تُعد الوسائل الاقتصادية إحدى أدوات تنفيذ السياسة الخارجية للدولة - أي دولة في العالم -، ويمكن استخدامها سلباً أو إيجاباً، ولعل من أشهر الأمثلة على ذلك مشروع مارشال الأميركي العام 1947م الذي أعاد الحياة لجسد أوروبا المنهكة بعد الحرب العالمية الثانية، وحقق في ذات الوقت عوائده الضخمة على مختلف المستويات للولايات المتحدة. الدبلوماسية أيضاً هي إحدى أدوات تنفيذ السياسة الخارجية وأهمها، وهي تُعنى بالسلوك السلمي والممارسات الحميدة في العلاقات الدولية، ومثل سائر العلوم الإنسانية تطوّرت عبر الزمن حتى تعددت أنواعها ومجالاتها، وأصبح منها ما يُسمّى بالدبلوماسية العامة، ومن خلالها يمكن توظيف ما اصطُلِح على تسميته بالقوة الناعمة. لدينا في المملكة وفي ظل رؤية طموحة، ونموذجٍ تحديثي رائد بأنماطٍ غير تقليدية، برز صندوق الاستثمارات العامة ليكون أداةً اقتصادية مهمة تعزز المكانة الدولية للمملكة على الخارطة الاقتصادية والاستثمارية فضلاً عن عوائده المتمثلة في تنويع مصادر الدخل وتعزيز التنمية المحلية، وفي ذات الوقت يمثل قوةً ناعمةً تحمل رسالة سلام سعودية، وشراكة مع العالم لبناء بيئةٍ حيوية تقوم على تبادل المنافع، وتساهم في خلق حياة كريمة للإنسانية، وتلخص رؤيته ب»أن يكون قوة محرّكة للاستثمار والجهة الاستثمارية الأكثر تأثيراً على مستوى العالم، وأن يدعم إطلاق قطاعات وفرص جديدة تساعد على رسم ملامح مستقبل الاقتصاد العالمي، وأن يدفع عجلة التحول الاقتصادي في المملكة العربية السعودية». وقد جسدت هذه الرؤية صفقاتُ الصندوق العالمية المتنوعة والشاملة لمختلف المجالات والقطاعات، وعلى مسافة تمتد من غرب المحيط الهادي إلى شرقه. ويعلم الجميع أن الفضل في هذه الوثبة المميزة للصندوق - الذي أُسس قبل خمسة عقود تقريباً - تعود لقيادة صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان - حفظه الله - ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، ورئيس مجلس إدارة الصندوق، والذي انعكست روحه الملهمة بطاقة إيجابية دافعة للإنجاز الوطني على مختلف قطاعات الدولة، ومن بينها الصندق الذي أصبح سفيراً للوطن بهيئة جديدة ومختلفة.