حسناً فعلت وزارة الثقافة بإطلاقها مسابقة التأليف المسرحي، ومسابقة أدب العزلة خلال الفترة الماضية، لكن أملنا أكبر بإعادة الحياة لجائزة الدولة التقديرية التي غابت منذ سنوات، وحتماً يجب أن تعود. تلك الجائزة التي أعلن عنها أول مرة قبل اثنين وأربعين عاماً، بحيث تمنح كل عام لثلاثة أدباء سعوديين بارزين، لم تدم سوى عامين متتالين! منحت الأولى عام 1403ه لحمد الجاسر وأحمد السباعي وعبدالله بن خميس، ثم الثانية للأمير عبدالله الفيصل وأحمد عبدالغفور وطاهر زمخشري، ثم توقفت لأسباب مجهولة، وقبل ثماني سنوات حاول وزير الثقافة والإعلام السابق الدكتور عبدالعزيز خوجة بعثها من جديد لكنها للأسف لم تعد! لقد درجت العديد من الدول منح جوائز سنوية لأبرز أدبائها وفنانيها على المستوى الوطني، يطلق عليها الجائزة التقديرية أو التشجيعية، تمنح على مجمل الأعمال، وتقديراً لدور الفائز في الحركة الأدبية والفنية، مثل جائزة الدولة التقديرية في الكويت، أو جوائز الدول التقديرية والتشجيعية في مصر، وأيضاً جائزة ثيربانتس التي تمنحها وزارة الثقافة الإسبانية لمجمل أعمال الأدباء الذين يكتبون باللغة الإسبانية، وغيرها من الجوائز الوطنية التي أشهرت أدباء مبدعين وساهمت في تأكيد ريادتهم وتقدم وطنهم الثقافي. وبالتأكيد نحن في المملكة أحوج ما نكون لتقدير أدبائنا وفنانينا الذين يبذلون الكثير في سبيل تقدم الحراك الثقافي والفني، وأضحوا قادة الإبداع في المنطقة، نحن بحاجة إلى جائزة توازي قوة جائزة الملك فيصل التي اشتهرت بها المملكة وأضحت تلقب بنوبل العرب، خاصة أن نظام الحكم في بلادنا المباركة يؤكد في بابه الخامس على أن "ترعى الدولة العلوم والآداب والثقافة"، ووجود مثل هذه الجائزة سوف يزيد من المنافسة بين الأدباء والفنانين، ويُجود أعمالهم ويزيد من تقديرهم في المجتمع. ولِتعود الجائزة بشكل مؤسسي مستدام اقترح إنشاء مؤسسة حكومية مستقلة يرأس مجلس إدارتها سمو وزير الثقافة وتضم في عضويتها عدداً من قادة الفكر والأدب والفنون من المملكة وخارجها، مع تمثيل لجيل الشباب، يطلق عليها اسم "مؤسسة جائزة السعودية التقديرية"، تموّل من الدولة ومن الشركات الكبرى ومن وجهاء المجتمع، يكون هدفها الأساسي منح الجائزة في فروع أدبية وفنية مختلفة كل عام، ضمن مسارات عمرية مختلفة: اليافعون والشباب والمخضرمون، مع فعاليات أدبية وفنية ودورات تدريبية لرفع مستوى الأدباء الشباب ومنتوجهم الأدبي. ناهيك على العمل لتوفير مصادر مالية مستدامة للجائزة وفعاليتها، كون الجائزة تقدم مكافأة سنوية للفائزين مدى الحياة أو لخمس سنوات على الأقل، تساعدهم على مزيد من التفرغ للإبداع، وتعزيز القوى السعودية الناعمة. بلادنا العظيمة بشعبها الشاب الفتي ورؤيتها الطموحة بحاجة ليس فقط لجائزة مرموقة واحدة بل أكثر من جائزة، تزيد من مستوى التنافس وترفع جودة المنتج الأدبي السعودي.. فمتى تسعدنا وزارة الثقافة بمبادراتها التي حتماً سوف تتجاوز آمالنا وتطلعاتنا؟ بالتأكيد سوف نسعد بذلك قريباً.