مع تسيد الصورة وثقافة العين، تعاظم دور الفن التشكيلي وأضحى مطالباً بلعب دور أكبر في تناول القضايا التي تتماس مع حياة الإنسان بكل جوانبه، وبات من الضروري أن لا تقتصر مهمته على الإمتاع البصري، كما هو ملاحظ في الأغلب الأعم، فحسب، بل تتعداه للعب دور فعال في نقد الواقع بطريقة جمالية، ومخاطبة المجتمع بجميع فئاته. وفي هذه الآونة، ومع ظهور جائحة كورونا التي يتوجس منها العالم خيفة، هل حدد الفنان التشكيلي العربي موقفه من هذا الواقع، ومن هذه الجائحة؟ وهل يدين من خلال إبداعه ما تطالعنا به الفضائيات من مآسٍ أم أن اللامبالاة والتحجر البؤبؤي المزمن جعلنا لا نشعر بأهمية القضايا الإنسانية؟ وهل يسهم الفن في اقتراح بدائل لعالم يسوده العدل والمساواة والتسامح والحب والسلام وتصبح الأعمال التشكيلية وثيقة تضامن تؤكد أهمية الفنان وحضوره وتفاعله مع كل الأزمات وتقديم حلول من خلال الفن؟ هذه المحاور وغيرها العديد وضعناها أمام الفنان التشكيلي والناشط الثقافي عبدالعظيم محمد الضامن، حيث قال: (نحن في المملكة يتراوح الفن التشكيلي بين الرؤية الجمالية والتراثية والإنسانية، ومن خلال ملتقى المحبة والسلام، الذي أساسه الفن لغة السلام، قمنا بعدة مبادرات إنسانية من خلال الفن، وقد يكون أهمها لوحة المحبة والسلام للتواصل مع شعوب العالم، فهي مشروع لنشر ثقافة المحبة والتسامح بين شعوب العالم، وكان لنا الشرف بعمل عدة لوحات للمساهمة في نشر الوعي المجتمعي، واليوم ونحن نعيش هذه الجائحة ولطالما آثرنا أن نكون خير عونٍ لوطننا وللعالم، بدأنا منذ أول أيام الحجر الصحي بتحويل المرسم لعمل متواصل، ننشر من خلاله رسائل اطمئنان لمجتمعنا ووطننا الغالي، وعزمنا على مزاولة الرسم بشكل يومي، وبعد أسبوع من الحجر الصحي، أدركت أهمية الوقت والتفرغ الفني للفنان، فأصبح المرسم يضمني مع أبنائي نرسم الفرح كل يوم). للأجيال القادمة يواصل الضامن ويقول: (بعد مضى الأسبوع الأول تمخضت فكرة المعرض الشخصي على أن تنطلق فعالياته بعد انقضاء الجائحة ونحن بخير بإذن الله، ويكون نتاج هذه الفترة أعمال مخلدة للزمن وللأجيال القادمة). المتعة البصرية وعن الفنان التشكيلي في الغرب يقول الضامن: (في الغرب هناك فنانون تشكيليون حققوا خلوداً لأعمالهم من خلال مشاركتهم بفنهم في نقد الواقع وإدانته دون الوقوف بإبداعاتهم عند حد تحقيق المتعة البصرية للمتلقي، ولوحة الجورنيكا للفنان الإسباني بابلو بيكاسو ولوحة الصرخة للفنان مونج خير مثال، حيث حققتا خلودهما وفرادتهما للتعبير عن مأساة الإنسان وعن بشاعة الحرب وآلتها المدمرة واقتراح عالم أفضل يسوده السلم والسلام والمحبة والتسامح). الفنان الحقيقي يواصل الضامن ويضيف: (لكن الحقيقة التي أثبتها كثير من الفنانين على مر الزمن هي أن الفن ضرورة من ضرورات الحياة، وأن فلسفة الفن للفن هي فلسفة ليست واقعية، ويتضح لنا أن الفنان الحقيقي يتأثر كثيراً بما يدور حوله من ظروف اجتماعية وسياسية، ويكون ذلك مصدر فنه وإبداعه). السلم والسلام يختم الضامن حديثه ويقول: (ما فعله بيكاسو هو أنه أذاب في لوحته بشاعة الحرب ليدينها ويذكر بقسوة الدمار الذي خلفته، وبقتلها الأبرياء، وحمل لوحته العديد من الرموز التي تحتمل العديد من القراءات والتفسيرات حسب تعدد المتلقين، لكن فكرتها الرئيسة تتمحور حول ما تخلفه الحرب من مآسٍ وفي نفس الوقت حث على السلم والسلام). من أعمال الضامن لوحة الصرخة للفنان مونج