هل ستعود الحياة إلى ما كانت عليه قبل كورونا؟ وهل يستفيد التعليم بمستوياته من هذه الجائحة ويسعى إلى تطوير بنية تقنية رقمية ذات فاعلية وجدوى تعليمية؟ وهل ستتنافس قطاعات التعليم في إيجاد بيئة رقمية تنافسية؟ وهل ستحظى برامج التحول الرقمي في التعليم بدعم سخي ومباشر وسريع لرفع مستوى الجاهزية في مجال التطبيقات والبرمجيات التعليمية المناسبة؟ وهل ستسعى قطاعات التعليم المختلفة للدفع بمبادرات وبرامج نوعية في مجالات بناء المحتوى الرقمي التفاعلي الذي هو نواة أي نقلة أو تحول رقمي تعليمي مرتقب؟ تساؤلات كثيرة تواترت مؤخراً وأصبحنا نسمعها ونطرحها، فقد أسهمت جائحة كورونا في رفع مستوى الوعي الرقمي والممارسات التقنية في المملكة أسوة ببقية الدول. التعليم في المملكة تأثر بجائحة كورونا، وكان من ضمن القرارات الاحترازية الموفقة والمتخذة للحد من انتشار هذا الفيروس أن تم إيقاف جميع أشكال التعليم المباشر، وكذلك تم التحول الفوري لطرق تعليم أخرى من شأنها إحلال مفهوم «التباعد الاجتماعي» للحفاظ على صحة الفرد والمجتمع، تقنيات التعليم بأشكالها وأنماطها كانت الخيار الأمثل لتحقيق هدف الحفاظ على صحة المجتمع. كان للمملكة تجربة سابقة في استخدام التقنية في التعليم بشكل مباشر حين تم اعتمادها في المدارس التي في المنطقة الجنوبية (الحد الجنوبي) بهدف المحافظة على سلامة المواطنين وضمان استمرار التعليم لطلاب وطالبات المراحل التعليمية المختلفة، وكانت التجربة ناجحة بحسب ما تم رصده لآثارها الإيجابية في خدمة المرحلة وتحقيق أهدافها. «دمج التقنية في التعليم» كان ولا يزال هاجس الكثير من التربويين والمتخصصين في مجالات التقنية وعلومها، ساهمت برامج وزارة التعليم وخططها في تقديم نماذج مشرقة في هذا الجانب، الراصد لبرامج التحول الرقمي في قطاعات التعليم يلحظ تحولاً رقمياً بهذا الحجم وبهذه السرعة لم يدر في خلده، وقد نستعير المقولة الشهيرة «رب ضارة نافعة» في وصف مشهد «التحول الرقمي» في المملكة بصفة عامة وفي مجالات التعليم بشكل خاص، وإن اختلفت أسباب أو دوافع هذا التحول «القسري» للرقمنة التعليمية فإن المتفق عليه هو المحافظة على سلامة الطلاب وضمان استمرارية التعليم وتحقيق أهداف التنمية، ويأتي في سياق هذا التحول كم هائل من الأهداف السامية والنبيلة التي قد تدفع بالمجتمع السعودي للانضمام إلى «مجتمع المعرفة» الذي نطمح جميعاً إلى أن يتسم مجتمعنا بهذه الصفة بحيث يصبح الفرد قادراً على التعلم والتعليم والعمل بشكل إيجابي باستخدام أشكال وأنماط التقنية المختلفة. لقد كان لافتاً للنظر في هذه الجائحة سرعة اتخاذ القرار بوزارة التعليم وكذلك سرعة طرح البدائل والخيارات التقنية للتعليم العام وخدمة أكثر من ستة ملايين طالب وطالبة على مستوى المملكة. استفاد الطلاب والطالبات بشكل مباشر من هذه الخيارات المتاحة، إذ تم رصد أكثر من 70 مليون مشاهدة، ودخولاً متعدداً على منصاتها المختلفة. وبنظرة سريعة إلى هذه الأرقام نستطيع القول: إن تجربة التعليم عن بعد في المملكة العربية السعودية قد حققت أهدافها وبنتائج جيدة قياساً بالظروف المحيطة والوضع الذي نعيشه في المملكة، وقد حملت هذه الأرقام في طياتها وعوداً مشرقة لمستقبل واعد فيما لو جرى العمل على برنامج تحول رقمي وطني متكامل في التعليم.