في تطور لافت وصادم لمليشيات الحوثي الإرهابية المدعومة من إيران، كشف أحد كبار المشايخ بمحافظة البيضاء اليمنية، عن اتفاق جرى خلال الأيام القليلة الماضية، مع أغلب زعماء ومشائخ قبائل البيضاء للقتال ضد المليشيا وتحرير المحافظة من ظلم وجرائم المشرفين الحوثيين على خلفية تجاوزاتهم وجرائمهم، وأمهل قيادة المليشيا 3 أيام لرفع طغاتهم. ودعا الشيخ القبلي ياسر العواضي، مساء الأربعاء، القبائل إلى رفع الجاهزية والاستعداد لأي طارئ والجهوزية القبلية لمواجهة مليشيات الحوثي، بعد أن وصلت ممارسات عناصرها مرحلة لا يمكن تحمّلها. وجاءت دعوة الشيخ العواضي بعد فشل الوساطة القبلية في إنهاء التوتر المتصاعد بين القبائل والميليشيات الحوثية، في المديريات والمناطق الواقعة تحت سيطرتها في محافظة البيضاء، إثر تصاعد جرائم العيب الأسود بحق أبناء القبائل وتزايد الانتهاكات والممارسات المُهينة. وتعهد بقتال الحوثيين، داعيا من تبقى من "مشايخ البيضاء ورجالها من كل الأطراف للجهوزية العالية ابتداءً من مساء الأربعاء، مؤكداً أن ما حدث لأحد نساء البيضاء (بنت الأصبحي) من قبل أحد المشرفين الحوثيين يمثل انتهاك للعرض والشرف، وسيحدث مع بقية نساء قبائل البيضاء". وشدد على الاستعداد الكامل من جانب قبائل البيضاء، وعدم الركون للوساطة والمهلة" مشيراً إلى أن قادة ومشرفي جماعة الحوثي معروف عنهم الغدر" داعياً أبناء المحافظة إلى تلبية النداء و"الفزعة القبلية". وتمثل"الفزعة القبلية" من أهم أعراف وتقاليد وعادات قبائل البيضاء اليمنية، وهي داعي قبلي يستخدم في حال تعرضت القبيلة للتهديد، وتلتف حوله قبائل تجمعها أهداف وعادات وأصول ومصالح وقيم مشتركة لمواجهة خصم مشترك ارتكب من الأخطاء والجرائم ما يتوجب مواجهته، مثل العيب الأسود، وهتك العرض، وغيرها من الكبائر في العرف القبلي، فيما تقول قبائل البيضاء إن ميليشيات الحوثي ارتكبت كل هذه الكبائر والعيوب السوداء. ويعد العواضي من زعماء قبائل البيضاء وأحد أبرز مشايخ قبيلة "آل عواض" في منطقة ردمان الواقعة تحت سيطرة المليشيا، وكان أحد أبرز الوجاهات القبلية المقربة من الرئيس صالح. وبعد أيام من إقدام الحوثي على تصفية الرئيس السابق علي صالح بتوجيهات من زعيم الجماعة، فشلت المليشيا في فرض الإقامة الجبرية على العواضي في منزله بصنعاء، خوفا من ردود فعل "قبائل آل عواض والبيضاء" التي تمكنت من ممارسة ضغوط قبلية كبيرة أجبرت الحوثيين على رفع الحصار المفروض عليه، ليغادر صنعاء في ديسمبر 2017، متجها إلى مسقط رأسه في قبيلة آل عواض حيث يقيم حاليا بمحافظة البيضاء. وقال الشيخ العواضي في بيان أصدره مساء الأربعاء "إن مشرفي جماعة الحوثي في محافظة البيضاء قد بغوا وهتكوا الأعراض واغتصبوا الأرض وأهانوا أهلها، وهدموا بيوتهم". وقدم في بيانه سردا سريعا تضمن آخر جرائم الميليشيا بحق أبناء وقبائل محافظة البيضاء قائلا "آخر جريمة ارتكبها مشرفو الحوثي، جريمة هجم الدمن وهتك العرض في الطفة، وقتل بنت الأصبحي في هذا الشهر المبارك والحرام في رابعة النهار، جريمة يندى لها الجبين، ووصمة عار في جباه فأعلينها، ووصمة عار في جبيننا جميعا وإن سكتنا فلا بارك الله فينا". وتتمتع محافظة البيضاء بموقع استراتيجي نوعي، إذ تتشارك حدودها مع 8 محافظات يمنية مهمة، هي ذمار ومأربوصنعاء وإب، وشبوة الغنية بالنفط، إضافة إلى محافظات أبين ولحج والضالع، كما أنها وخلافا لباقي المحافظات اليمنية ال22 تمتلك بوابات مع 5 أقاليم من أصل 6 من المقرر تطبيقها في شكل الدولة الاتحادية التي أقرتها مخرجات مؤتمر الحوار الوطني. ويقول محللون يمنيون "طالما شكلت قبائل البيضاء اليمنية هاجسا تأريخيا للأنظمة الإمامية ذات النزعة الطائفية المتجسدة نسختها الحديثة في مليشيات الحوثي التي تشكل امتدادا للنزعة الطائفية المتصلة بالمشروع الإيراني". وهاهي قبائل البيضاء تستيقظ مجددا لتشكل كابوسا للنسخة الطائفية الحوثية وزعيمها عبدالملك الحوثي الذي ما إن اجتاحت ميليشياته العاصمة اليمنية صنعاء في سبتمبر 2014 حتى عبر صراحة عن خوفه من يقظة قبائلها، حيث طالب من المبعوث الأممي الأسبق لدى اليمن، جمال بن عمر تخصيص بندا في اتفاقية "السلم والشراكة" يمنع قبائل البيضاء من استهداف المليشيا، ثم سارع لحشد كل ما نهب من مخازن الجيش والحرس الجمهوري اليمني ووجه مليشياته بعد أيام فقط من اجتياحها للعاصمة صنعاء، وقبل تدخل التحالف العربي لشن عملية عسكرية واسعة للسيطرة على البيضاء، في محاولة لإخماد القبائل، لكنها فشلت واضطرت حينها لعقد اتفاقيات معها، تعهدت بموجبها بعدم استهداف القبائل لكنها نكثت عهودها كما هي عادتها. ومن شأن أي اندلاع للمواجهات بين قبائل البيضاء اليمنية ومليشيات الحوثي الإرهابية، أن يشكل تحولا كبيرا وشاملا في المعادلة العسكرية على مستوى المعركة الكلية ضد المليشيا في عموم الجبهات العسكرية، نظرا للشراسة القتالية التي تتسم بها قبائل البيضاء وصلابتها الجغرافية، إضافة إلى أن المحافظة تشكل بوابة للعاصمة صنعاء وذمار وإب.