كانت الرؤية قرارًا واعيًا أحدث تغييرًا نوعيًا في الرؤى والأفكار والحقائق والإرادات، وكانت قراءة للحياة على نحو إيجابي قدمت تصورًا صادقًا للحياة الفاعلة ومفهومًا جديدًا للإنسان الفعال، وخلقت تجانسًا رائعًا ما بين قيم الانتماء الديني والوطني وقيم الانفتاح الإنساني.. عندما نقرأ واقعنا اليوم بمنهجية وموضوعية ندرك أننا تجاوزنا النظرة التقليدية للتاريخ والتي كان الزمن يمضي فيها على حساب الواقع والآن حسمت رؤية 2030 هذه الجدلية فوحدت الواقع بالزمن وأصبحنا في طور حضاري جديد. وعند ذلك تملكنا مفردات التفوق وترجمناها إلى سلسلة طويلة من الأفكار والمشروعات والإنجازات المتلاحقة والتي أحدثت نقلة نوعية على مختلف الأصعدة الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والتعليمية والصحية والحضارية والإنسانية واليوم تواصل الرؤية بكل براعة تقدمها بشكل منهجي راسمة ملامح صورة الغد القادم لتفسح المجال للفضائل الاجتماعية والحضارية والإنسانية والتفكير العصري لبناء مجتمع جديد. لقد بات القول إن التقدم يشمل دولًا معينة أو ثقافات ومجتمعات معينة صار شيئًا من الماضي فالتقدم أو انتقال القوة -كما يقول المفكر الأميركي جوزيف صموئيل ناي- من دولة إلى دولة أخرى يعد نمطًا تاريخيًا مألوفًا. فعندما ننظر إلى الرؤية كنظام فكري نجد أنها أحدثت تغييرًا نوعيًا في الذهنية نقلتنا من النظرة التقليدية للتاريخ إلى منهجية العالم الحديث فإذا ما نظرنا اليوم إلى مركزنا ما بين المجتمعات المعاصرة نلاحظ تقدمًا واضحًا ونقلة نوعية على المستوى الاجتماعي والاقتصادي والاستراتيجي والحضاري والإنساني. وبحكم القيمة النوعية لأفكار الرؤية تمكنا بوعي منهجي من الحضور عالميًا والتداخل مع العالم الحديث.. واليوم نستطيع أن نكتب التاريخ بطريقتنا فالثقة بالنفس وقد بلغناها هي كل شيء. لقد كانت الرؤية دفقة الحيوية الهائلة التي انبثقت من ينابيع الأفكار الجديدة التي خلقت لنا وجودًا مجتمعيًا فاعلًا وروابط فكرية وثقافية وحضارية وإنسانية مع العالم.. ولكن كيف يتسنى لنا أن نستوعب الرؤية فكريًا وننظر في نتائجها وأبعادها؟ علينا في البداية أن نستوعبها ذهنيًا وباقتناع وجداني وعقلي وننظر لها بلون الحاضر والمستقبل.. فالرؤية متوجهة نحو غاية واضحة وهي وضع الإنسان السعودي في مصاف المجتمعات المتقدمة ورسم حدود الطموح للجيل الحالي والأجيال التي تأتي. لقد حققت الرؤية بشكل تدريجي نتائج مذهلة على مختلف الأصعدة: الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والتعليمية والصحية والتربوية والتنموية والتقنية والحضارية والإنسانية.. لقد وضعتنا على طريق الحركة المستقبلية وذلك بتحويل المجتمع إلى أفضل المجتمعات الإنسانية وفتحت آفاقًا جديدة للحياة الجديدة. وهنا يأتي دور المثقف الحديث في التوعية بفكرة ومنهج الرؤية تعريفًا وتحليلًا في مختلف الحقول والمناهج والمبادئ والبرامج التي انطلقت منها.. فالرؤية تحاول أن تصل بالمجتمع إلى أعلى مراحل التطور وأرقى المدنيات موجدة عهدًا مثاليًا متوازنًا يجمع ما بين الأصالة والمعاصرة وما بين الحضارة الإنسانية والفضائل المدينة. لقد رسمت الرؤية نظامًا فكريًا مثاليًا استرعى انتباه العالم فعندما نصل الواقع بالزمن فإننا نختزل في أعوام قصيرة ما استغرقته الحضارات الحديثة التي سبقتنا أعوامًا طويلة إذ لم تعد هنالك حدود تستطيع أن تجهض طموحاتنا.. وهنا تتجلى قدرة وكفاءة الرؤية التي أعادت صياغة المجتمع من جديد وكونت رؤية منفتحة على العالم ونقلتنا إلى آفاق القرن الواحد والعشرين. ولذلك كانت الرؤية قرارًا واعيًا أحدث تغييرًا نوعيًا في الرؤى والأفكار والحقائق والإرادات وكانت قراءة للحياة على نحو إيجابي قدمت تصورًا صادقًا للحياة الفاعلة ومفهومًا جديدًا للإنسان الفعال وخلقت تجانسًا رائعًا ما بين قيم الانتماء الديني والوطني وقيم الانفتاح الإنساني. ولذلك كانت الرؤية نقلة كبرى في الزمن السعودي الحديث أفسحت المجال للتقدم التكنولوجي والعلمي والاقتصادي والحضاري لبناء حياة جديدة ذات طابع حضاري وإنساني تقوم على التفرد النوعي. لقد كانت الرؤية نهجًا رصينًا وبداية فعالة لحركة تحول حضاري في التاريخ السعودي الحديث سواء على صعيد بناء المجتمع والتطلعات الجديدة أو التحولات الحضارية والعلاقات الدولية. فقد كانت نقطة تاريخية مفصلية وعنصرًا مهمًا من عناصر الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي تستند على جملة من الثوابت الدينية والوطنية والفكرية وهذا بلا شك يبرهن على مدى انسجام الرؤية مع مجريات الحياة الحقيقية.