ثنتان وسبعون سنة مضت على معاناة شعبنا الفلسطيني، الذي اغتصبت أرضه، وقتل أبناؤه، وطرد شيوخه ونساؤه وأطفاله، وسلبت ممتلكاتهم على أيدي العصابات الصهيونية وعلى رأسها عصابة الهاجاناة المجرمة أمام أعين العالم. ثنتان وسبعون سنة، ولم تزل أرض فلسطين ترزح تحت احتلال متغطرس أدار ظهره لكل القرارات المنادية بعودة اللاجئين الفلسطينيين إلى أرضهم وتعويضهم عن تشريدهم في أصقاع الدنيا لعشرات السنين، وإقامة دولتهم الفلسطينية المستقلة على التراب الفلسطيني بعاصمتها القدس. ثنتان وسبعون سنة، ولم تزل أعتى قوة عسكرية في المنطقة تلاحق الشعب الفلسطيني، وتعتدي عليه، وتوغل في قتل أبنائه، وأسر شبابه وشاباته، وتدمير بيوته ومدارسه ومستشفياته. ثنتان وسبعون سنة، ومن وقت لآخر يجدد العدو أكاذيبه وادعاءاته بأن الفلسطينيين باعوا له أرضهم وقبضوا أثمانها، وهذا كله كذب، وتدليس، وافتراء، للتشويش على صمود الشعب الفلسطيني وإصراره على المضي قدمًا في مقاومته ونضاله حتى نيل حقوقه كاملة غير منقوصة. ثنتان وسبعون سنة، ولم يزل العدو الغاصب ينجح في تفريقنا، وتجزئتنا، وتقسيمنا، ونحن نطيعه من حيث لا ندري، لا بل نحن ندري ونعي؛ إذ نرى بأم العين كيف نحقق له أهدافه من خلال انقسامنا، وتعدد أهدافنا، وتلون أعلامنا حتى غاب علم فلسطين في مناسبات كثير من أحزابنا، والنتيجة أننا نوفر لعدونا الأمن والأمان ليمعن في مزيد من السلب، والتقطيع، والهدم، والتشريد، والخنق، والتجويع، والحصار. ثنتان وسبعون سنة، والأرض تنزف، والشعب يصرخ، والصمت عنوان أمتينا العربية والإسلامية، وكلاهما ضاق ذرعًا باختلافاتنا، وبما تلوك به ألستنا من سخافات تؤذي المناصرين للحق الفلسطيني، وتطعن في قداسة قضيتنا المستمدة من عمقها الإسلامي وحضنها العربي. ثنتان وسبعون سنة مضت، ولم نزل نترقب وقفة صادقة مع النفس نتكل فيها على الله سبحانه وتعالى القائل في سورة محمد (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ)، وقفة صادقة نرى فيها الحق حقًا ونتبعه، والباطل باطلًا ونقذفه خلف ظهورنا، ونلبي نداء فلسطين؛ الأرض، والشعب، والتاريخ، والمقدسات، فنعمل على نبذ خلافاتنا، وتمسكنا بحقنا، ولم شملنا، وتوحيد كلمتنا، ورص صفوفنا، حتى نيل حريتنا، وتحرير أرضنا، وفك قيد أسرانا، وشطب كل التقسيمات التي صنعها العدو الغاصب ومن خلفه قوى الظلم والبغي والعدوان. * عضو اتحاد الكتاب والأدباء الأردنيين