"إنها الشوطة، تجيء لا يدري أحد من أين، تحصد الأرواح إلا من كتب له الله له السلامة" * النظافة.. النظافة تطلعت إليه في سخرية أعين الحرافيش من وجوه متوارية وراء أقنعة من الأتربة المتلبدة، اغلوا مياه الآبار والقرِب قبل استعمالها.. اشربوا عصير الليمون والبصل، وساد الصمت، وظلّ ظِل الموت ممتدا فوق الرؤوس حتى تساءل صوت: أهذا كل شيء؟ فقال حميدو: تذكروا ربكم وارضوا بقضائه. (من رواية الحرافيش للأديب العالمي نجيب محفوظ) رواية ملحمية كتب أحداثها بحبر قديم نجيب محفوظ، تدور في حارات مصر القديمة منذُ أكثر من خمسين عاما ولكنه فيها كأنه يروي واقع أحداث نعيشها اليوم مع فايروس كورونا لحظة بلحظة في كل بقاع الأرض. أقنعة تعلو الوجوه، وتباعد بين الناس، والخوف من المجهول! أغلقت المحلات وتفرق الناس بهلع وذهول! حياة جديدة يعيشها العالم في ترقب وخوف، ومتابعة أحداث هذا الفايروس الذي وجهت أصابع الاتهام الى (الخفافيش) وكيف عاثت في الأرض فساداً هذه المخلوقات الضعيفة التي لا حول لها ولا قوة. فرق الأحباب وباعد الأصحاب وقطع العلاقات بين الأهل. وحط الكساد الاقتصادي بثقله على العالم أجمع، وخسر البعض ماله أو فقد وظيفته، وأصبح الكثير من الناس يخافون من بعض حتى من أقرب الناس لهم فخاف الولد على والده، والوالد من ولده وسرت الشائعات بين العالم تفتك بالنفوس قبل ما يقتلها الفايروس. هل هي الحرب!! أم يوم القيامة!! بدا البعض يتوجس في نفسه خيفة من المجهول القادم، والبعض الآخر يشكك بأنها مؤامرة للقضاء على البشرية، وآخرون ينتظرون بشغف واهتمام بالغ عُلماء الطب ينقذونهم من هذه المهلكة ويأخذونهم إلى بر الأمان. وبدا التضارب والتخبط الطبي بين الأطباء في العالم وفقد الناس ثقتهم في أكبر المنظمات الصحية من تأثير هذا التردد والتخبط بين آراء الأطباء فهناك من يذكر علاج وآخر ينفيه! أمور سرت في شوارع المدن وبين الناس وأحداث عشناها لأول مره بثت الخوف في نفوسنا مع ازدياد عدد الوفيات، وكثرة المصابين فقد لا يخلو بيت أو عائلة من أحد تمكن منه هذا الوباء. والغريب في الأمر أن نجيب محفوظ ذكر لنا بعضاً من الحلول فقد نادى بالنظافة، وتجنب العلاقات، وكيف نواجه هذا الوباء الخطر بالتباعد والعلاج والحرص على تقوية المناعة الذاتية، وأن يرضى العالم بهذا الضيف الثقيل فيعودوا إلي أعمالهم وتجارتهم بحذر، وربط علاقاتهم الاجتماعية التي تفككت ولكن بحرص واهتمام. هكذا هو خيال البعض قد يرسم أحداث الحياة من قبل أن يعيشها، فلنحسن مخيلتنا حتي تكون أحداثنا مرسومة بريشة التفاؤل والإيجابية، فإنك لن تعيش مرتين فأحسن اختياراتك وحدد أهدافك.