نهاية مارس الماضي، أطلقت وزارة الثقافة، مسابقة التأليف المسرحي، لغرض إتاحة الفرصة للمهتمين بالكتابة المسرحية، لتقديم مشاركاتهم إلكترونياً ضمن مسارين، الأول النصوص التي تعتمد على الحوار والأداء، والثاني مسار مسرحيات الأطفال التي تعتمد على الخيال الواسع والحوارات الفكاهية البسيطة التي يتخللها لوحات غنائية راقصة، وكلا المسارين وضعت لجنة تحكيم النصوص للمشاركين شروطاً محددةً، وجوائز مالية قيمة للفائزين، سيتم الإعلان عنها نهاية شهر يوليه القادم. لاشك أن هذه المسابقة سوف تدعم المسرح السعودي من خلال تحفيز الموهوبين في الكتابة المسرحية على المشاركة، وسوف ينتج عن النصوص الفائزة حراك إبداعي يزيد من نشاط المسرح السعودي في أحد أهم عناصر صناعة المسرح والمتمثل في الكتابة المسرحية الإبداعية، والحقيقة أني سررت جداً مثلي مثل غيري من المهتمين بالشأن المسرحي بإطلاق هذه المسابقة، كذلك سرني وغيري قبل مسابقة التأليف بأشهر قليلة، مبادرة وانطلاقة المسرحي الوطني من خلال مسرحية درايش النور تحت مظلة ورعاية واهتمام سمو وزير الثقافة. هنا لنا رأي حول المسابقة، التي لم يتم تحديد في أحكامها وشروطها موضوعاتها ومسارها الأدبي والفني، حيث تركت المسابقة الباب مشروعاً لمن يريد الكتابة في أي موضوع وبأي أسلوب ومنهج مسرحي، الأمر الذي سيجعل المؤلف يتجه تلقائياً إلى كتابة النص التجريبي التغريبي المبهم في مضمونه المليء بالإسقاطات والرموز، الداعية إلى توتر العلاقة بين الرئيس والمرؤوس، الوزير والغفير.. ولا يلام الكاتب إذا سلك هذا الاتجاه، لأنه ومن خبرات وتراكمات السنين الماضية، لاحظ الكاتب السعودي، أن النصوص التي تفوز في المسابقات المحلية، أو التي تظهر على شكل مسرحيات في عروض، يجدها أعمالاً تجريبية، لذلك لا غرابة أن يصل إلى للجنة نصوص بهذا الاتجاه!! والسب وغياب المسرح الاجتماعي سنوات تجاوزت الثلاثة عقود، مخلفاً هذا الغياب مسرحاً فقيراً في محتواه الأدبي والفني. أعتقد لو أن اللجنة حددت موضوعات النصوص لتكون ذات طابع اجتماعي، تناقش وتحاكي الناس وقضاياهم وشؤونهم الحياتية على المستوى المحلي، بسيطة الطرح وواضحة المعنى وبعيدة عن الغموض والرمزية، لأخرجنا مسرحنا من الحالة المرضية التي يعاني منها إلى الآن، لكن إذا تحققت الجائزة للنصوص التجريبية، فإن المسرح لدينا سيعود إلى المربع الأول..