اشتقت إليك يا أمي، سأقولها بدايةً حتى لا تستبطئوا النهاية.. سأكتب هذه الأسطر عن أعظم حدث مرّ في حياتي؛ ففي الثالث عشر من ذي الحجة 1441ه وفي تمام الساعة 11:56 صباحاً رحلت أمي لولوة بنت محمد الدّخيِّل بهدوء إلى جوار ربها. يُقال: "العمر هو الشىء الوحيد الذى كلما زاد نقص"، فالدقائق التى تمر بأعمارنا تنتقص منه، إلا أنّ هناك أعمارًا كلما ازدادت ثقُلت فى ميزان قلوب البشر. وعرفاناً بكل جميل أنا عليه اليوم ورداً لعُشرٍ من آلاف أفضال أجمل امرأة رأتها عيني، وأقرب امرأةٍ أحبّها قلبي سأكتب هذه الأسطر إهداءً ل(روح أمي). وبعدما أسترجع مقولة عُمر رضي الله عنه: (لو عُرضت الأقدار على الإنسان، لاختار القدر الذي اختاره الله له) لأقول: (لو قُدِّرَ لي أن أختار والدِّي؛ لاخترتُ أبي وأمي). كانت لها جادة معروفة تسلكها يومياً مشياً على الأقدام لزيارة والدها الشيخ: محمد بن عبدالله الدخيِّل -رحمه الله تعالى- في النِّهير بالمذنب تقطع فيها مسافة اثنين كلم لزيارة والديها. تحملت المسؤولية بعد وفاة والدي.. في شهر ذي الحجة عام 1400ه وتَحلّت بالصبرِ والاحتساب.. وعلى الرغم من تعبها في أشهرها الأخيرة كانت تتوق لزيارة أختها منيرة وكأنها تريد وداعها.. بعد شهر رمضان الماضي تردت صحتها ومطلع ذي القعدة نقلناها للطوارئ في مستشفى المذنب ومن ثم نُقِلت إلى مستشفى آخر بقيت فيه 25 يوماً في العناية المركزة إلى أسلمت الروح لبارئها.. أمي.. أين أنتِ؟ أشُمُّ رائحتك أسمع أنفاسك سريرك في مكانه سجادة صلاتك في مكانها.. ترانيم تسبيحك وتهليلك واستغفارك تملأ المكان عباءتك وأثوابك تُعطر الأركان.. خطواتك مازال صداها في المكان.. أمي.. ها أنا.. أهيم بين جدران البيت أبحث عنك.. أشتاق لقبلة على جبينك.. وأتوق إلى تحسس يديك.. وأحنُّ لقول: يُمّه لكن لا أحد يجيبني..! كل شيءٍ حولي يذكرني بك كل زاوية في البيت تسكنها ذكرياتك لكن أين أنتِ؟ هل رحلتِ؟ من.. سيحيطني بدعوةٍ تنير طريقي من.. سيفرح لفرحي بعدك من.. سيحزن لحزني مثلك من.. سيُذكِّرني إذا نسيت من.. سيُوجِّهني إذا زللت من.. سيفتقدني إذا غبت من.. سيحتضنني إذا حضرت من.. سيشعر بعطشي وجوعي من.. سيكفكف دموعي أمي الحبيبة.. علمتني كل شيء؛ لكنك لم تعلميني كيف أكون في غيابك! وخرجت تلك الروح الطاهرة لبارئها في الساعة 11:56 من يوم الاثنين 13 /12 / 1441ه. وداعاً أمي، وداعاً يا أم الجميع.. رحيلُك خلّف حرقةً يصعب وصفها وغصةً لا أُجيد شرحها.. وداعاً أمي. أمي الحبيبة.. هل تعلمين أنِّي كنتُ طفلاً.. وهَرِمتُ فجأة. وداعاً أمي (لولوة بنت محمد الدّخيِّل).