يقول أبو العتاهية :(إذَا ما مضَى القَرْنُ الذِي كُنتَ فيهمِ - وخُلّفْتَ في قَرْنٍ فَأنْت غَريبُ) الغربة في العمل، هي أسوء شعور قد يتسسل إلى روح الموظف، وهي السبب الأكيد في ظهور ممارسات سلبية غير معتادة على بعض الموظفين أدناها الانعزال والانكفاء على الذات، وأشدها ضرراً وأسهلها رمي التهم على الآخرين أو على القائد أو على طبيعة وبيئة العمل، في محاولة منهم لفك لغز تلك الغربة التي يشعرون بها، والأكيد أن البعض يتساءل عن ماهية تلك الغربة وهل هناك حلول جذرية لها، في الحقيقه هناك الكثير من الموظفين الذين أرغمهم الواقع المتسارع، والتطور العجيب في التقنية والكم الكبير من المعرفة إلى الشعور بالغربة في العمل، نظراً لعدم مسايرتهم لهذا التطور، وأسوأ ما قد يشعر به الموظف أن (الزمن قد عفى عليه وهو لا يعلم)، ولكنه مكشوف أمام الآخرين، وتتشكل الغربة عند الموظف في الأفكار القديمة التي تملأ ذهنه، فهي لا تشبه الواقع، ولا تعكس المستجدات، أو في طريقة التعامل مع الآخرين، أو في رفض استخدام التقنية الحديثة أو حتى عدم الإيمان بجدواها، والتحول من شخص إيجابي واثق من نفسه في "فترة زمنية سابقة"، إلى شخص سلبي حانق كاره للعمل، وغير قادر على إدارة ذاته، يفضل العمل بأسلوب التفكير العصامي الذي يلغي مبدأ العمل بروح الفريق الواحد، والتعالي على التدريب والتطوير بحجة الخبرة، علماً أن الخبرة ليست بعدد السنوات بقدر ما تعتمد على ما تم اكتسابه من قدرات من خلال التعلم الذاتي، وما تم تحقيقه من إنجازات، وللأسف عندما يتسرب شعور الغربة في العمل إلى أحدهم، لا يقوم بتجربة العمل مع الآخرين في محاولة لفهمهم والتعرف على قدراتهم، أو اكتشاف ذاته ونقاطه العمياء، بل يهرب لأخذ مهدئات لتلك الحالة من خلال محاربة كل جديد، أو التقليل من جهود الآخرين، ومهاجمتهم، وعدم الاعتراف بما يقدمونه من أفكار والاستهانة بطاقاتهم وخبراتهم، ما يخلق بيئة عمل غير مهنية، ويخفض من أداء المنظمة، ويعرقل تحقيقها لرؤيتها ورسالتها. وجود فجوة كبيرة في قدرات الموظفين وارتفاع درجة تلك الفجوة، خطر محدق على المنظمة والموظف، لذا من المهم الكشف المبكر عن أعراض التقادم في الوظيفة، فأن شعرت بوجودها، فلا تنتظر حتى تسمع (عفى عليه الزمن)، بل طور نفسك فوراً ولا تهدر وقتك فيما يقلل من شأنك، واجه ذاتك، اقرأ في مستجدات التخصص، تابع المهتمين في المجال وشاركهم آراءك وأفكارك، تبادل الخبرات مع الخبراء والممارسين، قدم مبادرة أو أفكاراً جديدة للعمل، كن شخصاً مرناً قابلاً للتطور والتغيير وفقاً للمستجدات المفروضة على العالم، لأن هذه الطريقة الوحيدة لإدارة صراع البقاء الذي أجبرت على أن تخوضه، وثق أن لكل شيء دورة حياة حتى المهارات.