الدور الإيراني يضمحل في سورية.. وهلاك سليماني أدى لتصدع الحرس الثوري قال هادي روشن روان، عضو لجنة الأمن ومكافحة الإرهاب في المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، إن النظام الإيراني يعيش في الوقت الحالي الظروف السياسية والاقتصادية الأكثر تأزماً خلال فترة ال 41 عاما من عمره، حيث واجهت ميزانية عام 2020 قبل أزمة كورونا عجزا في الموازنة ما يقرب من 50% من إجمالي ميزانيتها، وكان هذا بناء على بيع مليون برميل من النفط بقيمة 40 دولاراً أميركياً على الأقل. ومع تهاوي سعر برميل النفط الآن تحت 20 دولاراً وعلى الجانب الآخر من مشكلة كورونا ستواجه الميزانية أزمة كبيرة جداً. وأضاف روان أن التقييمات الاجتماعية لمراكز صنع القرار في النظام أقرت بأن «رأس المال الاجتماعي» قد اقترب من الصفر، وأشارت تقارير خبراء النظام، حول الانتفاضة في نوفمبر 2019، والاحتجاجات في يناير 2020، وعدم وجود أغلبية مشاركة في انتخابات مجلس شورى النظام، إلى الحقائق العينية لهذا الموضوع، وظهر عدم الثقة داخل القوات المسلحة وقوات الحرس وانعكس على شكل مطالب الاستقالات. وأوضح روان من جانب آخر خلال حواره مع «الرياض»، أن إطلاق النظام الإيراني الصاروخ البالستي الأخير هو رسالة موجهة إلى الغرب في الوقت الذي ابتعدت فيه إيران فعليًا عن الاتفاق النووي ومن المرجح أن تتحرك نحو تخصيب اليورانيوم عالي التخصيب، هو رسالة إلى الغربيين بأنها ستتمكن من بناء سلاح نووي في نفس الوقت الذي تكون فيه قادرة على الحصول على تكنولوجيا الصواريخ البالستية.. وإلى نص الحوار: *أطلقت إيران مؤخراً قمراً صناعياً عسكرياً.. هل يعتبر ذلك مؤشراً على مواصلة التقدم للبرنامج الصاروخي؟ * إن هذا القمر الصناعي الصغير (الذي تبلغ أبعاده 10 × 20 × 34 سم) قيمته العلمية أو التقنية قليلة، ولكن يجب أن نشير إلى الهدف الرئيسي للنظام من اختبار الصواريخ هو تطوير برنامج صاروخي باليستي قادر على حمل رأس حربي نووي وأن إرسال قمر صناعي ما هو إلا غطاء لهذا الموضوع. ولسنوات، أنفق النظام مليارات الدولارات للحصول على صاروخ يحمل رأسًا نوويًا وقد فشل في ذلك بشكل متكرر. أظهر إطلاق قوات الحرس للقمر الصناعي يوم الأربعاء 22 أبريل 2020 دقة ما كشفته المقاومة الإيرانية حول الطبيعة العسكرية لقوات الحرس الثوري، على مدى السنوات ال 13 الماضية (بعد أول اختبار إطلاق قمر صناعي)، عندما أطلق النظام صاروخ القمر الصناعي (اميد) على صاروخ سفير إلى الفضاء في فبراير 2009، وحينها كشفت المقاومة الإيرانية في واشنطن عن الطبيعة العسكرية للاختبار، وقالت إنه تم إطلاق القمر الصناعي (اميد) بصاروخ سفير 2، وذلك بتكليف مباشر من قبل وزارة الدفاع ومنظمة الجوفضاء التابعة للنظام، حيث أصدر النظام أوامر حماية استخباراتية صارمة من أجل التستر على الطبيعة العسكرية لإطلاق هذا الصاروخ، وأمرت جميع موظفي منظمة الجوفضاء بارتداء ملابس مدنية». لكن هذه المرة أصر النظام على إظهار أن ما يهمه هو الصاروخ، وليس القمر الصناعي نفسه، وكتبت مجلة مشرق المرتبطة بقوات الحرس في 24 أبريل 2020: «حامل القمر الصناعي هو صاروخ باليستي قادر على التحليق لمسافات طويلة قارية. الهدف الرئيسي لقوات الحرس في مواجهة كل الضغوط الأميركية هو إيصال الرسالة المهمة والاستراتيجية بأن إيران على الرغم من أن المدى الرسمي لصواريخها حوالي 2000 كيلومتر، لكن المدى المعلن مختلف تمامًا عن الحقائق الحالية». وفي الوقت الحالي فإن قوات الحرس بحاجة إلى إظهار القوة والمناورة الدعائية، بعد سنوات من الفشل آخرها الإخفاق في اختبار 6 صواريخ في العام ونصف العام الماضي: 15 يناير 2019: فشل الصاروخ سيمرغ الذي يحمل القمر الصناعي بيام. 26 يناير 2019: انفجار في معهد أبحاث الفضاء الإيراني أثناء العمل على صاروخ ومقتل 3 خبراء على الأقل. 