تأتي على الإنسان لحظات يتذكر فيها من خطفته أيدي الردى وغيبته المنون عن محبيه في لحظات تختلج فيها آهات الحزن وتنسكب فيها العبرات تأتي صورة الشهم الكريم الأستاذ فهد العبدالكريم -رحمه الله- في مخيلتي كشريط ذكرى يمر سريعاً ثم يتوقف في محطات من حياة هذا الرجل الطيب -رحمه الله- ففي ميدان عمله رأيته دائم الابتسامة بشوشاً، يتلألأ وجهه بهذه البشاشة الساحرة التي أسر بها كل من عرفه، ثم يسير شريط الذكريات سريعاً ويتوقف عند صفة من صفات هذا الشهم الكريم -رحمه الله تعالى- وهي أعماله الإنسانية التي كنتُ شاهداً عليها واقفاً على إحداها وهي مساعدة الآخرين بكل أوجه المساعدة المعروفة فكان -رحمه الله- حريصاً أشد الحرص على إخفاء هذه الأعمال إرضاء لربه سبحانه وتعالى وحتى لا يكسر بها قلوب من ساعدهم في كرباتهم، ويسير الشريط سريعاً ثم يتوقف عند صفة التواضع التي يعرفها كل من تعامل معه -رحمه الله- فاهتزت قلوبهم محبة وقبولاً له، ثم يسير الشريط سريعاً ويتوقف عند صفة اللطف ولين الجانب فكانت كلماته كالبلسم وفي غضبه تجدها تخرج في حدود الأدب الجم يحيطها حلم وتؤدة ورفق. ما أشد لحظات الفراق عندما يتحول القلب جمرة من الحزن والأسى آه ثم آه على فراقك أبا يزيد لقد رأيت فيك -رحمك الله- الجد في العمل والمثابرة والصبر وتحدي الصعاب التي نواجهها في مخدعنا وبيتنا الثاني صحيفتنا العزيزة على قلوبنا. رأيتك توجه هذا وتصوّب ذاك وتأخذ بيد قليل الخبرة وتفك عقد المشكلات بكل مهنية، جعلتنا نعمل بروح الفريق الواحد فكأني أراك قبطاناً لسفينة يموج بها البحر عالياً ثم تسير بها بكل سهولة إلى شاطئ الأمان. توقف شريط ذكرياتي في موقف يعرفه الزملاء في بداية دخول شهر رمضان إحدى السنوات الماضية ذلك العمل الذي أتوسل به إلى الله أن يغفر لك وأن يجعل ذلك العمل شاهداً لك وشافعاً. في وفاتك أبا يزيد تجولت في مواقع التواصل الاجتماعي فوجدت العجب العجاب من المديح والثناء مشوباً بلوعة الفراق في حزن وأسى واضحاً من كلمات التأبين. أجمع الكل على محبتك أبا يزيد.. أجمع الكل على سمو أخلاقك.. أجمع الكل على أدبك الجم وسمتك.. أتعلم لماذا أجمعوا على محبتك؟ لأنك أدخلتهم في دائرة الأمان أمنوا لسانك.. أمنوا قلبك.. أمنوا جميع جوارحك فأحبوك.. وأتمثل في حزني هذا قول الشاعر: إلى الله أشكو لا إلى الناس أنني أرى الأرض تبقى والأخلاء تذهبُ أخلاء لو غير الحِمام أصابكم عتبت ولكن ما على الموت معتبُ ختاماً أرفع أحر التعازي بوفاة أبي يزيد إلى والده وأسرته وأبنائه وإلى زملائنا في صحيفتنا العزيزة، وأسأل الله أن يغفر له ويرحمه ويسكنه فسيح جناته ويلهم أهله الصبر والسلوان.