أرعد المرجفون وأبرقوا بتوقعاتهم وأمانيهم بفشل حج هذا العام، وارتفعت أصوات المرتزقة أصحاب الأجندة السوداء وتعددت وسائل نفث سمومهم بطرق مباشرة وغير مباشرة ليتناقلها المغرضون الباحثون عن أي أمر يثيرون من خلاله الفتنة ضد سياسات المملكة. ولكن سرعان ما خابت أهدافهم الخبيثة أمام تلك الجهود التي بُذلت وتكللت بالنجاح وفقًا للإجراءات الاحترازية التي اتخذتها حكومة خادم الحرمين الشريفين لتغلق بعد ذلك بكل ثقة وهدوء أفواه أعداء المسلمين من المشككين والمرتزقة الذين قد اسودت صحائف تاريخهم في استهداف الحج والحجاج رغبة منهم في إفساد هذه الشعيرة؛ بحملهم الأجندات السياسية والعقائد المعادية. لقد كان حج هذا العام حجاً استثنائياً بكل المقاييس لم يتخذ - قطعًا - بشكل اعتباطي، إنما بناء على خطط ودراسات واستراتيجيات تتعلق بسلامة ضيوف الرحمن أولاً، وأمن البلاد واستقرارها الصحي. فكان العدد المحدود حرصًا من الدولة - أيدها الله - على إقامة هذه الشعيرة بشكل آمن صحياً وبما يحقق متطلبات الوقاية والتباعد الاجتماعي اللازم لضمان سلامة الحجاج وحمايتهم من مهددات هذه الجائحة وتقديم كافة التسهيلات والاهتمام والرعاية وحسن التنظيم الذي مكّن ضيوف الرحمن من تأدية مناسكهم بكل يسر وسط أجواء إيمانية تحفها رعاية الله. إن من الامتثال لقوله تعالى (وأما بنعمة ربك فحدث) شكر النعم بإظهارها امتناناً يتضمن معاني الحمد والشكر استبقاء للنعمة، ومن باب الشيء بالشيء يذكر فإني سوف أسلط الضوء على أبرز أسباب هذا النجاح، فإن السبب إذا عرف سهلت المحافظة على النعمة وذلك بالمحافظة على أسبابها، فهذا النجاح المبهر أمنياً وصحياً واقتصادياً ومرورياً في ظروف استثنائية اجتمع فيها بشر من مختلف دول العالم بلغات وطبائع وعادات مختلفة في بيت الله يؤدون عبادة واحدة في مكان واحد في وقت واحد ثم ينهون مناسكهم بتنظيم عالٍ دون وقوع حوادث تكدر أمنهم وطمأنينتهم وسعادتهم وصحتهم، لهو أمر يصعب تصوره في هذه الأوقات الاستثنائية، لولا تأييد الله وإعانته ثم جهود هذه الدولة العظيمة بمختلف قطاعاتها الناصحة والصادقة والحريصة على خدمة وراحة وسلامة حُجاج بيت الله الحرام من كل مكروه. إن الجهود التي بذلتها كافة المؤسسات العسكرية والمدنية والأهلية لخدمة حجاج بيت الله الحرام، وعلى رأسها وزارة الداخلية ووزارة الصحة ووزارة الحج والعمرة ووزارة الإعلام ووزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية أمر يدعو للفخر والشعور بالرضا التام. فاللهم لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك، وأسأل الله أن يحفظ خادم الحرمين الشريفين ويجزيه خير الجزاء على كل ما يقدمه للأمتين العربية والإسلامية.