في الواحد والعشرين من يونيو عام 2017م جاء الأمر الملكي السامي الصادر عن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز بتعيين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ولياً للعهد، ومع ميلاد ذلك اليوم أشرقت شمس التحديث والتطوير على مملكة الخير والإنسانية، فكان إيذاناً ببداية انطلاقة تنموية كبرى، ومرحلة جديدة من البناء عمادها الشباب في كافة مواقع العمل والإدارة، وخطوات واثقة نحو مستقبل مزدهر، واقتصاد متنوّع قوي، قادر على تحمّل الصدمات مهما بلغت شدّتها. فكر جديد منذ البداية قدّم سمو وليّ العهد فكراً جديداً، وأسلوباً إدارياً مختلفاً يعكس طموحاته وتطلعاته إلى تعزيز مكانة المملكة إقليمياً ودولياً، وتحقيق المزيد من الازدهار والرخاء لمصلحة ورفاهية المواطن، وإحداث نقلة حضارية وطفرة غير مسبوقة في تاريخ المملكة، عبر ما يَمتلكه سموّه من بصيرة نافذة، وشخصية كاريزمية وعزيمة قوية لا تلين مفعمة بحيوية الشباب. ويَتحلّى الأمير محمد بن سلمان -حفظه الله- بالجرأة والشجاعة والإقدام، والإصرار على اقتحام الصعاب في سبيل إعلاء مصلحة الوطن، لذا جاء القرار الاستراتيجي المهمّ المُنطلِق من رؤية استشرافية واعية للمستقبل، بضرورة المُضيّ قُدماً ودفع عجلة التغيير في المملكة على كافة الأصعدة. وجَسّد سموّ وليّ العهد تلك الأفكار في "رؤية السعودية 2030" والتي تُعدّ برنامج عمل لبلوغ أهداف تنموية رائدة، حيث يقول عن تلك الرؤية: "إنها تُعبّر عن أهدافنا وآمالنا على المدى البعيد، وتستند إلى مكامن القوة والقدرات الفريدة لوطننا، وترسم تطلعاتنا نحو مرحلةٍ تنموية جديدة، غايتها إنشاء مجتمع نابض بالحياة، يستطيع فيه جميع المواطنين تحقيقَ أحلامهم وآمالهم وطموحاتهم في اقتصاد وطني مزدهر". تحول واسع وتَضمّنت رؤية السعودية 2030 خططاً واسعة لقطاعات مختلفة، اقتصادية واجتماعية وتنموية، وذلك عبر تنفيذ إصلاح اقتصادي، وفق خطط وُضِعت بالتعاون مع اختصاصيين سعوديين ودوليين، متضمنةً 3 تقسيمات رئيسية، هي: اقتصاد مزدهر، مجتمع حيوي، ووطن طموح. وتُمثِّل تلك الرؤيةُ تغييراً مفصلياً لصورة المملكة العربية السعودية، كما تضعها على خارطة العالم التنافسية على كلّ الصعد، وتتضمّن سلسلةً من المشروعات الاقتصادية والتنموية العملاقة، التي تضع أُسُسَ التحوّل الواسع لإعادة هيكلة الاقتصاد الوطني، والانتقال من الاقتصاد الريعي إلى الاقتصاد متنوّع القاعدة الإنتاجية، والحدّ من الاعتماد على عوائد النفط، عبر تنويع مصادر الدخل، وإحداث طفرة عمرانية وزراعية وصناعية عملاقة، ومن أبرز المشروعات في إطار تلك الرؤية، مشروع "نيوم" على البحر الأحمر، الذي يجعل المملكة محطةً سياحية عالمية. محط أنظار ولقد كانت الخطواتُ السريعة الحاسمة لسموّ وليّ العهد -حفظه الله- لاسيما جهوده في تحديث المملكة اقتصادياً واجتماعياً وثقافياً، فضلاً عن محاربة الفساد واجثاثه من