تعود الحياة إلى طبيعتها في الأسابيع القادمة تدريجيا رغم أن الجائحة لم تنحسر واللقاح لم ينتج حتى الآن، ورغم أن المخاطر المحدقة بالناس مازالت موجودة، فمازال الفيروس نشطا، وأعراض المرض لم تتغير، إلا إن عدد المتعافين تجاوز عدد المصابين في الفترة الماضية رغم ارتفاع العدد الإجمالي للمصابين، والوعي بالمرض ارتفع، وسبل الوقاية منه ممكنة، ومع وجود الوعي اليوم بسبل الوقاية وأهميتها لخطورة المرض، إلا أن الحكم على استمرار المؤشرات السابقة رهين بالتزام المجتمع بسبل الوقاية، فرفع الحظر لا يعني أن الخطر زال، إنما يعني أن الثقة موجودة بأن المجتمع قادر على المحافظة على المؤشرات الإيجابية حتى يصدر لقاح للفيروس. ورغم أن سباق إنتاج اللقاح كشف عن موعد متوقع لإنتاجه الشتاء القادم، إلا أن بعض التقارير تشير إلى أن نجاح التجارب السريرية أقل مما نتصور، فيبدو أن المتفائلين بإنتاج اللقاح قريبا، ومستشار الرئيس الأميركي د. فاوتشي أحدهم، متفائلون أكثر مما يجب. فحسب رأي بعض المختصين، التجارب السريرية لا تنجح من المرة الأولى، وأنه لم يسبق أن أنتج لقاح لمرض جديد في أقل من أربع سنوات، هذه الصورة غير المتفائلة تشير إلى واقع جديد لأشهر طويلة من التعايش مع المرض بسبل الوقاية الذاتية وحدها والرعاية الصحية المساعدة إذا لزم الأمر. في خضم سباق اللقاح والنقاش حوله، يرى بعض المختصين أن الفيروس منتشر أكثر مما نتصور، وأن قدرته على الانتشار أصبحت محدودة، فنتيجة لانتشار الفيروس السريع وعدم قدرتنا على الوصول إلى جميع المصابين الذين لا تظهر عليهم أعراض، فإن عدد الذين لديهم مناعة من المرض لإصابتهم به قد تفوق عدد المصابين المعلن عنهم اليوم، هذا الرأي هو ما بنت عليه بعض الدول موقفها أول الأمر، التي منها بريطانيا، حتى صدمت بحقيقة الجائحة المرة، ومع أن هذا الرأي له وجاهته، إلا أنه غير كافٍ لتفسير الأعداد المتزايدة من المصابين الذين يحتاجون إلى الرعاية الصحية. وأمام الرأي القائل بعدم إمكانية إنتاج لقاح قبل سنتين، والرأي القائل بعدم الحاجة إلى لقاح أصلا لأن المحتاجين إلى اللقاح يتناقصون بسرعة، فإننا أمام احتمال موجة جديدة من الإصابات بعد رفع الحظر، ويدلل على ذلك عودة كوريا الجنوبية إلى تطبيق الإجراءات الاحترازية الأسبوع الماضي، ورغم أن حجم انتشار الفيروس في الحقيقة غير معلوم، وربما يكون كبيرا، إلا أن الإصابة بالفيروس محكومة بعوامل اجتماعية لا يبدو أنها أخذت بالحسبان. فانخفاض نسبة الوفيات لدينا مقارنة بدول أخرى ربما يفسره أن كبار السن في مجتمعنا أقل عرضة للفيروس من غيرهم، لأن فئة كبار السن في الدول الأخرى تعيش حياة مستقلة تضطر معها إلى الخروج والتعرض للعدوى. خلاصة الأمر، أن مراقبة الوضع ضرورة في الأيام القادمة مع الالتزام بالتباعد الاجتماعي قدر الإمكان.