة إلى رقابة ومتابعة هي الأخرى لمنع التجاوزات من خلال إنشاء منصة إلكترونية تتبع لوزارة الموارد البشرية حيث تدخل طلبات التوظيف من خلالها وتعتمد كجهة لمتابعة الطلبات والترشيحات لتكون مصدراً موثوقاً للإحصاءات وأرقام التوظيف سواء في القطاع الخاص أو العام خصوصاً بعد دمج وزارتي العمل والخدمة المدنية في وزارة الموارد البشرية. سوق العمل لدينا كبير ويستطيع استيعاب الشباب السعودي في فرص تلائم مؤهلاتهم وتسد احتياجاتهم في فرص عمل حقيقية لتحقق الاستقرار والأمان الاجتماعي وتدعم الاقتصاد الوطني في ظل رؤية بلادنا المباركة 2030.