يرى العديد من متخصصي علم الاجتماع وعلم النفس أن من أسباب "التعصب الرياضي" صفات داخلية "شخصية"، كالجهل، التعصب العرقي، الأنانية، وعدم التحلي بالروح الرياضية.. بالإضافة إلى مؤثرات "خارجية" تؤجج المشاعر من قبل "الإعلام الرياضي"، الأخطاء التحكيمية، روابط المشجعين عندما يصبح لها أدوار عكسية تثير النعرات والعنصرية.. وأهمها اليوم تأثيراً "مواقع التواصل الاجتماعي" في نشر المهاترات والأخبار المفبركة والصور غير اللائقة! "الرياضة" جزءٌ لا يتجزأ من حياة الشعوب، وأحد مظاهر تقدمها، ومتعةٌ تسمو بها النفوس؛ نشراً للأخلاق الحميدة والقيم الفاضلة، وتهذيباً للنفس وتوجيهاً للسلوك، من سماتها العليا إيجاباً التنافس الشريف، ومن سلبياتها "التعصب الرياضي" وتطرفه الأعمى، وفيه يجد "المتعصب" ميولاً وشعوراً مبالغاً فيه وزائداً عن حده الطبيعي، ليظهر عبره هوساً ومبالغةً في تشجيع فريق أو لاعب معين.. وبمعزل تام عن التفكير العقلاني، حتى يُجمّل القبيح، ويُحول السلبيات إلى إيجابيات! للأسف رياضتنا -كرة القدم- تعاني تعصباً بشكل عام وبخصوصية أعلى، تبرز من خلال عدة "قنوات" وإعلاميين يعملون بها بأدوات تبدأ دائماً تقليلاً من شأن الفرق المنافسة، وتتطور في أشكالها لتصل لمراحل الشتم والقذف والتجريح والتخريب والاعتداء بكافة أنواعه على "المنافس". وفي نفس المنعطف الأخطر، أرى أن أحد مسببات التعصب الرياضي في كرتنا "السعودية" هم بعض "إعلاميي الرياضة"، فبدلاً من أن يكونوا قدوة للاعبين ولكيان الفرق وجماهيره حتى أطفاله ومراهقيه، نجدهم متعمقين ومنغمسين في "نرجسياتٍ" ممتلئة بترهات التنابز والعنتريات والمهاترات وعنصريات ولّى زمانها، بل تجاوزت خروجاً عن المألوف وانعداماً من الروح الرياضية وأكثر؛ فإن كانت "مقصودة" بحجة الإثارة بين الأندية والجمهور فهي "تمثيليّة" ممجوجة أسفاً، وإن كانت ردة فعلهم حقيقيّة فعلينا وعلى رياضتنا و"أجيالنا" السلام! ومن هنا ومع بداية دورينا السعودي الذي يحمل أغلى لقب "دوري كأس الأمير محمد بن سلمان"، وجب أن نهمس في أذن هؤلاء النماذج من "إعلاميي الرياضة".. طرحكم ككرة الثلج تكبر وتجرف الجمهور، وتنتقل من خارج الملاعب والقنوات الفضائية والأثير إلى أطفال ومراهقين وأجيال مقبلة، وقنابل يتلقفونها قابلة للانفجار في أي لحظة بخلق "عنصرية" وتمييز بين أبناء الوطن يخلق بغضاء بينهم، وتنشئة ضنكى على الأنانيّة، وعدم قبول الآخر، وأي نقد "إيجابي" كان! نعرف أن "التعصب الرياضي" مشكلة أرقت الكثيرين داخل الأوساط الرياضية وخارجها، ولكن بقي أن نوجه رسالة لوزارة الإعلام، ولهيئة الرياضة، وللاتحاد السعودي للقدم، وأذكرّهم صدقاً أن جهود دولتنا وإصلاحاتها المُبينة من "مركز الحوار" و"الاعتدال" وخطط "التحول الوطني" وتناغمها مع "رؤية 2030م" لا تحتاج إلى أجيالٍ متعصبة أنانيّة ينميها مثل هؤلاء الإعلاميين وبرامجهم وطرحهم وعنترياتهم لأنديتهم، وتبقى المطالبة "اليوم" بقوّة ألاّ يخرج إعلامي رياضيّ إلا ولديه "أبجديات" الحوار واحترام الآخر ومعرفة معنى "التنافس" وآدابه.. "إعلاميو الرياضة" بربكم رفقاً بأجيالنا.