عرفت فهد العبدالكريم عن قرب، طيلة 36 عاماً، وخبرت مكارمه وسجاياه، تلك السجايا المبثوثة في ذاته والتي لا يغفلها كل من اقترب منه أو تعامل معه، فقد كان منحازاً إلى الكلمة الصادقة والقيم البشرية وحب الوطن. تلك السجايا المبثوثة في ذاته من خلال انتسابه إلى أسرة كريمة عريقة تربى فيها على الفضائل فباتت هذه جزءاً من تكوينه، فكان إنساناً كريماً شريفاً طاهر النفس مؤمناً بخالقه وبرسوله ومخلص لوطنه وكل القيم التي تربى عليها. خصال فهد العبدالكريم الإنسانية طغت على أسلوبه الجاد في الإدارة، فجعلته إنساناً فريداً من نوعه، كل من اختلف معه أحب نبل أخلاقه وعاطفته المتدفقة، يحافظ على حبل المودة موصولاً مع زملائه ومعارفه حتى لو انقطعوا عنه لأي سبب. كانت حياته الصحفية خير مثال للإعلامي الذي بدأ يضع خطواته الأولى عبر مبنى مؤسسة اليمامة الصحفية في حي الملز، وبين المهنة المتعبة حد الإنهاك النفسي والبدني، انطلق ليشق طريقه فارساً يمتطي صهوة المعلومة الحقيقية والكلمة الصادقة، ليقوده تميزه إلى ارتقاءات أكبر ليتسنم رئاسة تحرير جريدة الرياض ومن قبلها رئاسة مجلة اليمامة. كان الأستاذ فهد - رحمه الله - بمثابة الأخ للجميع يولي الرياض جل اهتمامه، مبادراً دائماً للعطاء، مما سطر اسمه على صفحات تاريخ الصحافة السعودية. ورغم شدة مرضه لم يسلّم نفسه فريسة لليأس والقنوط، بل سلّم أمره لقدرة الله تعالى، فيقول إن الله الذي وهب لي الصحة طوال حياتي، قادر على أن يزيل عني المرض، وعند سؤاله «كيف الحال يا أبا يزيد» وهو تحت جرعات كبيرة من العلاج الكيماوي، ومسكنات الألم التي أثقلت جسمه، كان جوابه بمنتهى الصبر والإيمان «الحمد لله دائماً وأبداً»، مع ابتسامته التي عُرف بها ولم تفارق محياه حتى في أقسى الأوقات. رحل فهد العبدالكريم وترك في نفس كلٍّ منّا ذكرى خاصة، زرعها بإنسانيته، وسقاها بنبله، ورعاها بصدقه، ومهما كبرت أو صغرت هذه الذكرى ستبقى غالية. رحم الله تلك النفس الأبية الشريفة، وعلى تلك الخصال والسجايا التي يُندر أن تجتمع في شخص واحد. اللهم ارحمه، واغفر له، وأدخله فسيح جناتك، وأنزل الصبر والسكينة على أهله، وعلينا جميعاً.