6 فبراير 2019: انفجار صاروخ على منصة الإطلاق في مركز سمنان الفضائي. 29 أغسطس 2019: انفجار صاروخ في منطقة سمنان أثناء الإطلاق. 9 فبراير 2020: لم يصل القمر الصناعي «ظفر» إلى مداره على مسافة 540 كيلومترًا من الأرض. وأعقب ذلك صوت انفجار بالقرب من مدينة زاهدان، جنوب شرق إيران، بسبب ارتطام قطعه بالأرض. 8 يناير 2020: أهم فضيحة صاروخية للنظام، أسفرت عن إسقاط طائرة ركاب أوكرانية من قبل قوات الدفاع الصاروخي التابعة لقوات الحرس، ولقى جميع ركاب الطائرة البالغ عددهم 176 مصرعهم. *هل ترى أن قرب رفع حظر بيع الأسلحة عن إيران.. تجدد للتوتر أم فرصة للتفاوض؟ -التصرف المنطقي لأي نظام هو اعتبارها فرصة للتفاوض والحد من التوترات، لكن خامنئي وصفها بأنها انتحار قبل الموت؛ فهو يرى أن التحرك نحو التفاوض والتسويات تعني أولاً وقبل كل شيء انهيار قوات حرسه، ففي كل هذه السنوات لم يتخل خامنئي عن سياسة تصدير الإرهاب، وتحركه يتعارض تمامًا مع اتجاه الحد من التوترات. من أجل رفع حظر الأسلحة في أكتوبر، على الأقل في تلك الأشهر الستة، لم يكن يجب على نظام الملالي انتهاك قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2232 من خلال إطلاقه هذا الصاروخ، ولكن على ما يبدو إن النظام يعتقد أنه من خلال إظهار هذه القوة يمكنه أن يجبر الولاياتالمتحدة ودول المنطقة على التراجع. لذلك يجد النظام طريقه للبقاء على قيد الحياة في استراتيجية «النصر بالرعب»، وفي نشر المزيد من الإرهاب والتدخل، سعياً منه أيضًا إلى فتح الطريق للتهدئة والاسترخاء، لكن أي فرصة للتهدئة والاسترضاء وأي انفتاح على هذا النظام سيؤدي حتماً إلى نشره المزيد من الإرهاب والمزيد من التدخل في شؤون المنطقة. *ماذا وراء زيارة وزير خارجية إيران جواد ظريف إلى دمشق في ظل تفشي فيروس كورونا؟ -تعكس زيارة جواد ظريف لسورية في 20 أبريل الماضي كأول زيارة لظريف بعد تفشي كورونا، قلق النظام حيال التطورات السياسية والميدانية في سورية ضده، وذلك في ظل الظروف المتأزمة التي يمر بها نظام ولاية الفقيه في إيران خاصة في أعقاب انتفاضة نوفمبر 2019 التي أظهرت ذروة الكره الشعبي للنظام في إيران. وفي أعقاب ذلك، هلاك قاسم سليماني الذي زعزع استقرار حكومة الملالي وأدى لحدوث انهيارات وخلافات عميقة داخل قوات الحرس والمليشيات، مما دفع النظام لاتخاذ سياسة التباهي بالقوى الزائفة، في الوقت الذي يفقد فيه النظام نفوذه وقوته في سورية في موازاة النفوذ الروسي في سورية. وعلى الرغم من أن روحاني دعا كلاً من بوتين وأردوغان لحل الخلافات الروسية التركية فيما يتعلق باشتباكات مارس 2020، وذلك لعقد قمة ثلاثية في طهران، لكن دون إيلاء أي اهتمام لطلب روحاني قام النظام الروسي بحل خلافاته مع أردوغان، وتراجعت بشدة أهمية القمة الثلاثية (استانه) بعد ثلاث سنوات عقدت خلالها. وفي أعقاب الاتفاق الروسي التركي، وضعت أسئلة استفهام كبيرة حول استراتيجية النظام الإيراني في فتح طريق البوكمال- البحر المتوسط. اعتبر النظام أن سيناريوهات المرحلة الانتقالية في سورية لن تصب في مصلحته، لذلك ذهب ظريف للتنسيق مع بشار الأسد من أجل عقد قمة استانه بشكل افتراضي على الإنترنت في 23 أبريل 2020. * تجاوزت الأموال التي يقدمها النظام الإيراني إلى الرئيس السوري 10 مليارات دولار، إلا أن طهران فشلت في ترجيح كفة النزاع في سورية لصالح الأسد.. ما الذي أحدثه التدخل الإيراني في الحرب الأهلية السورية؟ -العشرة مليار دولار هي فقط زاوية واحدة عن أبعاد مساعدات نظام الملالي لدكتاتور سورية، ومجموع المساعدات كلها تصل لأضعاف هذا الرقم. على الرغم من أن النظام شهد في الشهور الأخيرة، خاصة بعد هلاك المجرم قاسم سليماني، خسارة كل استثمارات سنواته الماضية في سورية، وواجه مشاكل وخلافات مع تركيا وروسيا حول سورية، لكنه وبسبب استراتيجية بقائه القائمة على مقولة (النصر بالرعب) يريد البقاء على المشهد الخارجي والداخلي أيضا متظاهراً بالقوة الإقليمية، كما أنه يستمر بتصدير النفط والمال لسورية، وعلى الجانب الآخر الشعب الإيراني ينادي ويصرخ يوما بعد يوم «اتركوا سورية وفكروا في حالنا». - بعد المواجهة التي وقعت بين البحرية الأميركية وسفن إيرانية في مياه الخليج قبل أيام.. * إلى أي مدى يمكن أن يصل التصعيد من الجانبين؟ * في حين أن جميع الثروات والأموال حالياً تقع تحت تصرف مؤسسات خامنئي وقوات الحرس، فهي الآن أكثر من أربعة أضعاف الميزانية العامة للدولة، والتي تنفق جميعها على أسلحة الدمار الشامل والتدخل في المنطقة. سعى نظام الملالي من خلال استغلال أزمة كورونا إلى رفع العقوبات دون التخلي عن أهداف التدخلات الإقليمية وأسلحة الدمار الشامل، وذلك لكسب المزيد من المال لتحقيق تلك الأهداف المعادية للبشرية التي فشل في تحقيقها. لذلك، في السنة الإيرانية الجديدة (أواخر مارس وأبريل 2020)، تم تقديم تحليل في قوات الحرس بعنوان «الذروة الجديدة للمواجهة القديمة»، حيث «بدأت إيرانوالولاياتالمتحدة العام الإيراني الجديد بالمواجهة، وحتى الآن، هناك أربعة مواضيع من الخلاف بين إيرانوالولاياتالمتحدة الأميركية: العقوبات والاتفاق النووي، قرض صندوق النقد الدولي، مواجهة القوات العسكرية في الخليج العربي، وإرسال القمر الصناعي العسكري الإيراني إلى مدار حول الأرض». هذه مواجهات مباشرة وصريحة، ومن ناحية أخرى، كان البلدان على خلاف بالفعل بشأن عملية السلام الأفغانية وتشكيل الحكومة العراقية، وهناك أيضاً اختلافات حول اليمن والمملكة العربية السعودية وتركيا وروسيا والصين، وغيرها من الموضوعات. ومع الإشارة إلى أن الولاياتالمتحدة منعت البنك الدولي من إعطاء القروض، فقد سعوا إلى اتفاقية جديدة مع العراق في يونيو 2020. لذلك سعى نظام الملالي لإظهار قوة الصواريخ في إطلاق الأقمار الصناعية والمغامرة في الخليج العربي لمواجهة العقوبات الأميركية. وأرى أن الولاياتالمتحدة لن تخوض الحرب في عام الانتخابات الأميركية وفي ظل مشكلة كورونا، ولكن سيستمر النظام في هذه السياسة إذا فشلت الدول الأوروبية والإقليمية في مواجهة هذا التباهي بالقوة الفارغة للنظام وحل الخلاف مع الولاياتالمتحدة بشأن العقوبات. * اتهم التقرير الأخير لهيئة الرقابة المالية في إيران الحكومة بمسؤولية اختفاء 4.8 مليارات دولار من ميزانية الدولة، ما يسلط الضوء من جديد على الفساد المالي في حكومة روحاني.. متى وكيف سينتهي هذا المسلسل؟ * ما دام هذا النظام موجوداً، لن ينتهي الفساد وسرقة ونهب الشعب الإيراني والتدخل في المنطقة والإرهاب، ولن ينتهي إلا بإسقاط هذا النظام. إحدى قنوات نهب وتمويل التدخل في البلدان وأسلحة الدمار الشامل هي استخدام العملة الصعبة، تحت عنوان تأمين الواردات الضرورية، حيث يتم استلام الدولار بقيمة الصرف الحكومي 4200 تومان، ولكن الجزء الرئيسي من هذه السلع لا يتم استيراده بهذه العملة، وهذه واحدة من عشرات الطرق الأخرى لنهب الأموال والفساد في هذا النظام. هذه هي الأموال، التي تحدث عنها رئيس ديوان المحاسبات، تم الإبلاغ عنها، حيث تلقاها 37 فردًا حقيقياً واعتبارياً، وحوالي 32 فرداً منهم تلقوا نحو مليار و200 مليون دولار، لم يتم استيراد بها أي سلع للبلاد، ولكن لم يتم الكشف عن أسماء هؤلاء. في الواقع، لم يُفقد أو يضيع أي شيء، عصابتا النظام كلتاهما تدرك أين أنفقت الأموال أو في أي جيوب ذهبت، وهذا مجرد صراع بين العصابات الحاكمة، وهذا يُظهر ركنًا من نهب النظام لثروات الشعب الإيراني، الأمر الذي لن ينتهي إلا بسقوط النظام.