حينما يفهم البعض أن المنافسة مناطحة فسوف يخسر بعضنا البعض، بل قد يقتل بعضنا البعض، المنافسة الشريفة إيمان بقيم وأسس ومبادئ، تصل بنا إلى بر الأمان، فهي ليست مجرد كلمة فقط ندندن حولها، أو نتغنى بها، بل هي أفعال ذات قيمة، قبل أن تكون أقوالاً. المنافسة الشريفة تبدأ بمنافستنا لذواتنا قبل أن تكون مع غيرنا، بتصحيح مسارها والارتقاء بتوجهاتها؛ حتى إذا ما نافسنا غيرنا وجدناها تقربنا ممن حولنا ولا تنفرنا، لأنها صقلتنا وجعلتنا نبني ولا نهدم، نتقدم ولا نتأخر، ونرتقي بأخلاقنا وذواتنا ومجتمعاتنا ولا نتقهقر. المنافسة الشريفة لا تؤثر على صاحبها كلمات الثناء أو الإحباط، أو الهدايا أو الحرمان، لأن (رِجلُ صاحبها في الثَرَى وهَامَةُ هِمَّتِهِ في الثُّرَيَّا)، لأنه دائماً ما يسعى للمعالي ولا يبالي، يقبل التحدي بلا تعدٍ، يأخذ بيد منافسه ويحاول أن يجد له مخرجاً كما يحاول أن يجدها لنفسه وهكذا، وطالما كانت المنافسة لا ترقى بنا فلن ننال من الشرف شيئاً، وكلما فرحنا بإخفاق من نافسنا فهذا يعني أننا قد خسرنا، بل يعني أنها بدأت حرب ضروس، تقتل فينا جمال الروح، لأن المنافسة بشرف لا تشغلنا بالمنافس إلى أين وصل، بل هل قدمنا الأفضل لذواتنا ومن حولنا، وهل أضفنا خبرة وقيمة جديدة لمنافسينا قبل مجتمعنا؟ وهكذا كلما كنا نعمل بشرف للوصول، كلما كنا ذاك المنافس المنصور.