جذوره، محطّ أنظار قادة وزعماء العالم، الذين أبدوا تقديراً وإعجاباً بجهود سموّه، إذ يَصِف الرئيس الأميركي دونالد ترامب، وليّ العهد بأنه "صديقه"، مشيداً بجهوده فيما يَتعلّق بانفتاح المملكة عبر إصلاحات اقتصادية واجتماعية، كما يقول الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، إن الأمير محمد بن سلمان شخص مليء بالحيوية، ويتمتع بنشاط غير مسبوق، ولديه معرفة تامة بكيفية تحقيق أهدافه التي سَيَعبُر بها بالمملكة لمصافّ أكثر الدول تقدّماً. كان للتغيير الملموس الذي أحدثه وليّ العهد في المملكة، صدى واسع في الإعلام الغربي، فعلى سبيل المثال، فاز الأمير محمد بن سلمان بلقب "شخصية العام"، في الاستفتاء الشعبي التي أجرته مجلة "تايم" الأميركية عام 2017، متفوّقاً على 33 شخصية عالمية، بينهم ساسة ورجال أعمال وناشطون وعمالقة في الصناعة والفنون، وفي العام ذاته كان ضمن الخمسين شخصية الأكثر تأثيراً في العالم، وفقاً للقائمة السنوية لوكالة بلومبيرغ الأميركية، وحلّ أيضاً في المركز الثامن عالميّاً والأول عربيّاً، ضمن قائمة "فوربس" الأميركية لأقوى 75 شخصية في العالم لعام 2018. شباب واع وقوي ويَعد سموُّ وليّ العهد -حفظه الله- الشبابَ القوةَ الحقيقية لتحقيق الرؤية الوطنية، ويَصفهم بأنهم أبرز مزايا السعودية، فهم شبابٌ واعٍ وقويٌّ ومثقف ومبدع ويمتلك قيماً عالية، وبلا أدنى شك، يُبرِز الرهان على الشباب قراءةً واعية لتركيبة المجتمع السعودي، إذ يُشكّل الشباب (الفئة العمرية من 15 إلى 34 سنة) نسبة 36.7 % من السكان، بمعدّل مشاركةٍ اقتصادية يبلغ 39.1 %، بحسب أحدث تقديرات الهيئة العامة للإحصاء المنشورة في عام 2019. كما أن مستوى تعلّم الشباب وثقافته في المملكة مرتفع، بما يُسهِم في إنجاح التحوّل الوطني، معتمداً على عقول شباب وشابات الوطن. إن إيمان وليّ العهد الراسخ بدور الشباب ودعمه لهم، كان سابقاً حتى على اختياره ولياً للعهد، إذ أطلق مؤسسة "مسك" الخيرية عام 2011، لِتُعنَى بتنمية المهارات القيادية للشباب السعودي، وتُسهِم بفاعلية في خلق مستقبل أفضل للمملكة، عبر منح الشباب فرصاً مختلفة، لتمكينهم في مجال الأعمال والآداب والثقافة والعلوم الاجتماعية والتكنولوجية، وإنشاء حاضنات لتطوير وإنشاء وجذب مؤسسات عالية المستوى، وتوفير البيئة التنظيمية لذلك. كما وَسّع منتدى مسك العالمي الذي انطلق لأول مرة في عام 2016، من رسالة "مسك الخيرية" إلى الشباب في جميع أنحاء العالم، ومن خلال الفعاليات الدولية والبحوث والمبادرات العالمية، يجمع منتدى مسك العالمي القيادات الصاعدة والمخضرمة، إلى جانب المبتكرين والمبدعين، من أجل الاستكشاف والتجربة والاختبار بعدة طرق لمواجهة تحدّي التغيير. مُقوِّمات وكاريزما ولقد فتحت الإصلاحاتُ التي بادر بها سموّ وليّ العهد، المجالَ واسعاً أمام الشباب، وزرعت في نفوسهم الأمل، بعد أن جعلت الاقتصاد أكثر