أعادتني متابعتي الحالية لمسلسل "لا موسيقى في الأحمدي" الذي يُعرض حالياً على قناة "MBC1" لسؤال دائم ومثير، حول غياب الرواية السعودية عن أعمالنا الدرامية، فتجربة الأعمال الروائية التي تتحول إلى مسلسلات وأفلام ثرية وغنية وتغطي الجانب الأضعف في الدراما السعودية وهو النص والسيناريو الجيد، فرواية "لا موسيقى في الأحمدي" للكاتبة منى الشمري والتي تحمل نفس اسم المسلسل تعطيك أبعاداً مختلفة لجمال الرواية عندما يتم تجسيدها بعمل درامي يرتكز على مخرج جيد وممثلين مميزين وهو ما جعل هذا المسلسل يحقق نجاحاً واحتراماً كبيراً رغم أنه سبق أن تم عرضه وتتم إعادته حالياً. هذا العمل يذكرني أيضاً بنجاح مسلسل "ساق البامبو" المأخوذ عن الرواية التي تحمل هذا الاسم للمؤلف سعود السنعوسي وحقق نجاحاً كبيراً كمسلسل كما هي الحال للرواية التي حققت جوائز مهمة عالمياً، وهنا نجد أنفسنا أمام المعضلة التي طالما تحدثنا عنها في مسألة غياب النص الدرامي، حتى أننا وصلنا لمرحلة من الممكن أن تكون نظرتها تجارية أو قلة وعي وثقافة في تحول بعض الممثلين وخاصة المنتجين لأعمالهم لمؤلفين للمسلسلات التي يقومون بتمثيلها، وهذه ظاهرة أثرت على العمل الدرامي السعودي، بل ومن دون مبالغة أفقدته هويته وجمالياته. على ما أذكر أن أشهر رواية عربية سعودية تم تجسيدها درامياً هي رواية "شقة الحرية" للراحل الدكتور غازي القصيبي، وحملت كمسلسل نفس الاسم، ولكنها كانت من وجهة نظري ضعيفة في تجسيدها درامياً، وإن كانت الظروف في تلك الفترة لم تساعد في نجاحها وانتشارها عربياً، حتى وصل الأمر بعد نجاح مسلسل "دفعة القاهرة" الكويتي لاتهام الكثيرين للمؤلفة بأنها جسدت رواية "شقة الحرية" بأسلوب كويتي! الرواية السعودية تمثل حالة ثقافية متفردة على مستوى الأدب العربي، يساعدها التركيبة الثقافية الغنية لمختلف مناطق ومدن المملكة، فكل مدينة أو حتى قرية عندما تخرج منها رواية لأسماء سعودية بهذا المجال نجد أنها تمثل حالات تستطيع أن تتجسد درامياً بصورة تعطي أبعاداً مختلفة للحقيقة المعرفية السعودية، ولكن هناك علامات استفهام للعلاقة السيئة بين صناع العمل الدرامي والروائيين السعوديين، فالأعمال الدرامية السعودية فقيرة جداً من حيث التسلسل ومن حيث المفردات ومن حيث اللغة، فأنت تحزن على سبيل المثال لما تشاهده من لصق ولزق باسم الدراما، حتى عربياً نجد أي عمل درامي تم تجسيده من خلال رواية يحقق نجاحاً ملفتاً على سبيل المثال "رأفت الهجان، وأرض النفاق، والأيام" وغيرها من الروايات الشهيرة، لذا أعتقد أن الرواية السعودية ستكون المنقذ للدراما السعودية، إذا أردنا أن تكون هناك دراما بدلاً من الأمر المخجل الذي نعيشه منذ سنين.