اتخذت المملكة خلال العقد الماضي العديد من المبادرات والإجراءات الخاصة بمكافحة عمليات غسل الأموال، وكانت في مقدمة الدول المشاركة بفاعلية في محاربة عمليات غسل الأموال والأنشطة المتعلقة بها. وتستمد المملكة موقفها تجاه مكافحة عمليات غسل الأموال من التزامها بنصوص الشريعة الإسلامية، والأنظمة المحلية والتوصيات الدولية على حدٍ سواء، ومن أبرز المبادرات في هذا المجال صدور قرار مجلس الوزراء القاضي بتطبيق التوصيات الأربعين لمكافحة عمليات غسل الأموال وفقاً للأنظمة المعمول بها في المملكة، وتشكيل لجنة دائمة لمكافحة غسل الأموال من مهامها وضع الخطوات اللازمة لتنفيذ التوصيات المذكورة ومتابعة تنفيذها. كما أن من مهامها دراسة جميع الموضوعات المتعلقة بمكافحة غسل الأموال بالمملكة، والرفع عما يلزم إلى المقام السامي بخصوص ما يواجه الجهات المعنية من معوقات وصعوبات حيال تنفيذ الخطوات والإجراءات المتعلقة بالتوصيات الأربعين لمكافحة غسل الأموال، وما لديها من اقتراحات ومرئيات لتذليلها. وفي هذا الاتجاه، قالت المحامية الأميرة نوف بنت عبدالعزيز آل سعود: إن حكومة خادم الحرمين الشريفين قامت بمكافحة غسيل الأموال والعمليات المتعلقة بها، اهتمام بالغ قائم على التزام المملكة بنصوص التشريع الإسلامي والأنظمة المحلية والعالمية، حيث حققت المملكة قفزات مهمة من أجل مكافحة غسيل الأموال من خلال إيجاد السبل والحلول المتطورة والمرضية للعمل من خلال تقوية آلية العمل لدى الجهات المعنية بالمملكة، وذلك بهدف تطوير أنظمتها التشريعية والمؤسسية المرتبطة بمكافحة غسيل الأموال. مشيرة إلى أن أبرز الإجراءات والمبادرات لهذا التوجه قرار مجلس الوزراء رقم (15) وتاريخ 17-1-1420ه، والقاضي بتطبيق التوصيات الأربعين بمكافحة غسل الأموال وتشكيل لجنة دائمة مكونة من الوزارات والهيئات ذات العلاقة، وأقرّت كذلك منظومة شاملة من خلال نظام مكافحة غسل الأموال ونظام مكافحة جرائم الإرهاب وتمويله، إن هذا الاهتمام الذي توليه حكومة خادم الحرمين الشريفين، دليل على ما يشكله خطر غسيل الأموال على الاقتصاد الوطني وكذلك الاجتماعي، يضاف إلى ذلك، الظواهر المصاحبة له مثل الإرهاب والفساد والتجارة غير المشروعة، كتجارة المخدرات والبشر، وغيرهما من العمليات المشبوهة. بدورها، أشارت المحامية، هند السواط، أنه امتداداً للرؤية الطموحة للمملكة (2030) التي أطلقها ورعاها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان - حفظه الله - والتي تساهم فيها المبادرات والإجراءات للحد من مخاطر غسيل الأموال، قامت المملكة باتخاذ العديد من الخطوات المهمة من أجل تحسين البيئة التشريعية والتدابير المتخذة لمكافحة جرائم غسل الأموال، كذلك ستساهم هذه التدابير في تعزيز التعاون والتنسيق المحلي والدولي في مجال غسل الأموال وتعزيز القدرة على كشف الجريمة والتحليل والتحقيق والمقاضاة والحجز التحفظي والمصادرة، وتساهم أيضاً في رفع مستوى الوعي حول جرائم مكافحة غسل الأموال والتقليل من الاعتماد على النقد والحد من الحوالات المالية عبر الأنظمة المالية غير الرسمية. وحول اعتماد المملكة في محاربتها مخاطر غسل الأموال بينت