للسرقات أنواع وأساليب ودوافع كثيرة ومتعددة، فمنها سلب المال الخاص والسطو على الممتلكات وسرقة المال العام والاستحواذ على معلومات وأسرار والتعدي على مؤلفات وحقوق فكرية لآخرين، ويضاف إلى هذا السياق موضوعنا الذي نود أن نطرحه ونناقشه في هذه العجالة وهو سرقة الكهرباء وهو لا يختلف عن تلك الأنماط المذكورة من السرقات إذ أنه تعدٍ غير مشروع وحيازة غير قانونية على سلعة دون ثمن مدفوع أو حق مشروع. بالنسبة لسرقة الكهرباء فهي ظاهرة قد تكون عالمية وتمارس على نطاق واسع لوجود أشخاص عديمي الضمير سيئ النية تأهلوا تأهيلاً عاليًا وتدربوا تدريبًا متمكنًا للقيام بهذه المهمات غير السوية بكيفية التعامل مع عدادات الكهرباء والوصول لتوصيلاتها وأسلاكها الداخلية بطرق تجعل التيار الكهربائي يغير مساره ليتجاوز عملية الحوسبة التي تتم داخل العداد وبالتالي يكون هناك طاقة كهربائية مستهلكة ولكن غير مسجلة، وهذه الطرائق المنحرفة يتم تبنيها من قبلهم كمهنة للتغرير ببسطاء من المشتركين يغروهم بوفر كبير في تكاليف فاتورة الكهرباء، وقد لا يدرك هؤلاء المُغرَّرِ بهم مدى خطورة هذا التصرف وفداحة عواقبه والتي تأتي من مصدرين أولاهما أن شركات الكهرباء لديها قوانين صارمة وغرامات باهظة تطبق في حق من يقوم بهذه الممارسات والتعديات غير القانونية على ممتلكاتها ومنشآتها، ثانيهما وهو الأخطر من ذلك كله هو أن العبث بتوصيلات العداد وتغيير مسار التيار الكهربائي قد ينشأ عنه تماس كهربائي في العداد ذاته تبعا لتغيير الدوائر والتوصيلات مما قد يؤدي إلى نشوب حريق وهنا تكون الكارثة على المبنى وقاطنيه. ولإيصال معلومة بسيطة للقارئ الكريم عن العداد ذاته وأهم مكوناته الداخلية بعيدًا عن التعقيدات الفنية والتقنية التي لا تهم غير المتخصصين، فهناك ثلاثة أسلاك في العداد ذات ألوان مختلفة للتمييز بينها، الأول وهو الحامل للتيار الكهربائي (القطب الموجب) والثاني ويعرف بالمحايد (القطب السالب)، أما الثالث فهو «الأرضي» ومهمته الحماية ضد أي تلامس بين الأسلاك مما قد يسبب صعقة للمستخدم أو تلفًا للأجهزة، وهذه هي الأسلاك التي تتعرض عادة للعبث والتلاعب والتغيير بغية اختلاس طاقة كهربائية والحصول عليها دون مقابل. ولكي تحمي الشركة نفسها إزاء هذه التعديات من قبل - بعض - مشتركيها والتي تسيء إليها وإلى أنظمتها وشبكاتها الكهربائية وتؤثر في دخلها بل وتزيد من أعباء تكاليفها الإدارية والتشغيلية فقد عمدت إلى وضع قوانين مشددة تتراوح بين دفع غرامات باهظة إلى قطع الخدمة والحرمان منها، وعلى سبيل المثال، لننظر إلى وضع شركة الكهرباء لدينا ولنستعرض فيما يلي النبذة التالية المقتبسة من أحد إصداراتها حول ما جاء في حقوق المشتركين ومخالفات التعدي على مرافق الشركة، ونقتطف منه ماله علاقة بعداد الكهرباء: «بناءً على القرار الوزاري رقم (886/1) بتاريخ 2 /11 /1433 ه والذي يقضي بتحديد العقوبات لمخالفات التعدي على مرافق الشركة السعودية للكهرباء، يعاقب من تعمد أو تسبب في إتلاف أو تعطيل معدات أو منشآت أو قطع تمديدات الشركة أو استفاد من الخدمة بطريقة غير مشروعة بغرامة يتم تحصيلها عن طريق هيئة تنظيم الكهرباء والإنتاج المزدوج حسب «لائحة قواعد الضبط وتقدير تكاليف إصلاح الأضرار والتعويضات وتحديد العقوبات لمخالفات التعدي على مرافق مقدم الخدمة» على النحو التالي: عداد قياس الطاقة الكهربائية وملحقاته: غرامة قدرها 50,000 ريال». إننا لنأمل أن تزول هذه الظاهرة السلبية بتطبيق العدادات الذكية والتي تزمع الشركة بتطبيقها قريبا، إذ أن هذا النموذج الجديد للعدادات الكهربائية سيكون علاجا ناجعًا لهذه المعضلة التي تعاني منها الشركة وتقضي على تلك الممارسات العبثية التي تسبب المخاطر وتكلِّف الشركة خسائر فادحة في دخلها وشبكاتها ومعداتها، بل إن هذه العدادات الذكية ستكون عاملا إيجابيًا نحو ترشيد الكهرباء وتنظيم الاستهلاك وخفض التكاليف مما يعود بمزايا وفوائد مشتركة بين الشركة ومشتركيها على حد سواء.