عندما نقف على واقع المجتمع السعودي اليوم ندرك حجم النقلة النوعية التي قامت بها رؤية 2030 وأسست لنهج حضاري جديد على قواعد منهجية وموضوعية.. قدمت فيها الرؤية نفسها كمنصة إشعاع حضاري، وخلقت انسجامًا ما بين قيم الانتماء الديني والوطني وقيم الانفتاح الإنساني.. في كتابهما الرائع تحديات القيادة يقول كل من جيمس كوزلس وباربوسنر: ليس هنالك أعظم شيء في الحياة من أن تكون موجودًا لصناعة حياة الناس وبناء مستقبلهم. في حوار محمد بن سلمان مع برنامج 60 دقيقة على شبكة CBS الأميركية تلاقت الفكرة مع الفعل، فالأمير محمد بن سلمان شخصية مفكرة وفعالة، تتملكه رؤية علمية واعية، ويتمتع بقراءة الواقع والحكم على المواقف، فهو - حفظه الله - من أكثر القادة العالميين وعيًا بأهمية الحوار، ومن أكثرهم تمسكًا والتزامًا به، وترجمة هذا الوعي والالتزام بالحوار إلى ممارسة واقعية ليس على المستوى النظري فحسب بل على مستوى الواقع كبديل فعّال في ظل عصر يتسم بالسرعة والتطور والتحول.. واليوم أصبح محمد بن سلمان جزءًا فاعلًا في التاريخ الحديث، فمنذ اللحظة الأولى وضع أنظاره على الغد وأحدث نقلة نوعية في الحياة السعودية الحديثة. فقد كانت تتملكه الأفكار الخلاقة والقدرات الإبداعية والحلول المبتكرة وآليات النجاح، وكان ذلك برهانًا عمليًا على مدى فاعليته وقوة عزيمته، فقد كان في كل مبادراته وتحركاته يصنع تاريخًا جديدًا.. والآن فكر للحظة واحدة كيف كنا وكيف حالنا اليوم، فحين نستعيد السنوات نجد أن كل الإنجازات التي كانت في مستوى الأحلام في أمس قريب صارت اليوم في متناول اليد. لقد أدرك - حفظه الله - الواقع إدراكًا شاملًا وصادقًا، فأحدث تحولًا نوعيًا، أفسح المجال لحياة ذات معنى.. لقد كان هاجس التغيير يلح عليه منذ زمن بعيد، وكان ينادي به كلما وجد فرصة لذلك، وهذا طابع الإنسان الحضاري. واليوم أصبح محركًا للتاريخ، تحرك كطاقة مشعة، وقاد سلسلة من الابتكارات النوعية، ونقل النظريات والتقنيات العالمية، وفعلها في جذر التطوير، وأحدث ظروفًا ملائمة للنقلات النوعية التي كانت بمثابة الحقل الذي أنبت الأفكار الجديدة، وقدم تصويرًا صادقًا للحياة الفاعلة. لهذا كله يريدنا - حفظه الله - أن نتكيف مع ثمار الحضارة وتقنياتها، ونتفاعل معها بمنطقية، كما يريد أن ينقلنا من الدولة التي تسعى إلى التطور إلى الدولة التي تصون التطور بل وتصنع أسباب التطور.. هذه النقلة الحضارية حققت تمدنًا وتحولًا اجتماعيًا واقتصاديًا باهرًا، تجاوزت حجم الإنجاز إلى حجم الطموح. وهذا يؤكد على أننا قد وصلنا إلى النقطة التي نقول عندها: إن مجتمعنا آخذ في التقدم، يضيف كل يوم جديدًا من العلم والمعرفة والتقدم، لا يلتفت إلى الوراء إلا ليرى أين كانت البدايات. في هذا المنعطف من حياتنا جاءت رؤية 2030 تنقلنا إلى الواقع الحاضر مركزة بوضوح على ما نرغب فيه حقًا.. وهنا تتجلى قدرة وكفاءة برنامج التحول الوطني، ورؤية 2030 التي أكدت على سلامة وجهتنا الحضارية، وأعادت صياغة المجتمع من جديد، ونقلتنا إلى حركة وآفاق القرن الواحد والعشرين. ولذلك كانت الرؤية نقلة كبرى في الزمن السعودي الحديث أفسحت المجال للتقدم التكنولوجي والعلمي والاقتصادي لبناء حياة جديدة ذات طابع تجريبي تقوم على اليقظة الحضارية والتفرد النوعي. فقد كانت الرؤية نهجًا رصينًا وبداية فعّالة لحركة تحول حضاري في التاريخ السعودي الحديث سواء على صعيد بناء المجتمع والتطلعات الجديدة أو التحولات الحضارية والعلاقات الدولية.. وكانت نقطة تاريخية مفصلية وعنصرًا مهمًا من عناصر الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي والفكري، تستند على جملة من الثوابت الدينية والوطنية والفكرية، وهذا بلا شك يبرهن على مدى انسجام الرؤية مع مجريات الحياة الحقيقية وتحولها إلى واقع جديد. فعندما نقف على واقع المجتمع السعودي اليوم ندرك حجم النقلة النوعية التي قامت بها رؤية 2030، وأسست لنهج حضاري جديد على قواعد منهجية وموضوعية.. قدمت فيها الرؤية نفسها كمنصة إشعاع حضاري، وخلقت انسجامًا ما بين قيم الانتماء الديني والوطني وقيم الانفتاح الإنساني، تحولت فيه العلاقة ما بين التقليد والحداثة إلى تفاعل خلاق. فقد طرحت الرؤية مفهومًا جديدًا للإنسان الجديد والمتطور والمفكر والفعال، وأثّرت تأثيرًا عميقًا في الوعي المجتمعي وبالذات الجيل الحالي، وأعادت صياغة المجتمع من جديد، وأكدت سلامة الوجهة الحضارية، وكانت بداية مهمة لحركة تحول حضاري في التاريخ السعودي الحديث.. ولذلك جاءت الرؤية في أوانها لترسم ملامح صورتنا الحقيقية، ولذلك لا ينبغي فهمنا في سياقنا القديم فحسب وإنما في سياقنا القديم والجديد.. ولذلك لابد من الاعتراف بأن الرؤية أعادت المجتمع إلى مجرى الحياة الحقيقي داخل حدود الواقع. فقد كان التزام محمد بن سلمان - حفظه الله - بالإصلاح الحضاري كركن أساسي لكل الحياة العامة وتكريس هذا الالتزام على مختلف الأصعدة الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والعلمية مستهدفًا بذلك وضع الإنسان السعودي في مصاف أرقى المجتمعات البشرية له دلالة كبيرة في التاريخ السعودي الحديث، فقد أراد - حفظه الله - أن يعبر بمجتمع كامل إلى آفاق العصر الجديد. وكان يريد لهذا المجتمع أن يختزل في سنوات قصيرة ما استغرق الحضارة الحديثة التي سبقتنا أعوامًا طويلة، فهذه التحولات السريعة والنقلة الحضارية إنجاز فريد بكل المقاييس، حققتا تمدنًا وتحولًا اجتماعيًا باهرًا، فجميع المراقبين مجمعون على أن التوسع الذي تشهده المملكة في القطاعين الاقتصادي والاجتماعي هو طفرة كبرى بكل المقاييس، وهنا تتجلى رؤية 2030 التي غيرت أشكال الحياة.