عاد الجدل مجدداً بشأن الاتفاق النووي مع إيران، وتعود التساؤلات حول مصيره بعد قرار الدول الأوروبية الثلاث (بريطانيا وفرنسا وألمانيا) الأطراف في الاتفاق النووي الإيراني تفعيل آلية فض النزاع لإرغام طهران على العودة للالتزام بمفاعيل الاتفاق المبرم في 2015 والذي يقيد أنشطتها النووية بعد تنصلها من البنود الواردة فيه. وبشأن الخلاف المحتدم بخصوص البرنامج النووي الإيراني في انتظار ما ستؤول له التطورات المتلاحقة باستمرار، قال شاهين قبادي، المتحدث باسم منظمة مجاهدي خلق عضو لجنة العلاقات الخارجية في مجلس المقاومة الإيرانية في حوار موسع مع "الرياض" أن القيود المفروضة على عدد أجهزة الطرد المركزي، والقدرة والنسبة المئوية لليورانيوم المخصب ومعدلاته، والاستمرار في البحث والتطوير في برنامجها النووي يعد خروجًا عملياً من الاتفاق النووي. وأضاف، نظام الملالي، لم يتخل عن رغبته في امتلاك أسلحة نووية، والاتفاق النووي مهد الطريق للتحايل. وبالنسبة لقدرة النظام على الوصول إلى الأسلحة النووية، فإن الأمر يعتمد على مسار التطورات، خاصة من ناحية الأزمات غير المسبوقة التي يواجهها هذا النظام داخلياً ودولياً. والآن كلتا الساعتين تسير عقاربهما، بحيث هناك سباق بين وقت السقوط وحصول النظام على السلاح النووي. وفيما يلي نص الحوار: * أعلنت إيران التخلي عن آخر قيود الاتفاق النووي.. هل يعد ذلك خطوة أولى نحو إنهاء الاتفاق النووي المبرم في عام 2015 مع القوى العالمية الست؟ * قرار الملالي بعدم الالتزام "بالقيود المفروضة على عدد أجهزة الطرد المركزي، والقدرة والنسبة المئوية لليورانيوم المخصب ومعدلاته، والاستمرار في البحث والتطوير في برنامجها النووي يعد خروجًا عملياً من الاتفاق النووي. وكانت السيدة مريم رجوي، الرئيسة المنتخبة للمقاومة الإيرانية، قد حذرت في 14 يوليو 2015، بعد توقيع الاتفاق النووي قائلة: "تجاوز قرارات مجلس الأمن الدولي الستة ستفتح الطريق أمام الملالي للوصول إلى القنبلة النووية. ويجب أن يشمل أي اتفاق على الإغلاق الكامل لمشروعات التخصيب وصنع القنابل، بالإضافة إلى طرد النظام من جميع أنحاء الشرق الأوسط". * إذا استمرت إيران في انتهاك التعهدات المتعلقة بالاتفاق.. هل تعتقد أنها ستحصل على السلاح النووي؟ * بالنسبة إلى نظام الملالي، فإن الحقيقة هي أنه لم يتخل أبدًا عن رغبته في امتلاك أسلحة نووية، لكن الاتفاق النووي مهد الطريق له للتحايل. لكن بالنسبة لقدرة النظام على الوصول إلى الأسلحة النووية، فإن الأمر يعتمد على مسار التطورات، خاصة من ناحية الأزمات غير المسبوقة التي يواجهها هذا النظام داخلياً ودولياً. والآن كلتا الساعتين تسير عقاربهما، بحيث هناك سباق بين وقت السقوط وحصول النظام على السلاح النووي. * قالت طهران إنها مستعدة للعودة للتفاوض حال رفع العقوبات.. هل ترى أنها ستتراجع عن أي أعمال عنف أو أنشطة نووية أو تتراجع عن أي إجراءات لا تمتثل لبنود الاتفاق النووي؟ * منذ اليوم الأول، استمر النظام في الحفاظ على بقائه، معتمداً على أداتين استراتيجيتين الأولى هي القمع الوحشي داخل البلاد، الأمر الذي كانت نتيجته سلسلة إعدامات طالت أكثر من 120 ألف قتيل من المعارضين للنظام، وتحديداً من أعضاء منظمة مجاهدي خلق الإيرانية. والثانية هي تصدير الإرهاب، والتطرف الديني، ونشر الحروب والأزمات في المنطقة. وبالتالي الحصول على السلاح النووي هو مظلته الاستراتيجية وضمان لبقاء النظام، والآن نحن أمام نظام منكسر وهش للغاية في استراتيجيته. ولا بد أن نشير إلى أن العنف والتطرف هو جزء من الحمض النووي للنظام الإيراني، وإن التصور القائم على أن النظام سيتخلى عن هذه الإجراءات في حال قدمت له الامتيازات، ما هو إلا وهم وسراب، جرى وراءه المجتمع الدولي والغربي لأكثر من ثلاثة عقود، وقدموا مختلف أنواع الامتيازات اللا مشروعة للنظام، حيث تم استغلالها من قبل أقوى الفصائل والأجنحة في النظام لقمع الشعب الإيراني، وكذلك تشديد تصدير الإرهاب والتطرف الديني ونشر أسلحة الدمار الشامل، بما في ذلك الصواريخ البالستية. لقد أثبتت تجربة العقود الأربعة الماضية مراراً وتكراراً أن السياسة الوحيدة الصحيحة هي الصرامة والحزم. الجواب على المعادلة الإيرانية هو الإطاحة بالنظام من قبل الشعب والمقاومة المنظمة، وهو أمر لم يكن ملموسًا ومتاحاً للغاية، بالقدر الذي هو عليه اليوم. * أكد الرئيس الأميركي أنه لن يسمح للنظام الإيراني بامتلاك أسلحة نووية.. كيف ستكون عواقب هذا التوتر بين البلدين؟ * الحقيقة هي أنه طيلة ثلاثة عقود استفاد النظام الإيراني إلى أقصى حد من سياسة الاسترضاء الغربية المدمرة واستغلها لصالح بقائه في الحكم، وخلق الوضع المتأزم الذي نواجهه الآن. النتيجة المباشرة لهذه السياسة ما زالت ماثلةً أمامنا وأمام المجتمع الدولي. لقد كان الشعب الإيراني وشعوب المنطقة هم أول ضحايا هذه السياسة المدمرة وهم من دفعوا ثمنها. وفي أعقاب إثبات النتائج المدمرة لسياسة الاسترضاء التي اعتمدها الغرب منذ ثلاث عقود، وتحديداً الحكومات الأميركية المتعاقبة، وتخلت الإدارة الحالية عن هذه السياسة، واستخدمت الحسم في تعاملها مع النظام، وفي الحقيقة، فقد اعتبر النظام مسؤولاً عن جميع الجرائم والأزمات التي اختلقها من جميع النواحي، وخسر النظام سياسته المتمثلة في حصوله على المساعدة والدعم في خضم الأوقات الصعبة والأزمات العالق بها. وهذا ما رآه العالم بوضوح، على الرغم من القمع الوحشي للانتفاضات الوطنية العارمة في يناير 2018 ونوفمبر 2019، هو أن الشعب كان يردد شعارات ضد خامنئي، زعيم النظام، والنظام بأكمله، وهز أسس وأركان هذا النظام، ووضعوه على حافة الهاوية. أصبح من الواضح الآن أن العنصر الذي سيبني ويرسم المستقبل هو العنصر الاجتماعي في إيران الذي تم تنشيطه، ودور معاقل الانتفاضة في منظمة مجاهدي خلق الإيرانية بقيادة هذه الاحتجاجات وتوجيهها قد أصبح واضحًا بشكل متزايد، وهي حقيقة أقر بها كبار مسؤولي النظام بصراحة تامة. النقطة المهمة هي أنه على الرغم من القتل الوحشي ل 1500 متظاهر، وجرح أكثر من 4000 شخص واعتقال 12 ألف شخص، تدفقت هذه المرة الطبقات المتوسطة في مركز مدينة طهران والمدن الكبرى مرة أخرى إلى الشوارع في منتصف شهر يناير، وأعلنوا من خلال شعارات (الموت للظالم، سواءً كان الشاه أم المرشد) و (قوات الحرس ترتكب الجرائم؛ والمرشد يدعمها)، عن مطلبهم في إسقاط النظام، ورفضهم التام لهيمنة وحكم الملالي. إيران هي بركان ونار تحت الرماد، وقد أصبح الوضع متأزماً للغاية لدرجة لم يعد كبار مسؤولي النظام قادرين على إخفاء مخاوفهم بشأن الانتفاضات القادمة ويحذرون منها باستمرار. * لوحت واشنطن أنها ستفرض عقوبات اقتصادية جديدة على إيران حتى تغير من سلوكها.. كيف سيؤثر ذلك على الاقتصاد والمواطنين الإيرانيين؟ * الاقتصاد الإيراني منهار، والسبب في ذلك هو 40 عامًا من حكم الملالي وسياساتهم المدمرة للغاية والمناهضة للأمة الإيرانية، ونهبهم وسرقاتهم الفلكية؛ حيث يتم إنفاق القسم الأعظم من ميزانية إيران على القمع أو نشر الحروب في المنطقة. حالياً، يعيش 80 ٪ من الإيرانيين تحت خط الفقر، مع أكثر من 30 مليوناً يعيشون على أطراف المدن في ظل عدم توفر أقل الخدمات الحضرية والاجتماعية. المثير للدهشة أنه في مثل هذه الحالة، وبعد هلاك قاسم سليماني، أضاف برلمان النظام بشكل طارئ 200 مليون دولار إلى ميزانية فيلق القدس. ما يثبت بوضوح أن وضع وحالة الشعب الإيراني لا أهمية لها، والشعب الإيراني قد فهم هذا جيدًا، وبالتالي هو مصمم على الإطاحة بالنظام. إنها دعايات وبروباغاندا النظام هي التي تريد أن تعزي المشاكل الاقتصادية للعقوبات. في حين أن الضحايا الرئيسيين للعقوبات هم جهاز خامنئي وقوات الحرس والشركات والكيانات القمعية التابعة لهم، والعقوبات هي التي تمنع حدوث عمليات نهب وسرقة لممتلكات الشعب الإيراني من أجل الحفاظ على بقاء النظام وتصدير الإرهاب والتطرف. دعونا لا ننسى أنه بعد عام 2015 وتوقيع الاتفاق النووي، والإفراج عن حوالي 100 مليار دولار من أموال الشعب الإيراني للنظام، وعدم وجود نية حينها لفرض أي عقوبات ضد النظام مرة أخرى، كان وضع الشعب الإيراني يتراجع للأسوأ، وكانت البطالة والتضخم في ارتفاع. في حين تم رفع معدل الدعم والمساعدات المقدمة إلى مرتزقة النظام في المنطقة، كدعم بشار الأسد لقتل الشعب السوري الأعزل، وازداد التدخل في اليمن ومعدل انتشار الصواريخ البالستية. من ناحية أخرى، ارتفعت معدلات النهب والسرقة، ولا سيما معدل الاختلاسات الفلكية، من قبل كبار مسؤولي النظام وقوات الحرس. لاحظوا أن الشعب قد هتف في تظاهرات 2018 و 2019 بشعارات: (اتركوا سورية في حالها وفكروا في حالنا، لا لغزة ولا لبنان، روحي فداء لإيران) الشخص الذي جسدته هذه السياسة لم يكن سوى قاسم سليماني، أحد أكثر الرجال إجرامًا في التاريخ الإيراني. ولم يكن من المستغرب أبداً احتفال الناس في إيران والمنطقة بهلاكه. لقد أدرك الشعب الإيراني أن عدوه هو نظام الملالي، وأنهم لن يوقفوا الانتفاضة وسيهتفون: عدونا هنا وكذباً قالوا أنه أميركا. * ماذا يعني تفعيل آلية سريان العقوبات التلقائي فيما يتعلق بالاتفاق النووي؟ * لقد أخذ بعين الاعتبار تطبيق آلية تفعيل سريان العقوبات التلقائي في الاتفاق النووي، من أجل حل الخلافات، وتحديداً عندما يخل أحد الأطراف بتعهداته. تطبيق الآلية يعني عودة تطبيق قرارات مجلس الأمن الدولي الستة ضد النظام مجدداً، والتي تم تعليقها بتوقيع الاتفاق النووي. الحقيقة هي كما أكدت مريم رجوي؛ أن تفعيل القرارات الستة لمجلس الأمن الدولي، وإعادة تطبيق العقوبات ضد النظام، هو أمر ضروري بالكامل.