قال إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ د. علي بن عبدالرحمن الحذيفي - في خطبة الجمعة - : غنى العبد وسعادته في اضطراره إلى ربه ويقينه بذلك , قال الله تعالى : " يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله والله هو الغني الحميد " , وخذلان العبد وخسارته وهلاكه في ظنه أنه غني عن ربه , وغروره بنفسه وبما آتاه الله , قال صلى الله عليه وسلم : " نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس : الصحة والفراغ ". وأضاف : لقد خلق الله هذا الكون ليتم فيهم أمره , ولتنفذ فيهم مشيئته , وليحكم فيهم بحكمه لا معقب لحكمه , وليدبرهم بتدبيره المحكم بعلمه وحكمته ورحمته وقدرته , فالخلق يتحولون من حال إلى حال فهم بين فضله ورحمته وبين عدله وحكمته , فما أصاب الخلق من سراء وخير فبمحض فضله ورحمته , فالنعم مبتداها من الرب جل وعلا ومنتهاها إليه , لا يستحق أحد عليه نعمة , ومن رحمة الله بعباده أن أمر العباد بشكر النعم لتبقى وتزيد , وحذر من عدم شكرها لئلا تزول وتحيد , وشكر النعم بالقيام بالفرائض وعدم ارتكاب الفواحش والمنكرات , وتسخير النعم فيما يرضي الله تعالى وتعظيم المنعم جل وعلا. وقال : تذكر أيها المسلم نعم الله عليك وتفكر في ابتداء ربك هذه النعم عليك وأنت لا تستحقها عليه , وأثني بها على الرب سبحانه كما أثنى النبي صلى الله عليه وسلم , وتذكر النعم وتعظيمها يورث محبة الله والحياء منه , إذ كيف يكون من العاقل أن يقابل المحسن بالإساءة , فهذا من تدبير الله ومنه بالخيرات والبركات والحسنات على العباد , ولا يقدر أحد أن يوافي نعم الله بالطاعات , فالفضل كله لله ولكن الله يعفو ويرحم ويتفضل ويرضى بالقليل من العمل الصالح مع الإخلاص وإصابة السنة , وكما أن الخير والنعماء والسراء بقضاء الله وقدره وفضله ورحمته فكذلك المصائب والشرور والعقوبات بقضاء الله وقدره وعدله ورحمته. وأضاف : الله عز وجل خلق الأسباب وخلق ما بعد الأسباب , فالرب سبحانه يخلق بسبب ويخلق بغير سبب , ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن , يبتلي بالخير ويبتلي بالشر , فيثيب الله الطائعين الشاكرين , ويعاقب العصاة الجاحدين , فالكون يجري على سنن الله التي أراد وبينها الله في كتابه.