السواط، أن المملكة اعتمدت في ذلك عدة استراتيجيات خاصة وضعتها لمكافحة الجرائم آخذة في الاعتبار تجارب دول في هذا المجال، إذ تصدرت المملكة الدول المشاركة بفاعلية في محاربة غسل الأموال والأنشطة المتعلقة بها مستمدة بذلك التزامها بنصوص الشريعة الإسلامية والأنظمة المحلية والتوصيات الدولية على حد سواء. وتابعت السواط، من الممكن أن يحدث غسل الأموال ضرراً في الأنظمة المالية والموجودات، حيث إن المشروعات غير القانونية تعتبر مصادر غير موثوقة لاستثمارات رؤوس الأموال اللازمة للتنمية الاقتصادية المستدامة وبذلك يحصل زعزعة للاقتصاد الوطني من خلال زيادة الطلب على النقد وزيادة تقلب معدلات الفائدة والصرف وربما يصل الأمر إلى المساهمة في زيادة التضخم، وتتصدى له الجهات بالعمل على التوافق مع القواعد والقوانين الهادفة إلى محاربة استخدام هذا النظام. من جهتها، قالت المحامية لورا بنت محمد المزروع: ساهم سعي المملكة لسن أنظمة محاربة جريمة غسل الأموال ووضع استراتيجية لمكافحتها إلى زيادة التنسيق والتعاون مع الدول الأخرى لتضييق الخناق على ممتهني هذه الجريمة ورفع مستوى الوعي لدى المواطن والمقيم بخطورتها كما عزز الأنظمة التقنية المتعلقة بمتابعتها ومكافحتها، وقد اعتمدت المملكة على خبراتها الكبيرة في مجال متابعة وملاحقة الشبكات الإجرامية المتعددة الجنسيات التي دأبت على محاولة استهدافها بشتى الوسائل والطرق، مما مكنها بعد توفيق الله من استباق الكثير من الأعمال الإجرامية خصوصاً في المجال المالي الذي يعد غسيل الأموال أحد مجالاته النشط. ولا شك، أن بشاعة هذه الجريمة تتجلى في العديد من المظاهر الاقتصادية التي تؤثر على الاقتصاد الوطني، فهي من ناحية تهز الثقة في الأنظمة المالية والقانونية لأي بلد، مما يؤثر على حجم الاستثمارات فيها ويقلل من قدرتها على استقطابها، كما أنه نشاط غير فاعل ولا منتج يؤدي إلى الإخلال بالأنظمة المالية، ويقود إلى خلل في المجتمع عن طريق الإثراء غير المشروع ودخول تدفقات مالية دون أنشطة منتجة تتلف الاقتصاد الوطني. من جانب آخر، بينت المحامية منال الحارثي، أن جريمة غسل الأموال هي إحدى أهم الظواهر التي تؤرق العالم أجمع، فهي وبتعدد أساليبها جريمة اقتصادية ولها آثارها السلبية والمباشرة على النظام المالي والاقتصادي ولا يقتصر أثر ذلك محلياً فقط بل يمتد تأثيرها إلى النطاق الدولي والاقتصاد العالمي. وزادت، الحارثي: غسيل الأموال يسبب التضخم والكساد والبطالة وفساد المناخ الاستثماري، وإيماناً من المملكة بخطورة جرائم غسل الأموال فقد قامت باتخاذ العديد من المبادرات والإجراءات لمكافحتها، وكانت في مقدمة الدول المشاركة في محاربتها ومن أبرزها قرار مجلس الوزراء القاضي بتطبيق التوصيات الأربعين لمكافحة هذه الجريمة، والتي تشكل عصب مجهودات مكافحة غسل الأموال حول العالم، وأيضاً بدورها فقد قامت بتشكيل لجنة دائمة لمكافحة غسل الأموال وتتكون هذه اللجنة التي ترأسها مؤسسة النقد العربي السعودي من أعضاء يمثلون الجهات التالية: وزارة الداخلية، رئاسة الاستخبارات العامة، وزارة الخارجية، وزارة العدل، وزارة المالية، وزارة التجارة