كفاءة، وأتاحت لهم الفرصة لتدشين مشروعاتهم، إن الأمم تَحتاج لقدوةٍ ونموذج مُلهِم وقيادة رشيدة واعية، وقد بات الأمير محمد بن سلمان بما يحمله من مُقوِّمات وكاريزما ومواقف حازمة ورؤية ثاقبة، قدوةً لشباب هذا الوطن، بل إن تجربته الإصلاحية والتنموية مثارُ إعجاب الشباب في المنطقة، إن قوة الأفكار البَنّاءة وصواب القرارات، والاهتمام ببناء العقل البشري، سِمات أساسية لفلسفة وليّ العهد في تسيير شؤون الدولة، فضلاً عن إيمانه بالفريق القويّ والحوكمة، ورسم خطط العمل الواضحة محدّدة الأهداف. المملكة تَتصدّر وفي الذكرى الثالثة لبيعة الخير والنماء لصاحب السموّ وليّ العهد -حفظه الله- حَقّقت خططُه ورؤيته الإصلاحية العديد من الإنجازات، التي وَضَعت المملكة في الصدارة على مستوى العالم، وفق العديد من المؤشرات الصادرة عن مؤسسات دولية متخصصة مستقلة مثل البنك الدولي، فعلى سبيل المثال، ققزت المملكة 72 مرتبة لتحتلّ المركز الأول عالمياً في إصلاحات بيئة الأعمال بين 190 دولة، ضمن مؤشر سهولة ممارسة الأعمال، الصادر عن مجموعة البنك الدولي لعام 2020، وهي الأولى عالمياً في مؤشر التجارة عبر الحدود، كما أنها الأولى عالمياً في تَحسّن الاستثمار، وجاءت المملكة الأولى خليجياً والثانية عربياً في ملف إصلاح أنظمة المرأة، بحسب تقرير "المرأة، أنشطة الأعمال، والقانون 2020" الصادر عن البنك الدولي. حنكة ومهارة من جهةٍ أخرى، أظهرت التقلّبات الحادّة في سوق النفط العالمي خلال الأشهر الأخيرة، حنكة وليّ العهد ومهارته الدبلوماسية البارعة في إدارة تلك الأزمة العالمية، والدور القيادي والمحوري الذي يلعبه في تحديد مسار أسعار النفط، ونجاح الاستراتيجية النفطية التي رسمها سموّه في الحفاظ على المكانة النفطية للمملكة، بل وتعظيمها على المدى الطويل، وبالقدر ذاته أظهرت أهمية مواصلة خطته لتنويع الاقتصاد بكلّ قوة وثبات مهما كانت التحديات. أخيراً، لقد أعاد صاحب السموّ وليّ العهد الأمير محمد بن سلمان اكتشافَ قدرات ومقوّمات المملكة، واستثمارها على النحو الأمثل، لإحداث أكبر تغيير اقتصادي وثقافي واجتماعي في تاريخ المملكة الحديث، والعبور نحو مرحلة جديدة تواكب روحَ العصر، والسباق المحموم بين الدول في مجالات التنمية، كما عمل على محاربة الفساد المالي والاقتصادي، وتهيئة المناخ لبيئة جاذبة للاستثمار، فضلاً عن مكافحة الإرهاب والأفكار الظلامية، عبر استراتيجية شاملة تَستند إلى منظومةٍ أمنية وتنموية وتثقيفية، ونشر قيم التسامح والاعتدال، إن حلول الذكرى الثالثة لمبايعة صاحب السموّ وليّ العهد الأمير محمد بن سلمان -حفظه الله- مناسبة جديرة بالاحتفاء والتأمّل فيما تحقق من إنجازات كبرى، والعمل على تحقيق المزيد، وتجديد الشعب للعهد والوفاء للقيادة الرشيدة، والاصطفاف خلف وليّ العهد حامل لواء التغيير والإصلاح والتنمية والعمران. ولي العهد أصر على تجاوز الصعاب لمصلحة الوطن