هفوة غير مقصودة أو فجوة عابرة في حساب التواصل الاجتماعي للمنشأة لا يقود إلى فشل رسائلها الاتصالية فقط؛ بل قد يصل إلى تدمير صورتها الذهنية التي استغرق بناؤها سنوات وأموال! والسبب افتراض أن قناة التواصل هذه لا تستحق بذل الجهد ولا تأطيرها آلية عملها إدارياً ورقابياً! مما يقود إلى تكرار الوقوع في أخطاء كان من الممكن تجنبها. التواصل عبر منصات التواصل الاجتماعي أضحى ركناً أساسياً لنشاط الأفراد والمنشآت, وليس ترفاً لا يؤثر على الصورة الذهنية أو على علاقاتها التواصلية داخلها وخارجها، غير أن أغلب المنشآت لا تزال تعاني من غياب حوكمة واضحة لإدارة تلك الحسابات، تضمن تحقيق أهداف التواصل عبرها بكل سلاسة ووضوح. لا بد أن تصاغ وتعتمد سياسات وإجراءات لإنشاء وتسمية وإدارة الحسابات الرئيسة والفرعية في كافة منصات التواصل الاجتماعي, وغني عن القول إن تتوافق هذه السياسات والإجراءات للمنظمات الحكومية أو الخاصة أو حتى القطاع غير الربحي مع الأهداف الاستراتيجية للمنظمة نفسها، وأن تكون أهدافها ورسائلها المركزية مستمدة من الخطة الاستراتجية، وأن تعكس هويّتها البصرية، وأن يكون هناك فصلٌ واضح للصلاحيات بين منشئ الرسالة ومحررها ومعتمدها وناشرها. وتعني الحوكمة هنا: تدعيم مراقبة نشاط إدارة حسابات التواصل الاجتماعي، ومتابعة مستوى أداء القائمين عليها، عبر صياغة ثم تطوير سياسات وإجراءات معتمدة، وتوضح آلية العمل قدر الإمكان، وتحدد مصفوفة الصلاحيات، ناهيك عن الاتفاق على مؤشرات أداء معتبرة للمنصات وللقائمين عليها. لا بد من وجود سياسات وإجراءات واضحة للمحتوى وآلية ابتكار تحريراً وفنياً، ثم اعتماده، وآلية قولبة كل محتوى ضمن المعايير الفنية لكل منصة تواصل اجتماعي، أن تكون هناك سياسية للردود وضمان السرعة والجودة، بالإضافة إلى آلية التفاعل والاستجابة لما يستجد من أحداث وقصص على ساحات التواصل الاجتماعي. وكل ذلك يستوجب توفير مجموعة من الأنظمة الإلكترونية لإدارة الحسابات، يمكن من خلالها جدولة وإدارة الرسائل، وتحديد المسؤولين بشكل واضح، ناهيك عن تسجيل جميع الخطوات ومراجعتها للتأكد من توافقها مع الإجراءات المعتمدة، والحصول على تقارير لتحليل اتجاهات واستجابات الجمهور. ولعل إحدى أهم الوسائل لاختبار فعالية الحوكمة تكون عبر «التدقيق الداخلي» واختيار مجموعة من الأحداث الاتصالية التي نشرت، وتتبعها من منشئِها حتى نشرها في المنصة، والتأكد من الالتزام بالسياسيات والاجراءات، هناك أيضاً أسلوب «المتسوق الخفي»، الذي يمكن من خلاله قياس جودة التفاعل وسرعة الاستجابة عبر المنصا، وتحديد نقاط القوة والضعف، ناهيك عن اختبار المحتوى على الجمهور المستهدف قبل طرحه. الحوكمة تقود عبر سياساتها المتماسكة وإجراءاتها الواضحة إلى إدارة متسقة للحسابات، وبالتأكيد يؤدي التزام الفريق الاتصالي المناسب بإجراءات الحوكمة إلى ظهور محتوى ملائم، وتجاوبٍ يحقق اهتمامات الجمهور المستهدف، مما يؤدي إلى نجاح الأهداف الاتصالية لحسابات منصات التواصل الاجتماعي، وبالتالي تعزيز نجاح الأهداف الاستراتيجية للمنشأة.