"التعصب الرياضي" مشكلةٌ أرّقت مجتمعنا سنين طويلة، رغم جهود دولتنا وإصلاحاتها المُبينة، وخطط "التحول الوطني" وتناغمها وصولاً إلى "رؤية 2030م" والتي لا تحتمل وجود أجيالٍ متعصبةٍ أنانيّةٍ ينمّيها ويغذّيها التعصب الرياضي وأربابه.. شكراً للنيابة العامة لكبح جماحه ومن جذوره.. "التعصب الرياضي" ظاهرة عالميّة تتجاوز الانتماء والضوابط الأخلاقية والمنطقية، وهي حالة متقلبة وجزءٌ من الحالة النفسية السيكولوجية بالتحزب الجماهيري، والشحن النفسي، والتأجيج الإعلامي المثير للوصول للتعصب الأعمى الشرس.. ويرى فيه العديد من متخصصي علم الاجتماع وعلم النفس، أن من أسبابه صفات داخلية "شخصية"، كالجهل، التعصب، الأنانية، التنمر، وقبلهم عدم التحلي بالروح الرياضية.. بالإضافة إلى مؤثرات "خارجية" تؤجج المشاعر من قبل "الإعلام الرياضي"، الأخطاء التحكيمية، المشجعين عندما يصبح لهم أدوار سلوكية عكسية.. وأهمها اليوم تأثيراً "القنوات الفضائية" و"مواقع التواصل الاجتماعي" في نشر المهاترات، الأخبار المفبركة، الصور غير اللائقة! للأسف رياضتنا -كرة القدم تحديداً- تعاني منذ فترة زمنية طويلة تعصباً بشكلٍ عام وبخصوصيةٍ أعلى، عندما أبرزتها عدد من "قنواتنا" الفضائية؛ مؤججةً ببعض مقدميها ومحلليها وإعلامييها من أجل رفع القيمة الإعلانية وزيادة عدد المشاهدين والمتابعين لهم وللبرنامج، وبانتقائيةٍ نحو بعض أنديتنا السعودية، مثل هؤلاء، يعملون أسفاً بأدوات تبدأ تقليلاً من شأن الفرق المنافسة، وتبدأ مرحلة الاستفزاز وتتطور في أشكالها لتصل لمراحل التهريج والشتم والقذف والتجريح والاعتداء بكافة أنواعه على "المنافس" بل بالتجاوز على رياضتنا ورموزها ومقدراتها بشكل غير مباشر وبإسقاطات ساذجة تنعكس ممارسةً في وسائل التواصل الاجتماعي. وبهذا المنعطف الأخطر، نجد أن "إعلاميي الرياضة" هؤلاء يرسخون التعصب الكروي ليغدو ظاهرة ويتحول باستمراره إلى "ثقافة"، بدلاً من أن يكونوا مساهمين في التنافس الشريف قدوةً، ولكيانات الفرق الرياضية وجماهيرها حتى أطفالها ومراهقيها، وأسفاً نجدهم متعمقين ومنغمسين في "بوقاتٍ" ممتلئة بترهات التنابز والعنتريات والمهاترات وعنصريات وإسقاطات ولّى زمانها، بل تجاوزت خروجاً عن المألوف وانعداماً من الروح الرياضية وأكثر؛ فإن كانت "مقصودة" بحجة الإثارة بين الأندية والجمهور فهي "تمثيليّة" ممجوجة أسفاً، وإن كانت ردة فعلهم حقيقيّة فعلينا وعلى رياضتنا و"أجيالنا" السلام! ومن هنا، ومع دورينا السعودي الذي يحمل أغلى لقب "دوري كأس الأمير محمد بن سلمان"، كنا نقول ونأمل من قبل ونحاول مراراً أن نهمس في أذن هؤلاء النماذج من "إعلاميي التهريج": إن طرحكم ككرة الثلج تكبر وتجرف الجمهور، وتنتقل من خارج الملاعب والقنوات الفضائية والأثير إلى أطفال ومراهقين وأجيال مقبلة، وقنابل يتلقفونها قابلة للانفجار في أي لحظة بخلق "عنصرية" وتمييز بين أبناء الوطن يخلق بغضاء بينهم، وتنشئة ضنكى على الأنانيّة، وعدم قبول الآخر، وأي نقد "إيجابي" نأمله أسفاً! في نفس المنعطف والأجمل، تابعنا الأسبوع الماضي توجيه "النيابة العامة" بالقبض على أشخاصٍ نشروا محتوى عبر حساباتهم في إحدى منصات التواصل الاجتماعي، يثير التعصب والكراهية في الوسط الرياضي، ويهدف إلى زعزعة الثقة في عدالة ونزاهة الهيئات الرياضية ومسؤوليها. الخبر أعلاه بكل أمانة، أسعد المجتمع السعودي بأسره، والوسط الرياضي المعتدل وصولاً إلى المثقفين والتربويين والآباء.. لاسيما أنه جاء بعد وقتٍ طويلٍ بعد أن كان هناك "تسامحٌ" كبير وغضّ طرفٍ من مؤسسات الإعلام الرسمية واتحاد الإعلام الرياضي على تلك الممارسات، فكان تدخل "النيابة العامة" كجهةٍ رسميةٍ "سياديةٍ" تسن القانون وتحدد الضوابط نحو التعصب الرياضة بأشكاله، حتى لا يخرج المشهد الرياضي عن السيطرة وفروسيته وأهدافه النبيلة العليا. وللأمانة، وبدورنا نشكر "النيابة العامة" وجهودها المتوالية، ولإهابتها بالوسط الرياضي تحلياً بروح الوسطية والاعتدال في الميول الرياضي، ونبذ التعصب الرياضي المقيت المنطوي على الإساءة للآخرين أو البذاءة اللفظية أو ما من شأنه المساس بنزاهة وعدالة الهيئات الرياضية، وتطبيقها للأنظمة بكل حزم على المتجاوزين لحدود الآداب العامة والساعين إلى إثارة البلبلة، بين أفراد المجتمع، من دون تثبت أو رجوع للمصادر الرسمية. ختاماً، بقي أن "التعصب الرياضي" مشكلة أرّقت الكثيرين داخل الأوساط الرياضية وخارجها، ومجتمعنا بأسره سنين طويلة، ونذكرُّ صدقاً أن جهود دولتنا وإصلاحاتها المُبينة وخطط "التحول الوطني" وتناغمها وصولاً إلى "رؤية 2030م" لا تحتمل أجيالاً متعصبة أنانيّة ينميّها ويغذيّها التعصب الرياضي وأربابه.. شكراً للنيابة العامة لكبح جماحه ومن جذوره!