والصناعة، وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد، مصلحة الجمارك، النيابة العامة، هيئة سوق المال، مؤسسة النقد العربي السعودي، ومن مهام هذه اللجنة وضع الخطوات اللازمة لتنفيذ التوصيات المذكورة ومتابعة تنفيذها ودراسة جميع الموضوعات المتعلقة بمكافحة غسل الأموال بالمملكة وإصدار نظام مكافحة غسل الأموال ولائحته التنفيذية والتوقيع والمصادقة على معظم الاتفاقيات الدولية والإقليمية والثنائية المتعلقة بمكافحة غسل الأموال. وأضافت الحارثي: سنّت المملكة عقوبات شديدة وصارمة على مرتكبي غسل الأموال حيث إن الإدانة بهذه الجريمة تعرّض صاحبها لغرامة مالية تصل إلى سبعة ملايين ريال والسجن لمدة تصل إلى خمس عشرة سنة أو بكلتا العقوبتين، وكل ذلك لما تشّكله هذه الجرائم من أضرار جسيمة على الجانب الاقتصادي والاجتماعي. وأوضحت الحارثي، بدورها ألزمت مؤسسة النقد جميع البنوك بتطبيق مبدأ «اعرف عميلك» حيث يساهم في سلامة نظام البنوك ومنع تحولها لأداة لغسل الأموال، والتوسع فيه لمعرفة «عميل عميلك» و»الجهات التي تتعامل مع عميلك»، وقد ساهم في تضييق الخناق على أصحاب جرائم غسل الأموال، وكل هذه الإجراءات والتدابير تؤكد حرص المملكة على مكافحة جريمة غسل الأموال بكل حزم وصرامة، وجعل المملكة وجهة وبيئة جاذبة للاستثمار. بدوره، أكد المحامي محمد الحسيني أن المملكة قامت خلال العقد الماضي باتخاذ العديد من المبادرات والإجراءات الخاصة بمكافحة عمليات غسل الأموال، وقد كانت في مقدمة الدول المشاركة بفاعلية في محاربة عمليات غسل الأموال والأنشطة المتعلقة بها. وتستمد المملكة موقفها تجاه مكافحة عمليات غسل الأموال من التزامها بنصوص الشريعة الإسلامية، والأنظمة المحلية والتوصيات الدولية على حدٍ سواء، حيث تعتبر جرائم غسل الاموال من الجرائم الاقتصادية التي يشهدها العصر الحديث، وقد نالت هذه الجريمة اهتمام الكثير من الدول لما تسببه من آثار سلبية تهدد التنمية، بالرغم من الجهود المبذولة من قبل دول العالم لمكافحة هذه الظاهرة إلا أن حجمها في تزايد على المستوى الدولي، ومازالت عمليات ضبط الأموال الناجمة عنها محدودة، وأولت المملكة جهودها في مكافحة غسل الأموال اهتمامها وعنايتها حيث صدر نظام لمكافحة غسل الأموال، ومن أبرز مهام الإدارة مكافحة غسيل الأموال، تلقي شكاوى المستهلكين المتعلقة بإغراءات الكسب السريع، ومتابعة المؤسسات المالية والأعمال والمهن غير المالية المحددة واتخاذ الخطوات المناسبة لتوثيق عمليات تقييم المخاطر، والمشاركة في تطوير الاستراتيجيات الوطنية وضمان وجود آليات التنسيق الفعالة على المستوردين المحلي والدولي في مجال مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وإعداد التقارير الدورية عن نشاط وإنجازات الإدارة وما يتعرض أعمالها من معوقات ومقترحات التطوير. وأكد تقرير المتابعة الأول للمملكة في مجال مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب وانتشار التسلح، وفقاً لإجراءات الجولة الرابعة من عمليات التقييم لدول مجموعة العمل المالي (فاتف) التي تتطلب من الدول تقديم تقارير حول التقدم المحرز في الالتزام بالمعايير الدولية الخاصة بمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب وتمويل انتشار التسلح، قامت اللجنة الدائمة لمكافحة غسل الأموال ومقرها مؤسسة النقد العربي السعودي، بالتعاون مع اللجنة الدائمة لمكافحة جرائم الإرهاب وتمويله في رئاسة أمن الدولة، واللجنة الدائمة الخاصة بتنفيذ قرارات مجلس الأمن وفق الفصل السابع في وزارة الخارجية، واللجنة الدائمة لطلبات المساعدة القانونية في وزارة الداخلية، بإعداد تقرير المتابعة الأول للمملكة بقسميه الالتزام الفني والفعالية. وقد تضمن التقرير جهود وإجراءات المملكة في مجال المكافحة منذ اعتماد تقرير التقييم للمملكة في منتصف العام 2018م. وقامت المجموعة بمناقشة التقرير في الاجتماع العام للمجموعة المنعقد في الفترة 17 - 19 /2 / 1441ه الموافق 16 - 18 /10 / 2019م. وتم اعتماد ونشر التقرير في تاريخ 22 /5 / 1441ه الموافق 17 /1 / 2020م. وأظهر التقرير تقدم المملكة في مستوى الالتزام بالمعايير الدولية، حيث أصبحت المملكة ملتزمة بشكل كبير في عدد ثماني وثلاثين توصية بدلاً من ست وثلاثين توصية من التوصيات الأربعين للمجموعة، مما يجعلها من ضمن مقدمة الدول في الالتزام بالمعايير الدولية في هذا المجال. حيث ارتفع تصنيف درجة الالتزام بالتوصية السادسة المعنية بتطبيق قرارات مجلس الأمن في مجال مكافحة الإرهاب وتمويله، وبالتوصية السابعة المعنية بتطبيق قرارات مجلس الأمن في مجال مكافحة تمويل انتشار التسلح إلى «ملتزم إلى حد كبير» نتيجة للجهود التي قامت بها الجهات المعنية بالمملكة في تطبيق القرارات الدولية. ومن جهة أخرى، تمت إعادة تصنيف التزام المملكة بالتوصيات (الثانية، والثامنة عشرة، والحادية والعشرين) إلى «ملتزم إلى حد كبير» نتيجة تحديث المعايير المرتبطة بها مؤخراً من قبل مجموعة العمل المالي، وهي توصيات تتعلق بالتعاون والتنسيق المحلي، والمجموعات المالية والرقابة الداخلية لها، وسرية الإبلاغ عن الاشتباه بالجرائم. الجدير بالذكر أن نظم مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب وتمويل انتشار التسلح في المملكة تم تقييمها من قبل مجموعة العمل المالي (فاتف) ومجموعة العمل المالي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا (مينافاتف) واعتمد تقرير التقييم للمملكة بتاريخ 14 /10 / 1439ه الموافق 28 /6 / 2018م. وتقوم الجهات المعنية في المملكة بالعمل على تحقيق الأهداف الاستراتيجية الوطنية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب وخطة العمل الوطنية لتحقيق تلك الأهداف الموافق عليها من قبل مجلس الوزراء، حيث تهدف إلى تعزيز فعالية التدابير المتخذة لمكافحة تلك الجرائم، كما تؤكد من جانب آخر الالتزام المتين والمستمر في تطبيق المملكة للمعايير والمتطلبات الدولية لرصد ومكافحة هذه الجرائم. ويأتي التقدم المحرز في عملية المتابعة، نتيجة الدعم المستمر الذي تحظى به الجهات من قبل المقام السامي الكريم في تنفيذ المعايير الدولية الصادرة عن مجموعة العمل المالي التي انضمت إليها المملكة في شهر شوال العام 1440ه (يونيو 2019م) كأول دولة عربية. المحامية منال الحارثي المحامية لورا المزروع المحامي محمد الحسيني